حرية برس:
أثار بيان ما يسمى “المجتمع المدني السوري”، في مؤتمر بروكسل حول سوريا، موجة استنكار واستهجان واسعة في أوساط الناشطين السوريين والمنظمات المدنية.
وتجاهل البيان تماماً الإشارة إلى جرائم نظام الأسد التي أوصلت سوريا إلى الوضع الراهن، محملاً كل الأطراف مسؤولية المأساة السورية، وأغفل حقيقة أن نظام الأسد وداعميه هم المسؤولون عن كل الأهوال التي يشهدها السوريون والجرائم التي ترتكب بحقهم.
ولم يأت البيان على أي ذكر للمناطق التي يحاصرها نظام الأسد منذ سنوات مانعاً دخول الأدوية والغذاء والفرق الطبية والإغاثية إليها، على الرغم من أن الإغاثة من صلب العمل المدني، كما لم يتطرق إلى مسؤولية نظام الأسد عن حماية تلك الطواقم وفق القوانين الدولية التي تنص على أن هؤلاء الأشخاص يجب أن يحظوا بحماية خاصة أثناء تأدية مهامهم الإنسانية.
ووصف البيان عمليات التهجير القسري التي يمارسها نظام الأسد ب”الهندسة الديمغرافية من قبل جميع الأطراف”، كما طالب برفع العقوبات الدولية عن سوريا.
ولم تعلن أي من المنظمات المشاركة في الاجتماع عن مشاركتها في صياغة البيان.
وسارعت كل من الشبكة السورية لحقوق الإنسان ومركز توثيق الانتهاكات في سوريا إلى التبرؤ من البيان، وقالتا في بيان “إن التباساً بخصوص بيان تم تداوله خلال الساعات الماضية صادر عن (مؤسسات المجتمع المدني) السورية الموجودة في بروكسل.
وأوضح بيان المنظمتين أن “مركز توثيق الانتهاكات والشبكة السورية لحقوق الانسان حضرا ظهر الأربعاء ممثلين بمدير مركز توثيق الانتهاكات التنفيذي السيد حسام القطلبي والمدير التنفيذي للشبكة السورية لحقوق الإنسان السيد فضل عبد الغني؛ اجتماعاً لسبع دول من الاتحاد الاوربي على المستوى الوزاري تبعه نقاش موسع حول آليات مكافحة التهرب من المحاسبة على الجرائم المرتكبة في سوريا”.
وأكد البيان أنه “ليس للمركز أو للشبكة أي علم بالبيان المذكور ولم يسمعا به أو يقرأه أحد من فريق المؤسستين أو يشارك بصياغته أو يوقع عليه أي أحد سواء من المركز أو الشبكة. وأن المؤسستين لم يقوما باصدار أي بيانات صحفية خاصة في هذا اليوم”. مضيفاً أن أياً من المؤسستين لم يك مدعواً لحضور الاجتماع الرسمي لمؤتمر بروكسل الحالي. واقتصر حضورهما اليوم على الجلسة المذكورة من خارج أعمال المؤتمر الرسمية.
من جهته أوضح أسعد العشي المدير التنفيذي لمنظمة “بيتنا سوريا” أنه لم يتم دعوة أي طرف سوري لمؤتمر بروكسل، لكن قام مكتب العلاقات الخارجية للاتحاد الأوروبي والمبعوث الأممي لسوريا “ستيفان ديسمتورا” بتوجيه دعوات لـ 36 منظمة مجتمع مدني، 15 منهم قدمت من دمشق، و21 منظمة أخرى تعمل في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام ودول الجوار، وذلك لحضور 8 فعاليات جانبية للمؤتمر لمدة 3 أيام ( 22- 23 – 24 من الشهر الجاري)، تطرّقت هذه الفعاليات لقضايا المرأة واللاجئين والنازحين، كما تم عرض دراسات لمراكز أبحاث حول موضوع إعادة الإعمار.
وأضاف العشي في تصريحات لموقع تلفزيون سوريا أنه بعد انتهاء هذه الفعاليات طُلب من المنظمات الحاضرة تجهيز خطاب ليتم إلقاؤه أمام الجلسة العامة للمؤتمر، وأكد العشي على أن ما تم تسريبه كان عبارة عن خطاب وليس بيان أو قرارات تم اتخاذها.
وذكر “العشي” أن المنظمات القادمة من دمشق والمنظمات العاملة في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام، بدأت نقاشاً حاداً جداً للتوصل إلى صياغة دقيقة للخطاب الذي سيتم إلقاؤه، وكان لدى المنظمات القادمة من دمشق عدة طلبات أهمها إعادة فتح السفارات الأجنبية في سوريا وعدم ربط المساعدات المقدمة من الدول المانحة لإعادة الإعمار بأي عملية انتقال سياسي في سوريا بالإضافة إلى رفع كامل العقوبات عن سوريا.
في حين طالبت المنظمات العاملة في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام، بالحماية والمساءلة والمحاسبة والانتقال السياسي، وربط إعادة الإعمار بوجود انتقال سياسي حقيقي في سوريا. حيث رفضت هذه المنظمات طلبات المنظمات القادمة من دمشق، في حين تم مناقشة الطلب الثالث حول رفع كامل العقوبات عن سوريا.
وقال العشي إنه تم التوصل في صياغة الخطاب إلى مطلب محدود جداً حول ذلك، حيث تمت المطالبة في الخطاب بـ “إعادة النظر” في العقوبات التي تؤثر سلباً على “قطاعات التعليم والصحة وسُبل العيش”. مشيراً إلى أن الخطاب لم يطالب بفتح قنصليات للنظام في دول اللجوء، بل طالب بإعادة تفعيل عملها لتقديم الخدمات القنصلية للاجئين “بكرامة”، كما طالب الخطاب بضرورة الحل السياسي وفقاً لمسار جنيف والقرار 2254.
إلا أن توضيحات العشي بدت غير مقنعة للكثيرين على اعتبار أن مطالب البيان تمثل تطبيعاً مع النظام اللاشرعي، وتنازلاً عن أهداف الثورة، وتكشف انسياق منظمات المجتمع المدني المحسوبة على الثورة إلى صف منظمات الأسد، واستجابتها وضعفها أمام محاولات ديمستورا بجعل هذه المنظمات غير منحازة إلى صف الشعب السوري.
ردود أفعال حادة
حمّل الكاتب السوري عماد غليون المؤسسات والهيئات السياسية والعسكرية ومنظمات المجتمع المدني مسؤولية تراجع الثورة، وقال لاحقاً إن “القنصليات السورية يجب أن تمثل الشعب السوري وتكون ملكاً للجميع… للدولة وليس للنظام”.
من جهته اعتبر الناشط علي دياب إن “رسالة المجتمع المدني خيانة وكذب وتدليس ولا تمت بصلة للعمل المدني”، نافياً أن تكون ممثلة لنشطاء المجتمع المدني.
واستغربت الناشطة بيان العداوي كيفية إصدار بيان كهذا، مشيرة إلى أن من بين الحضور أشخاص كانوا على تواصل مباشر مع أهالي الغوطة الشرقية.
عذراً التعليقات مغلقة