محمد العبد الله – حرية برس:
تمكن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان من الفوز بالانتخابات الرئاسية التي جرت في الرابع والعشرين من حزيران الحالي، ما فتح الباب للتساؤل حول احتمال تغيير أردوغان لسياسته تجاه سوريا بعد أن ضمن بقائه في الحكم لسنوات، ولاسيما فيما يتعلق بموقفه من نظام الأسد، اضافةً إلى عملياته العسكرية في سوريا، فضلاً عن مصير اللاجئين في تركيا.
وأكد أردوغان في كلمة ألقاها بعد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، أن “بلاده ستواصل تحرير الأراضي السورية حتى يتسنى للاجئين العودة لوطنهم بأمان”، مشيراً الى أن “تركيا ستتحرك بشكل أكثر حسماً ضد المنظمات الإرهابية في سوريا حتى تتحرر الأراضي بشكل كامل”.
ما مصير اللاجئين في تركيا؟
ويعتبر مستقبل اللاجئين السوريين في تركيا الهم الأكبر الذي يشغل بال السوريين، وقال عضو تجمع المحامين السوريين الأحرار حسام السرحان لحرية برس: إن “موضوع إعادة اللاجئين السوريين إلى بلادهم غير وارد على المدى المنظور”.
وأضاف السرحان “من الناحية القانونية نحن الآن موجودون في تركيا بموجب قانون صادر عن وزارة الداخلية التركية (قانون الحماية المؤقتة)، وتستطيع الدولة التركية إعادة السوريين لبلدهم في حال انتهت الحرب في سوريا وتوفر الأمان، ولم يعد هناك أي خطر على حياتهم، عندها تستطيع تركيا اتخاذ قرار بعودة من هم تحت قانون الحماية المؤقتة، لكن عوامل الأمن والأمان غير متوفرة في سوريا حتى الآن، وبالتالي لا يمكن إعادتهم خلال الفترة الراهنة”.
كذلك يرى الباحث في الشأن التركي محمد خورشيد، أن “ادلب لا تزال تعيش حالة من التوتر في ظل تواجد هيئة تحرير الشام ضمنها واستمرار القصف، كما أن مناطق درع الفرات لا تزال غير مستقرة كلياً وتشهد تفجيرات بين الفينة والأخرى، وكان آخرها تفجير عفرين قبل أيام، لذلك فإن تركيا لا تستطيع إعادة السوريين في ظل عدم استقرار الوضع الأمني”.
وأضاف خورشيد في حديث لحرية برس أنه “في حال قررت تركيا إعادة السوريين إلى بلدهم، فإن ذلك قد يشمل المقيمين في المخيمات داخل تركيا فقط، أما من يعمل ويعيش في المدن التركية، فلا أعتقد أن القرار سيشمله، وممكن أن تدعو تركيا من في المدن للعودة بشكل طوعي، لكنها لن تجبرهم أو تمارس ضغوط عليهم للعودة”.
وأشار خورشيد إلى أن “تركيا قد تتحفظ نوعاً ما في موضوع منح الجنسيات للسوريين وتحصرها بأشخاص محددين، وذلك كمحاولة من أردوغان عبر حزبه الحاكم (العدالة والتنمية)، مراعاة موقف الشريك الحليف في تحالف الشعب ألا وهو حزب الحركة القومية، الذي يرفض تجنيس اللاجئين”.
هل يتغير موقف أردوغان من الأسد؟
موقف تركيا من رئيس النظام السوري بشار الأسد يعتبر مسألة جوهرية لا بد من طرحها بعد فوز أردوغان، والذي شدد دائماً على أن الأسد “إرهابي”، ولا يمكنه أن يكون جزءاً من الحل السياسي في سوريا.
وفي هذا الصدد قال الصحفي نورس العرفي لحرية برس: “الموقف التركي من نظام الأسد والمتمثل بالرئيس أردوغان وحزبه الحاكم (العدالة والتنمية)، كان واضحاً منذ بداية الثورة السورية، وهذا الموقف لم يتغير، ولن يتغير بعد نجاح الرئيس أردوغان؛ بل على العكس تماماً أتوقع بعد سريان النظام الرئاسي أن ذلك الموقف سيزداد تصلباً، فلا يمكن أن تقبل الرئاسة التركية أن تعود العلاقات مع نظام مجرم قتل شعبه وهجّره”.
في حين قال المتحدث الرسمي باسم المجلس الأعلى للعشائر والقبائل السورية مضر حماد الأسعد لحرية برس: إن “أردوغان لن يغيّر موقفه من الأسد إلا إذا انتهى ما يجري في سوريا بشكل كامل، وتحققت مطالب الشعب السوري برحيل هذا النظام المجرم، عندها ستسعى تركيا الى إعادة علاقاتها مع النظام الجديد الذي سيتولى حكم سوريا، ويحقق مطالب الشعب السوري في الحرية والكرامة”.
ادلب وشرق الفرات على رأس أجندة تركيا
أما فيما يخص توجهات تركيا العسكرية في سوريا خلال الفترة القادمة، أوضح مضر الأسعد، أن “تركيا تخطط في مسارين: إدلب وشرق الفرات، ففيما يخص إدلب فإن تركيا سيكون لها موقف متشدد تجاه إدلب، وسيتم تفكيك هيئة تحرير الشام والاشراف عليها، بهدف منع حدوث مجازر أو تصعيد عسكري”.
كما يرى الصحفي نورس العرفي أن “ادلب خط أحمر على نظام الأسد، ولا سيما بعد تمركز نقاط مراقبة تركية في إدلب وريف حلب، حيث أن تركيا تعلم أهمية إدلب التي أصبحت تعج بالثوار والمعارضين لنظام الأسد، فلن تسمح بأن يسيطر النظام عليها، أما أمر تحرير الشام فهو شائك، لكن لا أعتقد أن تركيا ستقاتل الهيئة وخاصةً مع وجود خطر نظام الأسد الذي يحاول التقدم بأرياف حماة”.
وعقب الاتفاق بين أنقرة وواشنطن بشأن مدينة منبج، قال الرئيس أردوغان: إن “الدور قد جاء على المناطق السورية المحاذية لولاية شانلي أورفة التركية” في إشارة إلى مدينة تل أبيض ومحافظة الرقة التي تسيطر عليها ميليشيا “الوحدات الكردية”.
وأوضح مضر الأسعد أنه “سيكون هناك تفاهماً بين تركيا وأميركا لإنهاء وجود قوات قسد وPYD في جميع المدن والبلدات المتواجدة على الحدود السورية التركية بعمق 30 كم، ولا سيما تل أبيض، القحطانية، القامشلي، الدرباسية، ورأس العين”.
وأشار الأسعد إلى أن “التفاهم بين أنقرة وواشنطن لإنهاء وجود الوحدات الكردية شرق الفرات، سيجعل تلك المنطقة آمنة، ما يساهم في عودة اللاجئين والنازحين، خاصةً أن مناطق الرقة والحسكة يوجد منها حوالي مليون ونصف لاجئ في تركيا”.
وأكد الأسعد، أنه “جرت اجتماعات متعددة بين قيادات عشائرية ومدنية وعسكرية من أبناء منبج وتل رفعت والرقة والحسكة مع القيادة التركية، بشأن التفاهم حول المرحلة القادمة، وتكثيف الجهود للدخول إلى تلك المناطق مع الجيش التركي لإدارتها من أبنائها حصراً، وطرد الوحدات الكردية منها”.
وتابع قائلاً: “حالياً يتم تدريب شباب منطقة الجزيرة والفرات (شرطة وجيش ودفاع مدني وإدارة مدنية)، من أجل الإشراف وإدارة مناطق شرقي الفرات، بعد إخراج قوات قسد وميليشيا الـ pyd في الفترة القادمة، من خلال الاتفاقات التي جرت أو التي ستجري لاحقاً بين تركيا وأمريكا”.
بينما يرى نورس العرفي أن “مسألة السيطرة على منبج أصبحت مسألة وقت إن وفت أمريكا بوعودها لتركيا، أما شرق الفرات فله حسابات أخرى بسبب كثرة الأطراف المتصارعة بتلك المنطقة، وخاصةً بوجود إيران، لذلك لا أتوقع الحديث عن شرق الفرات حالياً وخاصة بوجود تنظيم الدولة الذي ما تزال الميليشيات الكردية تقاتلها هناك، لذا على المدى المنظور لا يوجد حديث عن تلك المنطقة إلا بعد طرد تنظيم الدولة منها”.
Sorry Comments are closed