ياسر محمد – حرية برس
تتصاعد حدة التوتر السياسي – الطائفي في لبنان على خلفية الدعوة إلى تسريع إعادة نحو مليون لاجئ سوري في لبنان إلى بلدهم قبل إنضاج عملية سياسية تضمن أمنهم جزئيا، ما يعني تسليمهم لنظام الأسد الذي لم يتردد في إعدام أو اعتقال لاجئين تم إعادتهم قسرا إلى سوريا من عدة بلدان منها لبنان في أوقات سابقة.
ويتزعم رئيس الجمهورية ميشال عون، وصهره جبران باسيل المكلف بتسيير شؤون وزارة الخارجية، تيار الداعين بشدة إلى طرد اللاجئين السوريين في لبنان محملينهم كل الانتكاسات والمعاناة الاقتصادية والأمنية التي يعانيها البلد الصغير المنقسم حزبيا وطائفيا بحدة.
كرت أحمر للاجئي عرسال
مصادر شبكة الجزيرة قالت إن أكثر من ثلاثة آلاف لاجئ سوري لمغادرة بلدة عرسال اللبنانية والعودة إلى قراهم في منطقة القلمون في ريف دمشق الغربي، حيث سجل الأمن العام اللبناني أسماء من يرغبون في العودة، وسط سجال بين الخارجية اللبنانية ومفوضية اللاجئين.
وقالت مصادر أمنية لبنانية للجزيرة نت إن عودة هذه العائلات ستتم بعد عيد الفطر ما لم تحصل تعقيدات لوجستية تؤخر ذلك.
وتزامن هذا الاستعداد مع قول الرئيس اللبناني ميشال عون لسفراء دول مجموعة الدعم الدولية للبنان إن عودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم لا يمكن أن تنتظر الحل السياسي للأزمة السورية.
وأضاف أن إمكانات لبنان لم تعد تسمح ببقاء اللاجئين إلى أجل غير محدد، مشيرا إلى أن عودتهم باتت ممكنة على مراحل إلى المناطق التي باتت آمنة في سوريا. وفق زعم عون حليف نظام الأسد و”حزب الله”.
وكان جبران باسيل – متزعم تيار الداعين إلى طرد اللاجئين السوريين- قد زار مخيمات اللاجئين في عرسال وحضهم على العودة فيما بدا تهديدا خفيا، بعد أن أوقف منح تراخيص الإقامة لموظفي مفوضية اللاجئين الأممية في لبنان متهما إياهم بتحريض اللاجئين على رفض العودة.
زعماء روحيون وسياسيون بصف اللاجئين
إن كانت مواقف رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري غائمة نسبيا تجاه اللاجئين، فإن مواقف مشايخ الطائفة السنية كانت واضحة وتجلت من على منابر خطبة عيد الفطر، حيث دان مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، مواقف وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل، من دون أن يسميه. وسأل دريان في خطبة العيد في مسجد محمد الأمين في قلب بيروت: “كيف تكون هناك إدارات سياسية متعددة في هذا البلد الصغير؟ كيف يقرر فرد أو طرف في مسألة خطيرة كمسألة عودة اللاجئين السوريين، كأنما ما عادت هناك حكومة عندها سياسة واحدة بالداخل وتجاه الخارج؟ بل صارت لكل طائفة إدارتها السياسية، ولها دويلتها وجيشها وسياستها التي تستطيع فرضها على الآخرين ساعة تشاء”.
أما الزعيم الدزري وليد جنبلاط فعبّر من جانبه عن موقفه الرافض لسياسة عون وباسيل تجاه اللاجئين السوريين، وكتب بمناسبة حلول عيد الفطر: “أما المهجرون في الأرض فلا عيد لهم ولا راحة. يلاحقهم الموت في البحار.. وفي الصحاري تجار البشر. يهربون من الظلم والحروب من أجل حياة أحسن.. فإذا بجدران الكراهية والعنصرية ترتفع في كل مكان، وفي لبنان يطالبون بتسليمهم إلى الجلاد بحجة تحميلهم سوء الأحوال ومصيبتنا في عهد فاشل من أول لحظة”.
وفي أبريل/ نيسان الماضي، قالت منظمة “هيومن رايتس ووتش” في تقرير إن 13 بلدية في لبنان على الأقل أجلت قسرا 3,664 لاجئ سوري على أقل تقدير من منازلهم وطردتهم من البلديات، على ما يبدو بسبب جنسيتهم أو دينهم، بينما ما زال 42 ألف لاجئ آخرين يواجهون خطر الإجلاء.
كما أن معظم اللاجئين السوريين في لبنان والذين يقدر عددهم بنحو أقل من مليون بقليل، تعرضوا لسوء معاملة وتمييز من قبل الجيش وميليشيات “حزب الله”، فيما يبدو سياسة منهجية تفضي إلى طردهم من لبنان بغض النظر عن المصير المجهول الذي ينتظرهم في سوريا.
عذراً التعليقات مغلقة