ياسر محمد – حرية برس
تنطلق غداً الأحد في الرابع والعشرين من حزيران أهم انتخابات في تاريخ تركيا الحديث، والتي تشمل انتخاب رئيس الجمهورية والبرلمان، وتأتي أهميتها الاستثنائية من كونها ستمنح الرئيس القادم صلاحيات غير مسبوقة بعد موافقة البرلمان العام الماضي على إقرار نظام رئاسي بدل النظام البرلماني الحالي في تركيا.
ويتنافس في الانتخابات الرئاسية ستة مرشحين، بينهم امرأة واحدة، يمثلون مختلف الأحزاب والتيارات التقليدية في تركيا، بينهم ثلاثة بارزون هم الرئيس الحالي رجب طيب أردوغان (رئيس حزب العدالة والتنمية الحاكم)، ومحرم إنجة (مرشح حزب الشعب الجمهوري) أكبر أحزاب المعارضة، وميرال أكشنار (مرشحة ورئيسة الحزب الجيد أو الصالح)، فيما رشح (حزب الشعوب الديمقراطي ذو الغالبية الكردية) رئيسه المشارك صلاح الدين ديميرطاش لخوض هذه الانتخابات علما أنه موقوف على خلفية اتهامه بقضايا تمس أمن الدولة منذ نحو عام ونصف، كما يخوض الانتخابات بحظوظ أقل رئيس ومرشح (حزب السعادة) تمل قره ملا أوغلو، ودوغو برينجيك (رئيس حزب الوطن).
اللافت في تصريحات وحملات المرشحين – خصوصا الأقوياء منهم- إقحام اللاجئين السوريين في تركيا واستخدامهم كورقة انتخابية رابحة ومرجحة!..
فمع اقتراب موعد الحسم وتوجه الناخبين إلى الصناديق صباح غد الأحد، صعّد مرشحو المعارضة الرئيسيون لهجة الخطاب تجاه السوريين، مؤكدين بحسم أن أول أولوياتهم –إن نجحوا- هو طرد جميع السوريين من تركيا، بل وإعادة العلاقات على أعلى مستوى مع نظام الأسد.
محرم إنجة، المرشح الرئاسي عن حزب الشعب الجمهوري المعارض، وأبرز منافسي الرئيس الحالي، قال في لقاء جماهيري أمس الجمعة، إنه سيعين سفيرا لبلاده في سوريا، وسيُعيد اللاجئين السوريين إلى بلادهم في حال انتخابه رئيسا.
وأوضح إنجة “سنضع خطة خاصة بسوريا خلال أسبوع واحد، وسنعين سفيرا لتركيا لدى سوريا خلال المئة يوم الأولى بعد انتخابي”.
وأضاف إنجة أنه سيتبع سياسة تعتمد على السلام في تركيا والعالم، وأنه سيقوم في إطار هذه السياسة بإعادة أربعة ملايين لاجئ سوري من تركيا إلى بلدهم “بالطبل والزمر”.
وعلى خطا حليفها في المعارضة، جددت ميرال أكشنار، مرشّحة (حزب الجيد المعارض) للانتخابات الرئاسية، تأكيدها على أنها ستعيد اللاجئين السوريين إلى بلادهم، حال فوزها بالانتخابات المقررة غداً الأحد.
جاء ذلك في كلمة ألقتها أكشنار أمام تجمّع جماهيري انتخابي في إسطنبول، قبل يومين من الانتخابات الرئاسية والبرلمانية بالبلاد.
وقالت أكشنار: “أول عمل سأقوم به حال فوزي بالانتخابات، هو تحسين العلاقات مع سوريا (نظام الأسد)، وإعادة أشقائنا السوريين إلى بلادهم حتى يكونوا سعداء فيها”!!.
وتابعت “هناك 4 ملايين لاجئ سوري في بلادنا، أُنفق عليهم 150 مليار ليرة تركية (نحو 32 مليار دولار)، وهذا المبلغ كم يعادل من المصانع والطرق والجسور والأنفاق؟”..
وسبق لأكشنار وإنجة أن تعهّدا، في أكثر من مناسبة خلال حزيران الجاري، بإعادة اللاجئين السوريين الذين تستضيفهم تركيا إلى بلادهم حال فوزهم بالانتخابات.
وفيما لم ترصد وسائل الإعلام تصريحات تذكر على لسان المرشحين “ديميرطاش ووقره ملا أوغلو” بخصوص اللاجئين السوريين، فقد سبق وأكد المرشح الأضعف رئيس (حزب الوطن) دوغو برينجيك أنه حال فوزه في الانتخابات سيرسل طائرة خاصة لرئيس النظام السوري بشار الأسد ويستقبله بنفسه في مطار أنقرة!..
وعلى وقع هذه التصريحات التي تتعالى وتؤثر في المجتمع المضيف، يعيش السوريون في تركيا حالة من الترقب والقلق العميقين، في ظل استقرارهم النسبي في تركيا وعدم وجود بدائل تستوعبهم أو تستوعب بعضهم حتى، وزاد نقل خاطئ لتصريح للرئيس الحالي والمرشح الأوفر حظا لحسم الانتخابات في جولتها الأولى، رجب طيب أردوغان، من مخاوف السوريين، إذ نُقل عن الرئيس أردوغان قوله إنه بعد الانتخابات سيسعى لإعادة السوريين إلى بلادهم، بينما قصد أردوغان العودة الطوعية بعد تهيئة ظروف مناسبة، وقال في كلامه حرفيا: “نسعى بعد الانتخابات مباشرة إلى إحلال الأمن في كل الأراضي السورية بداية من المناطق القريبة من حدودنا ولتسهيل عودة ضيوفنا إلى ديارهم”، مستشهدا بعودة نحو 200 ألف سوري طوعا من تركيا إلى مناطق “درع الفرات” وعفرين شمال حلب بعد استتباب الأمر فيها للمعارضة بمساندة تركية.
ويقيم نحو ثلاثة ملايين ونصف المليون لاجئ سوري في تركيا، حصل قرابة ستون ألفا منهم على الجنسية التركية في العامين الأخيرين، إلا أنهم (المجنسون) لم يسلموا من وعيد مرشحي المعارضة الذين قالوا إنهم سيعملون على سحب الجنسية منهم، مع تأكيد خبراء قانونيين على صعوبة الأمر.
Sorry Comments are closed