ياسر محمد – حرية برس
تواصل إيران العمل على أكثر من جبهة لتلافي مصير كارثي يطيح بوجودها العسكري في الشرق الأوسط ويقوّض حلمها بتصدير “الثورة الإسلامية” وبناء الهلال الشيعي في المنطقة.
وقد تزامنت ضغوط أمريكية غير مسبوقة على إيران والمتمثلة بـ12 شرطاً، مع تلميح روسي بضرورة مغادرة الميليشيات الإيرانية الأراضي السورية في تعزيز مسعى روسي لتسويق “حل سياسي” على مقاسها، ولكن يحقق في الطريق تجريد بعض الحلفاء من امتيازاتهم في سوريا، ما يحقق لروسيا التفرد بالقرار والغنائم من جهة، و”تبييض” صفحتها لدى شرائح أوسع من السوريين وكذلك بعض الحكومات العربية في المنطقة من جهة أخرى، حيث سينظر هؤلاء بإيجابية كبيرة للتصرف الروسي وربما يكافئونها بصفقات سلاح كبيرة، وهو هدف روسي أساسي للحملة الوحشية على سوريا.
النظام الإيراني؛ وفي مسعى منه لتعقيد العلاقات الأمريكية الأوربية وخلط الأوراق، عمد إلى وضع شروط على الأوربيين، رداً على الشروط الأمريكية الـ12 على نظام طهران فيما يخص برنامجها النووي ووجودها العسكري ودورها التخريبي في سوريا واليمن ودول عربية أخرى.
وقد جاءت الاشتراطات الإيرانية على لسان المرشد علي خامنئي، أمس الأربعاء، وبدت تعجيزية للدول الأوروبية.
وتتمثل هذه الشروط في إصدار الدول الأوروبية الثلاث المعنية بالملف النووي (فرنسا وألمانيا وبريطانيا) قراراً يدين الموقف الأميركي لخرق القرار 2231 الصادر بعد الاتفاق النووي، والتعهد بعدم طرح قضية الصواريخ الباليستية، وتدخلات إيران الإقليمية للنقاش، والتصدي للعقوبات الأميركية ضد إيران، ومنع أي عقوبات جديدة، وضمان تسهيل بيع النفط الإيراني، وتعويض أي خسائر من جراء الحظر الأميركي، وأخيراً ضمان البنوك الأوروبية ممارسة التجارة مع إيران.
ورأى متابعون أن هذه الشروط ليست للتنفيذ، لأنها مستحيلة، ولكنها خطوة على طريق تعقيد المشهد، وتحفيز الشركاء الأوربيين على بذل جهود أكبر للحفاظ على الاتفاق النووي، والذي يصب في مصالحهم اقتصادياً، ويبدو أن فرنسا تحديدا ستواصل وتكثف جهودها لإنقاذ الاتفاق أو الوصول إلى صيغة تحفظه بعيداً عن أمريكا دون الإضرار بمصالح الأوربيين، وهو ما يبدو مستحيلاً نظراً لتخوف الشركات الأوربية من عقوبات أمريكية في حال واصلت تجارتها مع طهران.
وفي سياق معركة الملف النووي والتجاذبات الكبرى التي تضع مشروع إيران على المحك وتهدد بتقويضه، جاءت تصريحات نائب وزير خارجية النظام فيصل المقداد في اليوم ذاته، أمس الأربعاء، وبدت موجهة لطرفين نقيضين في القضية السورية، هما الولايات المتحدة وروسيا، حيث طلب الطرفان خروج إيران من سوريا وإنهاء وجودها العسكري (أمريكا طلبت ذلك صراحة وروسيا تلميحاً)، ليقول المقداد “إن انسحاب قوات إيران أو حزب الله من سوريا أو بقاءها فيها غير مطروح للنقاش لأنه شأن يخص الحكومة السورية (نظام الأسد)”. وأوضح المقداد أن النظام قد دعا هذه القوات لمساعدته في “الحرب ضد الإرهاب”!.
الكاتب الصحفي السوري محي الدين لاذقاني، اختصر فحوى كلام المقداد وبيّن حقيقته بالقول: “بحسب الإعلام الروسي فإن دمشق ترفض سحب الميليشيات الإيرانية من سوريا.. وقال فيصل المقداد لموقع سبوتنك (هذا الأمر غير مطروح حتى على أجندة النقاش، لأنه يتعلق بسيادة سوريا)… والترجمة الحرفية لهذا الحديث عن (سيادة) غير موجودة فحواه باختصار: إذا انسحبت هذه الميليشيات من سيحمينا؟”..
Sorry Comments are closed