لا يزال ملف الجنوب يتصدر واجهة التطورات السورية بما يُثيره من تصريحات متضاربة ولقاءات مكثفة بين القوى الإقليمية والدولية للتوّصل إلى تنسيق حول مصير المنطقة، التي تشهد توتراً كبيراً في الآونة الأخيرة بين الاحتلال الإسرائيلي من جهة، وإيران من جهة أخرى.
وشهدت الساعات الماضية تطورات كبيرة بما يخص الجنوب السوري، بينها تهديد أمريكي بالرد على أي انتهاك قد يقدم عليه نظام الأسد، قابلته مباحثات روسية إسرائيلية لبحث التنسيق في المنطقة.
وتترجم التهديدات الأمريكية بفشل المفاوضات التي تدور بين روسيا وأمريكا والاحتلال الإسرائيلي، خاصةً بعد ربط ملف الجنوب بقاعدة التنف وتأكيد نظام الأسد على بقاء المليشيات الإيرانية في سوريا.
ويستحوذ الجنوب السوري على المشهد الميداني لسوريا حالياً، خاصةً بعد استقدام قوات الأسد تعزيزات إلى محيط محافظة القنيطرة وبعض المناطق في درعا.
وكان نظام الأسد قد نشر أنظمة الدفاع الجوي “بانتسير-1” على خط ترسيم قواته مع قوات الاحتلال الإسرائيلي في هضبة الجولان المحتل في إطار الاستعداد لعملية هجومية واسعة النطاق لقوات الأسد في جنوب سوريا.
غموض حول مصير المنطقة
هددت وزارة الخارجية الأمريكية، بأن الولايات المتحدة ستتخذ ”إجراءات حازمة وملائمة“ رداً على انتهاكات حكومة نظام الأسد في منطقة خفض التصعيد جنوب سوريا التي ستنذر باتساع الصراع، مؤكدة أن ترتيبات وقف إطلاق النار واتفاق خفض التصعيد تهدف لإنقاذ الأرواح وتهيئة الظروف للنازحين للعودة إلى وطنهم سالمين، وأنه ”ينبغي الاستمرار في تطبيق واحترام وقف إطلاق النار“.
وجاء بيان الخارجية بعد أن قال أفراد من المعارضة وبعض المدنيين إن طائرات حربية تابعة لنظام الأسد شنّت ضربات جوية على مناطق تسيطر عليها المعارضة الجنوب السوري في مارس/آذار الماضي، وذلك في أول هجوم جوي بالمنطقة منذ إعلانها إحدى مناطق ”خفض تصعيد“.
وأتى البيان أيضاً، رداً على ما قاله رئيس النظام بشار الأسد فيي مقابلة له مع قناة العالم الإخبارية الإيرانية، يوم الأربعاء، إن نظامه لا يزال يسعى لحل سياسي في جنوب سوريا الذي تسيطر عليه المعارضة، مؤكداً أنه سيلجأ للقوة العسكرية إذا فشلت الجهود بهذا الصدد.
عقب التهديدات الأمريكية، استشهد عدد من المدنيين وأصيب آخرون بجروح، في أول أيام عيد الفطر بقصف مدفعي لقوات نظام الأسد استهدف كل من مدينة الحارة وبلدة عقربا بريف درعا الشمالي الغربي، مناطق خفض التصعيد.
وأرسل رئيس النظام بشار الأسد، وزير دفاعه ’’علي عبد الله أيوب‘‘ إلى المنطقة الجنوبية في سوريا لتفقد القوات العاملة فيها، حيث جاءت زيارة الوزير مع توتر تعيشه الجبهات الشمالية لدرعا فرضه قصف مدفعي وصاروخي على مدينة الحارة والمناطق المحيطة بها، وبعد أيام من مقابلة للأسد التي قال فيها “بعد تحرير الغوطة سيكون التوجه إلى الجنوب، وكان هناك خياران إما المصالحة أو التحرير بالقوة”.
محادثات للتنسيق
أعلن الكرملين أن الرئيس الروسي ’’فلاديمير بوتين‘‘، ورئيس وزراء حكومة الاحتلال الإسرائيلي ’’بنيامين نتنياهو‘‘ بحثا هاتفياً الوضع في سوريا واتفقا على تعزيز التنسيق، بما في ذلك محاربة الإرهاب.
من جهته، قال وزير الدفاع بحكومة الاحتلال الإسرائيلي ’’أفيغدور ليبرمان‘‘، إنه لا توجد قوات إيرانية أو تابعة لحزب الله اللبناني في جنوب سوريا، مؤكداً أنه من الممكن أن يتواجد بضع عشرات ممن يسمونهم بالمستشارين، لكن لا يوجد هناك أي عسكريين”.
وأضاف وزير الدفاع بحكومة الاحتلال، أن “المطلب الإسرائيلي في المسألة السورية واضح تماماً، وهو إبعاد حزب الله وإيران بالكامل عن الأراضي السورية”.
وأشار ’’ليبرمان‘‘ إلى أن ’’منظومة الدفاع الجوي للنظام السوري لا تثير أي قلق لدى إسرائيل‘‘، مؤكداً أنه “نعرف كيف يمكن التغلب عليها، ونأمل بأن لا نضطر إلى ضرب هذه المنظومات، ونسعى حقاً لتحقيق شيء واحد وهو ضمان الأمن والحياة الهادئة لمواطنينا، متأملاً بألا يكون هناك أي تصعيد للنزاع”.
وبدأ قائد الشرطة العسكرية الروسية الجنرال ’’فلاديمير إيفانوفسكي‘‘، زيارة لم يعلن عن مدتها إلى “إسرائيل” لبحث التطورات في سوريا، لإجراء محادثات مع ضباط كبار من جيش الاحتلال الإسرائيلي، هدفها إبعاد القوات الإيرانية عن هضبة الجولان.
وبدا واضحاً التغير في الخطاب التصعيدي للاحتلال الإسرائيلي، بعد التطمينات الروسية في ظل تراجع حدة التهديد بشنّ عملية عسكرية جنوب سوريا، والتحذير الأمريكي، لنظام الأسد بأن شن أي عملية عسكرية سيلاقي رداً مناسباً.
وسبق أن حذرت الولايات المتحدة الأمريكية نظام الأسد من أنها ستتخذ إجراءات صارمة رداً على انتهاك وقف إطلاق النار في جنوب سوريا – منطقة خفض التصعيد – بعد ورود تقارير عن عملية عسكرية وشيكة للنظام في درعا والقنيطرة.
كما أن التنسيق بين روسيا والولايات المتحدة سيضمن انسحاب القوات الإيرانية من سوريا، كما قال أحد المسؤولين في حكومة الاحتلال الإسرائيلي، “حتى لو تطلب الأمر بعض الوقت، وحتى لو كان ذلك يعني إعادة بسط سيطرة الأسد على حدود الجولان، ففي نهاية هذه المحادثات سيتم إزالة التهديد الإيراني من سوريا‘‘.
ويريد الاحتلال الإسرائيلي إخراج هذه القوات من كل الأراضي السورية لكنه يشعر بقلق على وجه الخصوص من وجود هذه القوات قرب حدودها، حيث نفذت عدداً من الضربات الجوية مستهدفة إياها، وتعتبر “إسرائيل” إيران أكبر تهديد خارجي لأمنها بينما تنظر إلى مليشيا حزب الله على أنه أكبر خطر على حدودها.
Sorry Comments are closed