ياسر محمد – حرية برس:
بات احتمال طرد إيران وميليشياتها من سوريا أقرب من أي وقت مضى، مع إصرار دول محورية في النزاع السوري على إنهاء دورها “الخبيث”، وتخلي الحلفاء عنها، وعلى رأسهم الحليف الروسي، الذي لم يحرك ساكناً حينما تعرضت لهجمات أمريكية صاعقة في دير الزور وباديتها، وكذلك فعل حينما تعرضت لأكبر هجوم “إسرائيلي” منذ ثلاثة أيام كان كفيلاً بتحييد كثير من فعاليات قواتها على الأرض السورية.
“إسرائيل” واصلت هجومها بشكل آخر أمس الجمعة، حينما وجه “أفيجدور ليبرمان” وزير الدفاع الإسرائيلي تحذيراً لرأس النظام السوري بشار الأسد من مغبة الوجود العسكري الإيراني في بلاده، وقال إن أنشطة إيران في المنطقة لن تتسبب إلا في مزيد من “الأضرار والمشكلات”.
وأضاف ليبرمان: “لدي رسالة للأسد: تخلص من الإيرانيين.. تخلص من قاسم سليماني وفيلق القدس.. إنهم لا يساعدونك.. إنهم لا يسببون سوى الضرر”.
ومع أن رأس النظام لا يملك من الأمر شيئاً، إلا أن “ليبرمان” قدم له إغراءاً إن استطاع إقصاء الإيرانيين أو تحجيمهم، وهو “تغيير المزاج” الإسرائيلي تجاهه، بمعنى عودة الرضا والحماية التي حظي بها نظامه طوال سنوات حكمه.
الضغط العسكري والسياسي الإسرائيلي على إيران تواصل مدفوعاً بتأييد ومساندة أمريكية وأوروبية متعاظمة، إلا أن الأهم – وفق محللين- هو الصمت الروسي، بل ذهب بعضهم إلى أن مصلحة روسيا الآن تكمن بطرد إيران من سوريا بعدما أنجزت مهمتها وساعدت في إخراج المعارضة من سائر دمشق وريفها ووسط سوريا.
الكاتب الصحفي في صحيفة الجزيرة السعودية، محمد آل الشيخ، كتب معقباً على تصريحات “ليبرمان”: “في تقديري أن الأسد وافق على الضربة التي وجهتها إسرائيل للميليشيات الإيرانية، فطرد الإيرانيين من سوريا بعد القضاء على المعارضة المسلحة هي من مصلحته وكذلك من مصلحة روسيا أيضاً”.
أما ردود الفعل الإيرانية، فجاءت متخبطة ومتباينة، ما بين الحفاظ على شعارات “المقاومة” والمحاربة بها، وما بين التنصل من استهداف “إسرائيل” بالصواريخ والدعوة لعدم التصعيد.
المستشار العسكري لقائد “فيلق القدس”، العميد أحمد كريم بور، كان قد قال في وقت سابق إن إيران جاهزة للرد بحزم على التهديدات الإسرائيلية، متوعداً أن “جميع المراكز المهمة في الكيان الصهيوني قد جرى تحديدها وسيتم تدميرها بصواريخ بعيدة المدى في غضون 7 دقائق و30 ثانية، في حال تعرضت إيران لأي اعتداء”!..
وما إن تعرضت إيران لهجوم حقيقي واسع حتى سارعت للتنصل من المسؤولية عن هجوم بالصواريخ وقع على هضبة الجولان المحتل، وقال نائب رئيس لجنة الأمن القومي الإيراني، أبو الفضل حسن بيغي: “إيران ليس لها علاقة بالصواريخ التي تم إطلاقها، الأربعاء، على إسرائيل، ولو كانت إيران من قامت بذلك لأعلنا فوراً”.
وحمّل المسؤول الإيراني “قوات الأسد” مسؤولية القصف على المواقع الإسرائيلية، وأضاف في حديثٍ لوكالة “سبوتنيك” الروسية: “من قام بالضربة أمس هي سوريا، وهو ردٌّ على الاعتداءات المتكررة على هذه البلد”.
إلا أن الرد الرسمي الأعلى، والذي يظهر حالة الضعف والاستجداء الإيراني، فصدر عن الرئيس الإيراني حسن روحاني، خلال محادثة هاتفية مع المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل، بعد الضربة الإسرائيلية، حين قال إن إيران لا تريد “توترات جديدة” في الشرق الأوسط.
وأضاف روحاني، بحسب الموقع الإلكتروني للرئاسة الإيرانية: “لقد عملت إيران على الدوام على خفض التوترات في المنطقة، في محاولة لتعزيز الأمن والاستقرار”، وتابع: “إن إيران لا تريد توترات جديدة في المنطقة”.
ويربط محللون بين عدول روسيا عن تسليم صواريخ “إس 300” لنظام الأسد، وبين كشف الغطاء الروسي عن الوجود الإيراني في سوريا، إذ إن تلك الصواريخ ستكون تحت سيطرة الإيرانيين المتحكمين فعلياً بقوات وأسلحة نظام الأسد، وقد عدلت روسيا عن تسليم تلك الصواريخ بعد زيارة قام بها الأسبوع الفائت رئيس وزراء الاحتلال “نتنياهو” إلى موسكو، ما يعني تخلي روسيا أو رفع يدها على الأقل عن إيران وتركها مكشوفة للهجمات الإسرائيلية والأمريكية.
عذراً التعليقات مغلقة