ياسر محمد – حرية برس
لم ينتظر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أكثر من يومٍ واحد على انتهاء الجولة التاسعة من مفاوضات أستانا في 15 من أيار الجاري، حتى استدعى رئيس النظام السوري على عجل وبلا سابق إعلان إلى سوتشي، ليملي عليه التعليمات الجديدة وصولاً إلى حل سياسي على الطريقة الروسية، بدا أن موسكو أضحت في عجلة من أمرها لتمريره بعدما استكملت إنجاز مخططاتها ومكاسبها في سوريا، وخشية مردود عكسي يطيح تلك المكاسب مع مرور الوقت، خاصة مع عدم القدرة على التكهن بمسار الأحداث في المشهد السوري المعقد، ولعل الضربة الثلاثية لنظام الأسد، والضربة الإسرائيلية لمواقع إيران في سوريا، كان لهما الدور الأبرز في الاستعجال الروسي، إذ وقفت روسيا عاجزة عن أي رد في المرتين، ما يشي بإمكانية تغير الصورة بشكل غير متوقع.
بوتين، خلال لقائه رئيس النظام السوري، أكد على تنفيذ مخرجات مساري “أستانا وسوتشي” متجاهلاً مسار جنيف بالكامل، ومختصراً الحل بإصلاح دستوري، وهو ما عُقد من أجله مؤتمر سوتشي، داعياً “الأسد” إلى سرعة الانخراط في عملية تشكيل اللجنة الدستورية، مع ربط هذا المسار بإخراج القوات الأجنبية من سوريا، وهي الخطوة الأعقد إذ لا يملك أحد القدرة على إخراج تلك القوات التي جاءت لتحقيق مصالحها لا مصالح روسيا ونظام الأسد.
وزير خارجية بوتين، سيرغي لافروف، استثنى قوات بلاده فقط من ضرورة مغادرة سوريا، وقال أمس إن مهمة بلاده في سوريا لم تنته بعد، مؤكداً أن وجودها العسكري هناك مستمر طالما أن نظام الأسد يحتاج إليه.
وتابع: “مهمة روسيا في سوريا لم تنته.. وفي هذا السياق المنطقي، الانطلاق من أن وجودنا في سوريا سيستمر طالما احتاجت إليه القيادة السورية”.
محللون رأوا أن الميليشيات الإيرانية والوجود العسكري الإيراني في سوريا برمته هو الأقرب لأن يكون مستهدفاً، فهم الشريك الأكبر لروسيا في السيطرة على الأرض وكذلك على قرارات النظام السوري ورئيسه، بينما لا تملك القوى الأخرى (تركيا – أمريكا- فرنسا…) أي تأثير مباشر على النظام أو على مساحات كبيرة من الأرض السورية، وهو ما يضع “الأسد” في مواجهة لم يكن يتخيل أو يفكر أن يضطر لمقاربتها، خاصة وأنها ستطال “حلف الممانعة” الذي حكم باسمه، وقتل وشرد نصف الشعب السوري باسمه.
استدراك بويتن، بأنه يقصد خروج القوات الأجنبية غير الشرعية من وجهة نظر القانون الدولي، يعفي إيران كونها “مدعوة” رسمياً من قبل حكومة نظام الأسد، إلا أنه لا يحمي أكثر من 50 ميليشيا هي في الواقع كل قوات إيران وعدتها العسكرية في سوريا، إضافة إلى طرد “حزب الله” الذي يُعتبر ميليشيا إرهابية ولا ذريعة قانونية لوجودها في سوريا.
وهو ما ذهب إليه المحلل والصحفي السوري “محي الدين لاذقاني”، حيث رأى أن “إخراج القوات الأجنبية من سوريا يعني إخراج الميليشيات االطائفية بالدرجة الأولى”، وأن بوتين تحاشى ذكر ذلك تفادياً لإحراج نظام طهران.
ومع توارد أنباء عن حل معظم الميليشيات السورية أيضاً، يبدو موقف “الأسد” أشد صعوبة، إذ أن تلك الفرق كانت اليد الباطشة والأكثر فاعلية في حرب “الأسد” ضد السوريين، ومع تحول تلك الميليشيات إلى “فرق موت”؛ وزعمائها إلى أمراء حرب، يرى متابعون وخبراء عسكريون أن تلك الميليشيات يمكن أن تتحول إلى مواجهة النظام عسكرياً حفاظاً على مكاسبها التي لا يمكن للنظام الاستمرار بتغطيتها وفق المعادلة السياسية والاستقرار الذي تريده روسيا، وما يعزز إمكانية المواجهة غياب سيناريوهات وتصورات لمستقبل تلك الميليشيات التي لا يمكن أن تنضبط في “جيش نظامي”، فهي قامت على القتل العشوائي والاستباحة والسلب والنهب، وهو ما يمكن أن يرتد على مناطق النظام و”النظام” نفسه.
Sorry Comments are closed