أشار الصحفي “نيري زيلبر” في مقالته في موقع “فوكس” الأمريكي إلى الهجوم الإسرائيلي الأخير في 9 نيسان الجاري على قاعدة جوية لإيران في سوريا، والذي راح ضحيته 7 جنود إيرانيين على الأقل.
معتبراً أن هذا الهجوم كان مباشراً وأكثر حدة من أول هجوم نفّذته إسرائيل ضد إيران وحلفائها في سوريا، فقد أثار توسّع نفوذ إيران بشكل مطرد على الحدود الشمالية لإسرائيل في سوريا مخاوف كل من أمريكا وإسرائيل، كما يشعر كبار المسؤولون الأمريكيون والإسرائيليون بالقلق من أن إيران قد تستأنف برنامجها النووي في حال انسحاب إدارة ترامب من الاتفاق النووي الإيراني.
وأوضحت “زيلبر” وهو مساعد في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، أن إيران توعّدت بالرد الذي قد يكون على هيئة صواريخ تُطلق من إيران سوريا أو لبنان على المدن الإسرائيلية، وقد يكون الرد أيضاً على شكل غارات عبر الحدود من سوريا ولبنان، أو هجمات إرهابية ضد إسرائيل أو يهودية تستهدف اليهود خارج إسرائيل، ومن جهتها تعّهدت إسرائيل برد أقوى في حال نفّذت إيران تهديدها، مما يهدد جميع الجنود الإيرانيين في سوريا وحتى نظام الأسد نفسه.
ويرى “زيلبر” أن هذه الحقائق تؤكد على أن إسرائيل لن تسمح لإيران بتحويل سوريا إلى قاعدة عمليات أمامية لها ولوكلائها بغرض مهاجمة إسرائيل، مما يشير إلى حقيقة جديدة وغير مفهومة، ما كان يُشكّل في السابق حرباً غير مباشرة بين إسرائيل وإيران في سوريا، يُهدد الآن بانفجار حرب شاملة بين العدوين اللدودين في الشرق الأوسط.
الحرب المشتعلة في سوريا قلبت الموازين
بحسب ما قاله أحد الضباط العسكريون الإسرائيليون لموقع “فوكس” فقد كان من المريح أن عائلة الأسد في الحكم، مشيراً إلى أنها كانت الجبهة الأكثر هدوءاً بالنسبة لإسرائيل، ولكن مع اشتعال الانتفاضة ضد الأسد في سوريا، وتدخل إيران لصالح الأسد بالدعم المالي واللوجستي والعسكري بالإضافة إلى المستشارين العسكريين، كل ذلك منع إسرائيل من البقاء على هامش الوضع السوري.
وكان الاستثناء في تجاوز أحد الخطوط الحمر التي رسمتها إسرائيل، وإرسال إيران شحنات من الأسلحة الأكثر تطوراً لحزب الله في سوريا، وإنشاء شبكة إرهابية موالية لإيران على الحدود السورية الإسرائيلية على طول مرتفعات الجولان، وأوضح “زيلبر” أن هذه المرحلة الأولى من الحرب بين إسرائيل و إيران كانت تتم في الظل، كالضربة التي استهدفت قافلة ومستودع للأسلحة الذي يعود لمليشيا حزب الله في سوريا.
لم تتحمل إسرائيل آنذاك مسؤولية الضربة، لكن الجميع يعلم من يقف وراء هذا الهجوم. حيث أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في أبريل/نيسان 2016 في جولة في مرتفعات الجولان وقال: “إننا نتصرف عندما نحتاج إلى التصرف، بما في ذلك عبر الحدود بعشرات الغارات التي تهدف إلى منع حزب الله من الحصول على أسلحة لتغيير قواعد اللعبة”، كما قال قائد سلاح الجو الإسرائيلي المتقاعد في العام الماضي، أن إسرائيل نفّذت ما يقارب 100 غارة جوية استهدفت قوافل أسلحة متجهة إلى حزب الله، وهو رقم مذهل.
واستطرد “زيلبر” في مقالته في شرح مخاوف إسرائيل، وهي الخط الأحمر الثاني لديها المتمثل بمنع إيران من إنشاء شبكة إرهابية على حدود هضبة الجولان، أما الخط الأحمر الأحدث لإسرائيل هو إقامة وجود عسكري إيراني دائم في سوريا، ويُرجح أن يكون سقوط مدينة حلب في كانون الأول/ديسمبر 2016 على يد نظام الأسد والمليشيات المدعومة من إيران هو نقطة التحول.
حيث شرح مسؤولون إسرائيليون لموقع “فوكس” مخاوفهم من انتصار الأسد وداعميه في الحرب في سوريا، ثم تحولهم إلى الجنوب باتجاه مرتفعات الجولان وإسرائيل، وفي الوقت الذي قال وزير الدفاع الإسرائيلي “أفيغدور ليبرمان” في العام الماضي: “لن نسمح ببساطة بتوحيد الشيعة والتوسع الإيراني في سوريا، ولن نسمح لسورية بأن تصبح قاعدة عمليات أمامية ضد دولة إسرائيل”.
لم تُخفِ إيران حقيقة أن ذلك هو بالضبط ما تعتزم القيام به، حيث ظهرت في تشرين الثاني/ نوفمبر 2017 تقارير حول بناء مجمع إيراني مزعوم في قاعدة عسكرية سورية جنوب دمشق، وقصفت الطائرات الإسرائيلية الموقع بعد أسابيع، واعتبر “زيلبر” أن الأكثر إثارة للقلق الإسرائيلي هو إعلان إيران عن فكرة إنشاء قاعدة بحرية على ساحل المتوسط في سوريا، بالإضافة إلى عمليات نشر دائمة في مختلف المطارات السورية، في المقام الأول كقواعد لطائرات بدون طيار وصواريخ، ووحدات دفاع جوي تابعة للحرس الثوري الإيراني، وذكر “زيلبر” بأن الاستخبارات الإسرائيلية قد سربت مؤخراً خمسة مواقع كهذه إلى الصحافة، مما يشير إلى أنها تعرف ما تفعله إيران وتعترف ضمنياً بأن خطها الأحمر الثالث قد انتهك بشدة.
الحرب في الظل بين إسرائيل وإيران أصبحت الآن صراعاً مباشراً
أشار “زيلبر” إلى التصريحات المتبادلة بين الدولتين، حيث أعلن متحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية في 16 أبريل/نيسان “ستحصل إسرائيل على الرد الضروري عاجلاً أم آجلاً، “لقد ولّت أيام الهرب والاختباء”، وذهب حسن نصر الله إلى أبعد من ذلك، قائلاً في 13 نيسان/أبريل: “على الإسرائيليين أن يعرفوا أنهم في مواجهة وجهاً لوجه مع إيران”.
ومن جانبها، لم تظهر إسرائيل أي ميل للتراجع، وكما قال متحدث سابق باسم جيش الدفاع الإسرائيلي لراديو الجيش الإسرائيلي في منتصف أبريل/نيسان: “نحن في حرب مفتوحة مع الحرس الثوري الإيراني في حملة مستمرة”، كما أن “نتنياهو” قد هدد ليس فقط القوات العسكرية الإيرانية في سوريا ولكن أيضاً نظام الأسد نفسه إذا كان الوضع يخرج عن السيطرة، وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي في 20 نيسان/أبريل: “إن مقاتلي جيش الدفاع الإسرائيلي والأجهزة الأمنية مستعدون لأي تطور”، وأضاف: “لن تردعنا التكاليف وسوف نحدد ثمناً من أولئك الذين يهددون حياتنا”.
واعتبر “زيلبر” أن المشكلة المشؤومة حقاً هي أن كل جانب قد وضع مواقف لا تترك مجالاً للمناورة الاستراتيجية، ومع ذلك، فمن غير المحتمل أن تسلم إيران ببساطة مكاسبها التي تحققت بصعوبة في سوريا، وقد واصلت إصدار تهديدات حادة بنفسها، وقال “علي شيرازي” مساعد للقائد الأعلى الايراني في نفس الوقت “اذا منحتنا اسرائيل عذراً فإن تل أبيب وحيفا ستدمران”.
واختتم “زيلبر” مقالته بالقول أن كل هذا يعني شيئاً مخيفاً للغاية: الحرب بين إسرائيل وإيران في سوريا التي بدأت قبل سبع سنوات، قد انتقلت الآن من الظلال، وتندفع نحو مرحلتها الثالثة وربما الأكثر تدميراً، معتبراً أن الشرق الأوسط بأكمله يطفو على حافة سكين.
روسيا تصعّد احتمال الحرب بين إسرائيل وإيران في سوريا
اعتبرت صحيفة “وول ستريت” الأمريكية أن روسيا ساهمت في تصعيد حدة الصراع بين كل من إسرائيل وإيران وتزايد احتمالات نشوب حرب بين البلدين، حيث أعلنت روسيا مسؤولية إسرائيل عن الضربة الأخيرة التي استهدفت مطار تي-4 ما أودى بحياة سبعة جنود إيرانيين، وهذا الإعلان دفع إيران إلى حفظ ماء الوجه من خلال رفع حدة التهديد ضد إسرائيل.
وأشار كاتب المقالة “دينيس روز” إلى الأسباب التي تدفع الروس للتخلي عن الإسرائيليين، أولاً: أن الروس موجودون في القاعدة، وعلى الرغم من أن الهجوم الإسرائيلي كان دقيقاً جداً، إلا أنه كان قريباً من القوات الروسية، مما دفع “فلاديمير بوتين” إلى الإشارة للإسرائيليين بأن ذلك غير مقبول، ثانياً: وقع الهجوم الإسرائيلي بعد تنفيذ بشار الأسد للهجوم الكيماوي، لذلك سعى بوتين لإعلان أن هذه ليست ضربة أمريكية، حيث أن بوتين لديه حساسية من ظهور أمريكا كصاحبة الكلمة العليا، فالكلمة الأولى والأخيرة لروسيا.
ويرى “روز” الذي شغل سابقاً منصب مدير التخطيط السياسي في عهد الرئيس “جورج بوش” وكان المنسق العام لشؤون الشرق الأوسط في عهد “بيل كلينتون” أن إيران وإسرائيل في طريقهما للتصادم، فإيران مصممة على بناء بنية تحتية عسكرية وساعة لها ولحلفائها في سوريا، وفتح جبهة جديدة ضد إسرائيل، وفي المقابل، فإن إسرائيل مصممة على منع إيران من خلق تهديد جديد في سوريا يشبه مليشيا حزب الله في لبنان، كما أن هناك عامل إضافي يُرشّح الاصطدام بين البلدين، يتجلى بالتصميم الإيراني على بناء جبهة سورية ضد إسرائيل، مما يعكس الاعتقاد بأن الجمهورية الإسلامية ستحصل على ميزة غير مماثلة على الدولة اليهودية.
وخلص “روز” في مقالته إلى أن الردع الأمريكي مطلوب الآن، وأن بوتين بحاجة إلى فهم أن الولايات المتحدة لن تجلس وتنتظر توسع إيران في سوريا لإطلاق حرب أوسع مع إسرائيل، يمكنه العمل لاحتواء توسيع وجود الميليشيات الإيرانية والشيعية، أو أمريكا، باستخدام قوتها الجوية، سوف تفعل ذلك.
الغرب ليس لديه “خطة متماسكة” لتجنب الحرب بين إسرائيل وإيران
اعتبرت صحيفة “تلغراف” البريطانية أنه يجب على بريطانيا والغرب الضغط على إيران لكبح جماح وجود مليشا حزب الله في جنوب لبنان من أجل تجنب “حرب كبرى جديدة” بين الجماعة المسلحة والجيش الإسرائيلي، كما حذر رئيس سابق للجيش البريطاني، وقال “اللورد دانات” رئيس الأركان السابق، أن الغرب لا يمتلك استراتيجية متماسكة لردع الترسانة العسكرية مليشيا حزب الله في لبنان ونتيجة لذلك كان يخاطر بحدوث اندلاع مفاجئ للنزاع “إما عن طريق الصدفة أو بالتصميم”.
وكتب “اللورد دانات” في موقع “ديلي تلغراف”: “في غياب جهد دولي منسق لكبح إيران في المنطقة “ولا توجد مثل هذه الاستراتيجية الغربية المتماسكة” يجب أن نكون مستعدين لتوقع من إسرائيل أن تدافع عن مصالحها الأمنية الحيوية بقوة، ومع ذلك، فإن الأهداف العسكرية المشروعة التي ستضطر إسرائيل إلى شنها في صراع مع إيران، والجيوش الإرهابية التي تخفيها بين المدنيين في لبنان وسوريا، ستجعلها حرباً طاحنة للغاية”.
وتحدث اللورد “دانات” قبل إطلاق تقرير جديد عن احتمالات حرب إسرائيل بين مليشا حزب الله وجمعت من قبل المجموعة العسكرية رفيعة المستوى (وهي مجموعة من كبار الضباط العسكريين الغربيين السابقين، من قبل أصدقاء المبادرة الإسرائيلية، وهي جماعة مؤيدة لإسرائيل أطلقها خوسيه ماريا أثنار، رئيس الوزراء الاسباني السابق)، ويخلص التقرير إلى أن المملكة المتحدة ودول أوروبية أخرى يجب أن تصنف مليشيا حزب الله بكامله كجماعة إرهابية، بدلاً من التمييز بين جناحها المسلح وجناحها السياسي.
كما يقترح التقرير بأنه يجب على الغرب أن يوضح أنه سيدعم إسرائيل في حالة حدوث نزاع، “لإرسال رسالة واضحة إلى إيران وحزب الله بأن هذه القوة ستواجهها قوة عسكرية متفوقة بدعم كامل من حلفائها”، ويُضيف التقرير بأنه يجب على الولايات المتحدة أن تقدم الدعم المالي للبنان “في خطة لتجريد حزب الله من وضعه الفعلي كقوة رائدة في البلاد”.
عذراً التعليقات مغلقة