تقلبات المناخ تنزل خسائر فادحة بالمحاصيل الزراعية في الجنوب

فريق التحرير116 مايو 2018Last Update :
أراضي زراعية في مدينة درعا – عدسة: لجين مليحان – حرية برس©

لجين مليحان – درعا – حرية برس:

تعرض الجنوب السوري إلى موجة كبيرة من الخسائر الفادحة في المحاصيل الزراعية لهذا العام، بعدما توقفت الأمطار لمدة شهر كامل، مما خلف انتشار واسع للحشرات، كما أن موجة مياه المطر الغزيرة في بداية فصل الصيف كانت من أهم أسباب تلف المحاصيل الزراعية وخصوصا البقوليات.

وعانت مناطق الجنوب السوري هذا الموسم من شح الأمطار، باستثناء بعض هطولات متفرقة مع دخول الشتاء، ما أثر بشكل كبير على الزراعات البعلية، كالقمح والشعير والبقوليات.

وفي حديث للمهندس ’’أسامة عويتي‘‘ مدير المعهد الزراعي مع حرية برس قال: ’’إن استمرار الوضع على ماهو عليه خلال هذا العام سيكون مؤشراً على دخول القطاع الزراعي مرحلة حرجة، حيث أن نقص الأمطار خلال هذه الفترة يهدد بالدرجة الأولى زراعات الحبوب القمح والشعير والقطاني البيقية – الكرسنة – الجلبانه (…)، إلى جانب تأثيره على مخزون مياه السدود‘‘.

وأضاف ’’عويتي‘‘ قوله: ’’لا نستبعد تراجع الانتاج الزراعي الى أقل من مستوياته، مما يشكل نوعاً من القلق لدى المزارعين، فالأمطار عامل أساس في استقرار الإنتاج الزراعي والحيواني على السواء، كما أن تغير موعد هطولها أو قلتها تتسبب بمعوقات زراعية بخاصة في الزراعة البعلية‘‘.

وأشار ’’عويتي‘‘ بحديثه إلى أن الأمطار مفيدة في غسل التربة الزراعية من الأملاح فالجفاف الناتج عن انحباس الأمطار يؤثر على نمو الكائنات الدقيقة المفيدة في تحليل المواد العضوية للنبات وهذه الكائنات تحتاج للرطوبة والحرارة لكي تنمو، وبالرغم من وجود آبار إلا أن المزارعين يعتمدون على هطول الأمطار التي تجعل من التربة رطبة وخصبة وتساعد على وصول نبات القمح والشعير الى مرحلة الحصاد مما ينعكس سلباً على المحاصيل الشتوية.

وأوضح المهندس ’’عويتي‘‘ أن تأخر المطر هذا العام ليس سلبياً فقط على الزراعات بل كذلك على الثروة الحيوانية كون الإنتاج الحيواني مرتبطاً بالزراعي، فعندما ينقص مستوى الإنتاج الزراعي تتأثر الثروة الحيوانية سلباً، وعندما لا تجد الإناث ما تأكله عند وضع المواليد وتقل قدرتها على توفير الحليب لتغذية صغارها يؤدي ذلك بدوره إلى موت كثير من المواليد الجديدة والأمهات نتيجة ضعف التغذية ويكون في النتيجة تناقص أعدادها وانخفاض سعرها.

وينعكس تأثير تأخر الأمطار ينعكس المزارعين بخاصة فيما يتعلق بالمحاصيل الاستراتيجية كالقمح والشعير بخاصة البعلية منها، كما أثر ذلك على انخفاض منسوب المياه الجوفية، مما سيكلفهم غالياً في هذا العام، وذلك لاضطرارهم بإعطاء ريات تكميلية للمحاصيل حتى وصولها لمرحلة الحصاد، وهذا بدوره سيرهقهم مادياً بسبب غلاء مادة المازوت التي سيضطر المزارع شرائها بأسعار غالية حتى يروي محاصيله، بينما الذي لا يملك ثمن المازوت يموت محصوله أمام عينه، حسب ما أفاد ’’عويتي‘‘.

من جهته، أوضح المهندس ’’نزيه قداح معاون‘‘ وزير الزراعة في المناطق المحررة بدرعا، ’’أن المحاصيل الزراعية في الجنوب تعرضت إلى أضرار كبيرة جداً بسبب انقطاع الأمطار لمدة زمنية قاربت الشهر، رافقها ارتفاع في درجات الحرارة أدت إلى نشاط الحشرات وانتشارها بشكل كبير جداً، كما أن فصل الشتاء لهذا العام لم يكن بالبرودة المطلوبة لتقضي على الحشرات وبيوضها، فيما أن موجة الأمطار الغزيرة في الآونة الأخيرة وبمعدلات عالية أسفرت عن تلف المحاصيل الزراعية خاصةً البقوليات، كما أنها جاءت في موسم الحصاد، مما اضطر المزارعين إلى قلب المحاصيل للتخلص من التعفن والرطوبة الزائدة، وأيضاً دفعت بعضهم لتضمين حقولهم لأصحاب المواشي للرعي بها وتعويض جزء بسيط من خسائرهم في الموسم الزراعي‘‘.

من جانبه، أضاف المهندس ’’موسى الغوثاني‘‘ مدير الري بحديثه لحرية برس: ’’أن معدل الأمطار هذا العام هو أقل من الماضي، وأقل من المعدل الوسطي للسنوات السابقة، كما أن نسبة هطول المطر عادة بدرعا حوالي 300 ملم هذه السنة، حيث هطل حوالي 230 ملم تقريباً، فالمناطق الأقرب للقنيطرة نسبة الهطول فيها كانت 350 ملم، أما هذا العام قاربت 310 ملم‘‘.

وتابع ’’الغوثاني‘‘ قائلاً: ’’كان الهطول القليل للمطر يعتبر ما يسمى سنوات المحل والقحط له تأثيرات سلبية بشكل مباشر وغير مباشرة في ثلاث اتجاهات، بالنسبة للاتجاه الأول يؤثر على موسم الزراعات البعلية الشتوية أو الصيفية، فالزراعات البعلية مهمة جداً وخاصةً القمح الذي يعتبر المادة الأساسية ومنتج استراتيجي هام، فيما يؤثر على الخضراوات بالنسبة للزراعة البعلية الصيفية زراعة البامياء بشكل تقريبي والتي تؤثر عليها قلة الأمطار.

وأردف ’’الغوثاني‘‘ أن نقص هطول الأمطار وقلتها بالاتجاه الثاني يؤثر على الثروة الحيوانية وعلى المراعي، وبالتالي تصبح هناك حاجة زائدة للأعلاف، كما أنه يوجد كلفة زائدة لتربية المواشي، ومن ثم غلاء الألبان ومشتقاته على المواطن، أما عن الاتجاه الثالث فيؤثر على مخزون سدود المياه للزراعة الصيفية، ويعتبر سد كودنة هذا العام يوفر 10 مليون متر مكعب، وفي أعوام سابقة يصل إلى 15 مليون متر مكعب، حيث تبلغ سعته الكاملة 29، وفي سنين الخير يمكن أن يصل إلى أكثر من 20 مليون متر مكعب، فيما أن سد غدير البستان يوجد فيه حوالي 3 ونص مليون متر مكعب، ومعظم السدود أنقص من سنوات الخير بالنسبة للزراعات الصيفية وبالنسبة للأشجار المثمرة والحرجية.

واختتم ’’الغوثاني‘‘ حديثه قائلاً: ’’تم اتخاذ إجراء للحفاظ على القمح المخزون الاستراتيجي، حيث قمنا بري معظم المحصول بمناطقنا، بفتح السدود لمدة حوالي 10 أيام لسقايته بشكل خاص في المناطق التابعة لأراضي نمر والحارة التي تروى من سد كودنة، بالإضافة الى المناطق التي تروى من سد غدير البستان مثل نوى وماحولها، كما أن هطول الأمطار مؤخراً كان عامل مهم بالحفاظ على الموسم.

Comments

Sorry Comments are closed

    عاجل