ياسر محمد – حرية برس
تكثف الدول الفاعلة على الساحة السورية جهودها وتتخذ خطوات متسارعة لحلحلة الملفات العالقة وتحقيق مزيد من المكاسب التي يسعى إليها كل طرف على حساب الأطراف الأخرى قبل الدخول فعلياً في خضم عملية سياسية تفضي إلى حل سياسي يفصله الطرف الأقوى على مقاسه.
وبعد سيطرة روسيا وإيران وميليشياتها على كامل دمشق وريفها، وكذلك كامل حمص، وإعادتها إلى حظيرة النظام الذي يختبئ الروس والإيرانيون وراء شرعيته، أصبح الطريق إلى حوران جنوبي سوريا هو الطريق الأكيد الذي ستسلكه تلك القوات لاستعادة السيطرة على درعا وأريافها الواقعة تحت سيطرة بعض فصائل الجيش الحر، إضافة إلى بعض أرياف القنيطرة والسويداء.
وقد بدأت روسيا ومن ورائها النظام بالتمهيد لمعركة الجنوب، إذ ألقت قوات النظام اليوم الجمعة، منشورات فوق محافظة درعا تحذر من عملية عسكرية وشيكة وتدعو المقاتلين المعارضين إلى إلقاء السلاح.
جاء ذلك بالتزامن مع إرسال قوات النظام تعزيزات عسكرية إلى المنطقة بعد انتهاء المعارك ضد تنظيم “الدولة” (داعش) في دمشق.
وتضع روسيا مقاتلي المعارضة في الجنوب أمام خيارين: التسوية أو الحسم العسكري، ويميل بعض الفاعلين في الجنوب إلى التسوية كونها “المصير المحتوم” كما لاقت مناطق المعارضة التي سبقتهم، بينما يبحث آخرون عن حلول أفضل لكن من دون رؤيا واضحة. وقد أقدم رافضو “المصالحة” على اغتيال واعتقال عدد من شخصيات “المصالحة” المعروفة في درعا والجنوب السوري. إلا أن ذلك لم يوقف مساعي التوصل إلى تسوية، فيما يشي بأن الوضع الداخلي معقد ومنقسم بحدة.
وعلى الرغم من الحشود العسكرية لقوات النظام وحلفائها والتهديدات الروسية إلا أن معادلة الجنوب السوري تختلف عن باقي المناطق، بسبب تشاركها حدوداً برية مع دولة الاحتلال الإسرائيلي، ما جعلها تخضع لتسويات مختلفة في السابق شارك فيها الأردن وإسرائيل والولايات المتحدة، وهم الأطراف الذين توصلوا إلى اتفاق “خفض تصعيد” في الجنوب، بمعزل عن باقي اتفاقات خفض التصعيد في سوريا التي رعتها الدول الضامنة لمسار أستانا (روسيا وتركيا وإيران). ولا يمكن إقرار أي حل أو تسوية في الجنوب إلا بموافقة ومشاركة “إسرائيل والأردن” فضلاً عن الولايات المتحدة التي تحرص على وجود رئيسي شرقي سوريا وجنوبها مسيطرة بذلك على طرق الإمداد والاقتصاد.
أما في شمال سوريا الذي استقرت فيه الأوضاع نسبياً بعد عمليتي “درع الفرات” و”غصن الزيتون”، فتبقى عقدة منبج حاضرة وتنذر بتفجر الأوضاع من جديد في أي وقت، حيث تصر تركيا ومن ورائها المعارضة السورية وسكان المنطقة العرب على طرد الوحدات الكردية من منبج وعودتها إلى محيطها الطبيعي وأهلها، إلا أن الوحدات ترفض الخروج مسنودة بدعم أمريكي سياسي وعسكري، ما خلق توتراً كبيراً بين الدولتين الحليفتين في الناتو (تركيا وأمريكا).
وفي هذا الخصوص، يجري وفد من الولايات المتحدة اليوم الجمعة محادثات في أنقرة بخصوص منبج ومستقبلها.
وقال المتحدث باسم الخارجية التركية حامي أقصوي إن الجانبين يعقدان اليوم ثاني اجتماع بخصوص منبج، إذ أن أول اجتماع لمجموعة العمل الخاصة بسوريا المنبثقة عن مجموعات عمل بين البلدين، عقدت أول اجتماع لها يومي 8 و9 آذار الماضي.
وأكد الناطق باسم الخارجية أن “منبج ستكون على رأس المواضيع التي سيتم بحثها”.
وأوضح أن البيان النهائي الذي يتم العمل حوله بين البلدين سيعلن عنه عقب لقاء وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو ونظيره الأمريكي مايك بومبيو، في العاصمة واشنطن 4 حزيران المقبل.
ومع تأجيل البت بمصير الجنوب والشمال حتى هذا الوقت، يبقى احتمال تأخير التوصل لتسويات سياسية أو عسكرية قائماً، بسبب تضارب مصالح الدول الفاعلة.
أما كلمتا السر في أي حل في هاتين المنطقتين، فهما: إبعاد ميليشيات إيران عن حدود “إسرائيل” في الجنوب السوري، وإبعاد الوحدات الكردية عن حدود تركيا في الشمال.
Sorry Comments are closed