رصدت مجلة “The American Spectator” الوضع المتوتر ما بين “إسرائيل، وإيران” في المشهد السوري، ففي الوقت الذي بدأت فيه إيران ببناء قواعد عسكرية في سوريا بالقرب من الحدود الإسرائيلية منذ أكثر من عام، أوضحت إسرائيل منذ نشر التقارير الأولى لهذا النشاط في عام 2017 بأنها لن تسمح للإيرانيين بالقيام بذلك لأنه يشكّل تهديداً كبيراً لإسرائيل.
حيث تطلق إيران من هذه القواعد طائرات بدون طيار فوق المجال الجوي الإسرائيلي، وتمتلك العشرات وربما المئات من قوات الحرس الثوري الإيراني التي تُشكل هذه القواعد مركز أعمالها، وقد هاجمت إسرائيل هذه القواعد في أربعة مناسبات على الأقل ابتداءً من 10شباط/فبراير إلى 17 نيسان/أبريل.
وترى المجلة أن هذه الحيثيات تطرح تساؤلاً، ففي الوقت الذي يتحدث فيه القادة الإيرانيون عن حرب وشيكة مع إسرائيل، إلا أن إيران لم تقم بشن هجمات صغيرة رداً على هجمات إسرائيل على قواعدها، لماذا؟
استطردت المجلة في تحليل المشهد، واستعراض التصاريح المتبادلة بين كل من الإيرانيين والإسرائيليين، حيث قرأ محللو معهد الشرق الأوسط لأبحاث الإعلام “MEMRI” المغزى من استهداف إسرائيل للقواعد الإيرانية في سوريا على أنه تأكيد على استعداد إسرائيل لحرب شاملة مع إيران.
وهذا التحليل يتفق مع تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي “بنيامن نتنياهو” حيث قال: “إن تصريحات إيران تتبادر إلى مسامعنا، وإن الجيش الإسرائيلي وقوات الأمن في حالة استعداد لأي تحرك إيراني محتمل، سنقاتل أي أحد يحاول إلحاق الأذى بنا، ولن نخجل من القيام بعمل ضد أولئك الذين يهددون أمننا، وسيدفعون ثمناً غالياً”.
ومن جهتها، قامت العديد من الصحف الإيرانية الحكومية بالإضافة إلى مسؤولين إيرانيين مثل نائب قائد الحرس الجمهوري الجنرال “سلامي”، محذّرين من أن القواعد الجوية الإسرائيلية تقع ضمن مدى الصواريخ الإيرانية الجاهزة للإطلاق عند أي استفزاز.
إلا أنه بحسب تقارير معهد الشرق الأوسط لأبحاث الإعلام، فإن المرشد الأعلى “آية الله خامنئي” وقائد الحرس الثوري الإيراني “علي جعفري” قد التزما الصمت حيال أي هجوم مضاد مُوجّه للإسرائيليين، وعادة ما كان كلاهما صوتاً صريحاً للتهديدات ضد إسرائيل التي يسمونها “الشيطان الأصغر”.
وترى المجلة أنه بغض النظر عن مدى جاهزيتها، إلا أن الإسرائيليين لا يريدون حرباً عامة مع إيران، ففي مثل هذا الصراع، وحتى لو لم تكن إيران قد طوّرت أسلحة نووية بعد، فإن إسرائيل ستعاني من عدد كبير من الإصابات، كما أن حزب الله الذي هو الشبكة الإرهابية لإيران في لبنان، يمتلك الآلاف من الصواريخ قصيرة وطويلة المدى التي قد تُطلق على إسرائيل، في حين أن أنظمة الدفاع الإسرائيلية مصممة لإسقاط الصواريخ والقذائف القادمة، ولكن يمكن للصواريخ والقذائف القادمة التغلب عليها.
كما سيحاول حزب الله أن يسيطر ولو حتى لوقت قصير على بلدات إسرائيلية على الحدود اللبنانية.
كما أن إيران ستعاني الكثير أيضاً، حيث يمكن للقوات الجوية الإسرائيلية وقدراتها الصاروخية الهجومية أن تُلحق أعداداً هائلة الإصابات، وربما تقتل عدداً كبيراً من عناصر الحكومة الإيرانية.
وتُشير المجلة إلى أن الضرر المُحتمل أن يلحق بإيران ليس السبب الوحيد لعدم شنها هجوماً على إسرائيل، بل إن هناك ثلاثة أسباب أخرى:
أولاً وقبل أي شيء آخر، إيران لا تريد إعطاء الرئيس “ترامب” سبباً آخر لإلغاء صفقة “أوباما” للأسلحة النووية مع “آية الله خامنئي” والتي من المرجح أن يبتّ في 12 مايو/أيار بضغط من الحلفاء الأوروبيين “بريطانيا، فرنسا، ألمانيا” على ترامب، لمنحهم المزيد من الوقت لدفع إيران للحصول على تنازلات أكبر بموجب الاتفاق، كما تضغط كل من روسيا والصين “وهما أيضاً طرفان في الصفقة” على ترامب لعدم إلغاء الصفقة.
ثانياً من المحتمل أن الإيرانيين لم يحصلوا على الدعم الروسي لأي هجوم على إسرائيل، حتى الآن، غضت روسيا الطرف عن الهجمات الإسرائيلية على أهداف إيرانية في سورية، على الرغم من تحالفها مع إيران لإبقاء الأسد في السلطة.
وعلى الرغم من أن الموافقة الروسية لن تكون شرطاً لا غنى عنه في أي هجوم مضاد، فإن علاقات إسرائيل مع نظام بوتين جيدة بشكل عام، وربما تقول روسيا لإيران أن توقف أي عمل إلى أن يتخذ ترامب قراره بشأن صفقة أوباما النووية، التي تتمتع فيها روسيا باستثمار كبير.
ثالثاً، بحسب ما تُشير إليه تقارير معهد الشرق الأوسط لأبحاث الإعلام، فإنه من غير الواضح تماماً أن إيران لديها أي دعم شعبي لهجوم إسرائيل، والذي من غير الواضح أنه سيكون جزءً من مغامراتها في سوريا، وقد أكدت التقارير الموثوقة أن المظاهرات المناهضة للنظام الإيراني تنطوي في جوهرها على رفض حملتها ضد سوريا.
وتؤكد المجلة أن كل ذلك لا يعني أنه من المستبعد أن تشتعل حرب بين إسرائيل وإيران في أي وقت، وعلى الأرجح أن تجري هجمات إيرانية عقب شهر مايو/أيار ضد أهداف عسكرية أو مدنية إسرائيلية، وفي هذه الحالة سوف تواجه إسرائيل حرباً على ثلاثة جبهات في سوريا ولبنان وإيران.
وخلصت المجلة إلى أن مثل هذه الحرب ستكون دموية للطرفين، باعتبار إيران قوية عسكرية مثل إسرائيل، ومن الصعب جداً أن يفوز أحد في مثل هذا الصراع، فبحسب ما جاء في كتاب نائب مستشار الأمن القومي الإسرائيلي السابق “لي تشاك فريليش” وكتابه المعنون ب “الأمن القومي الإسرائيلي”، فإن إسرائيل أكثر حساسية للإصابات، وأن احتمالية موت مئات أو آلاف المدنيين من حزب الله والهجمات الصاروخية الإيرانية هي أكثر عوائق سياسية قوية تؤثر بشكل مباشر على قدراتها القتالية، كما أن الازدراء الدولي الذي ستقابل به إسرائيل في حال شنت أي هجمات مباشرة على لبنان أو إيران هو سبب قوي آخر لضبط النفس.
وأشارت المجلة أن إيران كانت في حالة حرب مع إسرائيل منذ وصول “آية الله” إلى السلطة في عام 1979، وحتى الآن، اختارت إشعال حروب بالوكالة مثل آخر حرب بين إسرائيل وحزب الله في عام 2006، وحرب أخرى مماثلة – محصورة في إسرائيل ولبنان – هي أكثر نتيجة محتملة هذا العام.
ونوهّت المجلة إلى أن أي غزو إسرائيلي للبنان سيكون باهظ التكلفة في الأرواح العسكرية والمدنية، فعلى سبيل المثال، إذا نجح حزب الله في الاستيلاء على بلدات إسرائيلية شمالية مثل كريات شمونة، على الحدود اللبنانية قبل إخلائها، فقد يؤدي ذلك إلى مذبحة يرتكبها حزب الله ضد المدنيين.
واختتمت المجلة مقالتها بالسؤل: هل ستنشب حرب كهذه في الشهرين أو الثلاثة المقبلة؟ إيران وحدها على يقين.
عذراً التعليقات مغلقة