زياد عدوان – حلب المحتلة – حرية برس
تعتبر مدينة حلب العاصمة الاقتصادية لسورية قبل اندلاع الثورة السورية، وذلك نتيجة تواجد أعداد كبيرة من المصانع والشركات التي تقوم بإنتاج المواد الغذائية والنسيجية وحتى صناعة قطع السيارات التي اشتهرت بها منطقة الراموسة غربي مدينة حلب، وخلال سنوات الثورة السورية تعمد النظام وميليشياته من خلال قيامهم بقصف المصانع والمعامل الصناعية إلى جعل المدينة تفقد ثقلها الاقتصادي، الأمر الذي دفع الكثير من التجار وأصحاب تلك المصانع والشركات للذهاب إلى مناطق سيطرة النظام وميليشياته في الساحل السوري، وهو بدوره أدى إلى انتعاش الاقتصاد في تلك المناطق، ولكن بعض أصحاب المصانع والشركات هربوا إلى خارج الأراضي السورية خوفاً من بطش النظام وميليشياته واستغلالهم بشكل مادي مثلما حدث في مدينة حلب من خلال حالات الاختطاف التي طالت أصحاب المصانع والشركات والمعامل.
وخلال الشهرين الماضيين شهدت مدينة حلب افتتاح العديد من المعامل و الورش التي تنتج الألبسة بجميع أنواعها، حيث يتسابق أصحاب ورشات الخياطة لإنتاج الألبسة قبيل موسم عيد الفطر السعيد وخلال فترة الموسم الصيفي الجاري من أجل تسويق منتجاتهم وبيعها للمدنيين. ولكن ما اصطدم به أصحاب المعامل وورش الخياطة لم يكن بالحسبان، إذ أن الكمية الإنتاجية ما زالت منخفضة جداً وذلك بسبب عدم توفر الأيدي العاملة وعدم وجود شبان للعمل في مجال خياطة الألبسة، حتى أن الشبان المتواجدين حالياً لا يملكون الخبرة الكافية في مجال خياطة الألبسة وذلك بسبب عدم ممارستهم للمهنة بشكل سابق.
وقد لجأ أصحاب الورش ومعامل الخياطة إلى تشغيل النساء والأطفال في مجال خياطة الألبسة، وذلك بسبب قلة الأيدي العاملة من فئة الشباب الذين تم اعتقالهم وزجهم في جبهات القتال إلى جانب قوات النظام، إضافة لذلك فقد اضطر أصحاب المعامل وورش الخياطة لرفع الأجور من أجل جذب الشبان الذين لم تتجاوز أعمارهم سن الخدمة الإلزامية للعمل في مجال خياطة الألبسة، وتحدث أحد أصحاب ورشات الخياطة في مدينة حلب “لحرية برس” عن المعاناة التي يعيشها أصحاب ورشات الخياطة والبحث عن عمال “عودتنا إلى مدينة حلب كانت ضرورية ولعدة أسباب أهمها أن مدينة حلب هي العاصمة الاقتصادية ويوجد فيها عدد كبير من المصانع والشركات والمعامل وهي ذات إنتاج للملابس الجاهزة بكثافة، وبالطبع مهما بقينا خارج مدينة حلب سنعود من جديد إلى مصانعنا ولكن المفاجأة كانت عدم توفر الأيدي العاملة من الشبان والرجال لذلك اضطرينا لتشغيل النساء والأطفال في هذه المهنة”.
وأضاف أبو هشام وهو أحد مالكي معمل لخياطة الألبسة في مدينة حلب “سابقاً كان إنتاج الألبسة في مدينة حلب كبيراً جداً وذلك بسبب وجود الكثير من معامل الغزل والنسيج والتي تقوم بحياكة الأقمشة ويتم تفصيلها وخياطتها في معامل مدينة حلب، ولكن حالياً يتم استيراد الأقمشة من خارج الأراضي السورية وبالتالي تكون الكلفة مرتفعة، وأيضا لا توجد أعداد كبيرة من الشبان والرجال الذين كانوا يعملون في مجال خياطة الألبسة لذلك العمل في هذا المجال أصبح صعبا للغاية، عدم توفر الأيدي العاملة وصعوبة الحصول على الأقمشة وقلة الإنتاج”.
تتفاوت الأجور الأسبوعية التي يحصل عليها عمال خياطة الألبسة بين مرتفعة ومقبولة لدى الفئة التي أصبحت تعمل في مجال خياطة الألبسة، فأصبحت أجور العاملين في هذا المجال مرتفعة جداً خلال هذا العام، من أجل ترغيب النساء والأطفال للعمل في مجال خياطة الألبسة بالإضافة لتشجيع الشبان الذين يقضون العطلة الصيفية من أجل العمل وتأمين مصروفهم قبيل بدء العام الدراسي المقبل، بينما يلجأ بعض الأطفال الذين تتجاوز أعمارهم الثالثة والرابعة عشر عاماً إلى العمل من أجل تأمين المصروف وحياة المعيشة وذلك بسبب عدم وجود معيل لهم أو بسبب فقدان الوالد إذا كان قد توفي نتيجة القصف خلال فترة سيطرة كتائب الثوار على القسم الشرقي لمدينة حلب.
أحد الأطفال الذين يعملون في ورشة لتصنيع الألبسة ويدعى بسام قال لحرية برس “أصبح عمري أربعة عشر عاماً، أعمل في مجال خياطة الألبسة منذ ثلاث سنوات من أجل الحصول المال لأساعد والداتي بمصروفنا، تعلمت الكثير من العمل وأصبحت أجيد العمل على ماكينة الحبكة”، وبالرغم من راتبه الشهري لا يتجاوز المئة دولار أمريكي يتابع “أنا بدي أتعلم مصلحة مشان أساعد والدتي ويصير عندي خبرة بالخياطة وبس أكبر افتح ورشة خياطة”.
بينما يعمل مئات الأطفال في مدينة حلب في عدة مجالات وبمهن مختلفة، ومنها في مجال تصليح السيارات وغيرها من الأعمال تغيب المؤسسات الدولية والتي تحظر تشغيل الأطفال في الأعمال والمهن التي تضطرهم لترك مقاعد الدراسة من أجل تأمين حياتهم المعيشية الصعبة في ظل الغلاء الفاحش وتردي الأوضاع المعيشية الصعبة.
عذراً التعليقات مغلقة