الأمثال الشعبية للمأساة السورية – “آخر بيعة”

معاذ عبد الرحمن الدرويش25 يونيو 2018آخر تحديث :
معاذ عبد الرحمن الدرويش

قبيل المغرب بقليل لم يتبق على عربة الخضار إلا القليل من الخيار البلدي، وراح البائع ينادي ويرنم بصوته “آخر بيعة… آخر بيعة… أحلى خيار بلدي …”.

لم يصل البائع “المعتر” إلى بيته، إلا و كانت دورية المخابرات تطوق البيت، وسحبوه بالضرب والركل بعد أن كسروا عربة الخضار، فالبائع المسكين لم يكن على دراية أن اليوم كان يوم بيعة الرئيس المجرم حافظ الأسد، واعتبرت المخابرات أن نداءه كان ملغوزاً ومقصوداً ، المهم أن البائع دفع ثمن تلك الجملة العفوية، أن بقي في ضيافة المخابرات السورية لأكثر من عشرة أيام، وخرج بعدها محمولاً لأنه لم يكن قادراً أن يقف على قدميه من شدة الضرب و التعذيب.

على الرغم من العداء الشديد من نظام الأسد للدين الإسلامي، ومحاربته للإسلام والمسلمين، ورغم أن نظام البيعة هو بالأساس نظام سياسي اختصت به الدولة الإسلامية، منذ دولة الخلافة الراشدة، إلا أن نظام الأسد العلماني اعتمده كمصطلح شكلي بديل عن الانتخابات الديمقراطية، كونه كان يحقق مصالح النظام وبأقل التكاليف.

هذا ما يخص ديمقراطية انتخاب الرئيس، أما فيما يخص انتخابات مجلس الشعب السوري، فكانت ديمقراطية وحرة بكل ما تعني الكلمة، لكن بعد أن ينتهي فرز الأصوات، لا بد من انتظار وصول صناديق انتخابات البادية، وبما أن البادية بعيدة والقرى متناثرة هنا وهناك ونظام الأسد حريص على صوت كل مواطن سوري حتى لو كان في أقصى الحماد، يفعل المستحيل من أجل أن يشارك كل مواطن سوري أهله بعرس الديمقراطية.

وفي كل عام تتأخر صناديق البادية لعدة ساعات، لكنها تصل في نهاية المطاف.

طبعاً حقيقة الصناديق تكون قريبة في إحدى أفرع المخابرات، وتتأخر ريثما تجهز أوراق التصويت لكي يعدلوا كفة الأصوات لكل المرشحين والناجحين أساساً قبل انطلاق مهرجان المسخرة الإنتخابية.

هذه ديمقراطية الأسد الأب، أما ديمقراطية الأسد الابن، فإنه وجد أن الصناديق صغيرة على نظام “دم قراطيته” التي جهزها للشعب السوري، فاخترع البراميل، وإذا كان والده مرشحاً وحيداً في الساحة السورية، فإنه أعطى خياراً بديلاً عنه للشعب السوري، حين أطلق شعار “الأسد أو نحرق البلد”.

لكن من عجائب القدر أن مقولة البائع “آخر بيعة” تحققت وكانت بالفعل آخر بيعة للمقبور حافظ.
التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

    عاجل