الهوية السورية.. تلك الهوية المهزوزة

عبد الحميد الشدة13 يونيو 2018آخر تحديث :
الهوية السورية.. تلك الهوية المهزوزة

منذ سنين طويلة وأنا أكتب وأتكلم عن نظرية ضعف الهوية الوطنية السورية وأنه من أحد نتائج هذا سهولة التبعية للغريب وتبني المشاريع الكبيرة والمثالية مثل الأمة العربية أو الأمة الإسلامية، ليس لأننا مثاليون بل لتغطية الفشل في الواقع الوطني. هذه النظرية تتأكد لي يوما بعد يوم. الجدل الذي حصل حول حماس وإرتباطاتها بإيران، العدو القاتل للسوريين، وهَبَّةُ الكثيرين لتبرير مواقف حماس ولتخفيف وقعها يصب في هذا الخط، وأيضا في الطرف الآخر الإهتمام الزائد بحماس نفسها ومقارنة مظلومية غزة وفلسطين بمظلومية سورية بشكل مستمر وتكراري يصب في نفس النتيجة التي تحمل السوريين خارج الحدود.

اليوم هناك شرخ كبير يفصل قسما من السوريين عن الجزء الآخر بحاجز دموي فظيع سببه ليس خلافا سياسيا عاديا وإنما أحقاد طائفية دينية دفينة وصراع سيطرة وهيمنة بين هذه المكونات. الجزء المؤيد لبشار الأسد من طوائف وموالين والجزء المؤيد للثورة. وزاد اليوم الجزء المطالب بالإنفصال الكردي والجزء المنفصل عنه. وكل من هذه الأجزاء له إرتباطات خارجية مختلفة.

كيف وصلنا إلى هذه الحالة؟

لايوجد داع للخوض في التاريخ البعيد ولا إلى الأسباب التاريخية لكنني أذكر بأنه خلال القرن الماضي نصَّب السوريون أول ملك على أنفسهم الحجازي الغريب الملك فيصل والرئيس الغريب جمال عبد الناصر. حتى أكراد سورية زعماؤهم ورموزهم هم غرباء التركي أوجلان والعراقي برزاني.

لماذا سلَّم بشار الأسد إيران وروسيا زمام البلد ورفض التنازل ولو قيد شعرة للقسم المطالب بحقوقه من السوريين. لماذا استطاع العراقي البغدادي، ومقاتلو داعش الذين هم في غالبيتهم من الغرباء، إحتلال مناطق واسعة من سورية المحررة بدون مقاومة جدية من السوريين. لماذا انتشرت القاعدة هذا الإنتشار الكبير في مناطق الثورة وقسم هام من مقاتليها ومن قياداتها هم غرباء وتحكمت في رقاب السوريين الثائرين وفي الثورة كلها.

لماذا هذه التبعية المطيعة الكاملة للممول الغريب حتى لو كان هذا على حساب الثورة ومصيرها. لماذا الدول الأجنبية هي من عيّنت سياسيي المعارضة ومسؤوليها ولماذا تحكمت بهم وبسياسة مؤسساتهم إلى هذه الدرجة المخزية.

لماذا قبل كل المعارضون بكل أطيافهم بزيارة الدول الأجنبية ومستشارياتها وسفاراتها بدون تردد أو خوف من الإتهام بالخيانة.

أطرح هذه الأسئلة ولا أجد جوابها الكامل إلا في ضعف الهوية الوطنية السورية التي تبحث عن ذاتها ليس في سورية وفي السوريين إنما في الخارج الغريب. وتزيد قناعتي هذه عندما أرى السرعة التي يتنافر فيها السوريون من بعضهم البعض لحجج واهية أو غير حقيقية تخفي أسباب أخرى تتعلق بطبيعة الهوية السورية. هذه الحجج التحججية قد تكون الموقف من حماس أو من الخلاف الخليجي الخليجي أو من تركيا أو من العلمانية ومن الديمقراطية أو حتى من موضوع فكري مثل مراجعة روايات الحديث النبوي على سبيل المثال.

ليس فقط السوريون لم يلتفوا حول زعيم أو شخصية وطنية لكن لايوجد عندهم اتفاق على حد أدنى من العمل السياسي والجماعي لإنتاج قيادات صالحة وكفؤ.

تقسيم المقسم حتى اللانهاية هو الطريق الذي يسير فيه السوريون، وإن لم يتوقفوا عن هذا فإن العاقبة المحتمة هي نهاية الوطن سورية.

الشيخ فتحي صافي منذ أيام وبعد رؤيته لحرستا المدمرة بكى وطالب السوريين بعدم القول كل عام وأنتم بخير.
التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

    عاجل