أدانت منظمة “هيومن رايتش ووتش” اليوم الجمعة، بتقرير لها إجبار مئات اللاجئين السوريين في لبنان على مغادرة أماكن سكنهم وطردهم من عدد من المدن والبلدات اللبنانية، وحمل التقرير عنوان “منازلنا ليست للغرباء: البلديات اللبنانية تجلي آلاف اللاجئين السوريين قسراً”.
وأوردت المنظمة في تقرير أن “الطرد من قبل البلدايات يبدو تمييزيا وغير قانوني”، وذكرت أن “13 بلدية في لبنان على الأقل أجلت قسراً 3664 لاجئاً سورياً على أقل تقدير من منازلهم وطردتهم من البلديات، على ما يبدو بسبب جنسيتهم أو دينهم”، مشيرة إلى أن 42 ألفاً آخرين يواجهون الخطر ذاته، وأخبرت وزارة الشؤون الاجتماعية اللبنانية “رايتس ووتش” أنه تم إجلاء 7524 سورياً من محيط مطار رياق العسكري في 2017، بينما ينتظر 15126 آخرون تنفيذ أوامر الإخلاء.
ويؤوي لبنان حالياً نحو مليون لاجئ سوري فروا خلال سنوات الحرب من مناطقهم ويعانون من ظروف إنسانية صعبة للغاية، ويرتب وجودهم أعباء اجتماعية واقتصادية على البلد الصغير ذو الامكانات الضعيفة، لكن منظمات دولية وغير حكومية تؤكد أن وجودهم يساهم في تنشيط الحركة الاقتصادية من خلال المساعدات المالية التي يصرفونها في الأسواق المحلية.
وعانى اللاجئون السوريون خلال السنوات الماضية من تصرفات “عنصرية”، وفق ما وصفها ناشطون، في بعض البلديات اللبنانية، من ناحية منعهم من التجول في ساعات المساء أو ترحيلهم ومداهمة أماكن سكنهم.
وقال مدير برنامج حقوق اللاجئين في هيومن رايتس ووتش “بيل فريليك” أن “البلديات لا تملك التبرير الشرعي لإجلاء اللاجئين السوريين قسراً إن كان هذا الأمر يحصل على أسس تمييز وفق الجنسية أو الدين”.
وأدت عمليات الطرد وفق المنظمة إلى “خسارة اللاجئين مدخولهم وممتلكاتهم، كما عطلت تعليم أولادهم، ومنهم من تغيب عن المدارس لأشهر ومنهم من توقف تماماً عنها”.
وتحدثت هيومن رايتس ووتش مع 57 لاجئاً، أفاد بعضهم عن استخدام السلطات العنف لطردهم، وأعتبرت المنظمة أن المسؤولين اللبنانيين يقدمون “أعذاراً واهية” لتبرير عمليات الطرد على اعتبار أن اللاجئين لا يحترمون قوانين السكن، مشيرة إلى أن الإجراءات التي اتخذتها البلديات “استهدفت المواطنين السوريين مباشرة وحصراً، دون المواطنين اللبنانيين”.
وأوردت هيومن رايتس ووتش أن غالبية البلديات التي اتخذت تلك الإجراءات هي ذات غالبية مسيحية، أما معظم اللاجئين الذين شملتهم فهم من المسلمين، ودعت المنظمة المسؤولين اللبنانيين إلى “الحد من الخطاب الذي يشجع أو يبرر الإخلاء القسري والطرد، وغير ذلك من سوء المعاملة والتمييز بحق اللاجئين السوريين في لبنان”.
وقال فريليك “على الدول المجتمعة في مؤتمر أصدقاء سوريا زيادة الدعم المقدم إلى لبنان، ليتمكن من الالتزام بواجباته القانونية والإنسانية تجاه اللاجئين”.
وكرر مسؤولون لبنانيون مؤخراً الدعوة للاجئين السوريين للعودة إلى بلادهم خصوصاً بعدما استعادت قوات الأسد السيطرة على مناطق واسعة.
وغادر 500 لاجىء سوري الأربعاء بلدة شبعا في جنوب لبنان إلى بلادهم في خطوة أتت بالتنسيق بين السلطات السورية والأمن العام اللبناني، فيما أعلنت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين عدم مشاركتها “نظراً إلى الوضع الإنساني والأمني السائد في سوريا”.
وكانت منظمات دولية حذرت من اجبار اللاجئين السوريين على العودة إلى بلادهم، وردت وزارة الخارجية اللبنانية على مفوضية الأمم المتحدة معتبرة أنها “تخوف النازحين من أية عودة في هذه المرحلة بسبب ما تذكره من وضع أمني غير مستقر”. وأشارت إلى “إصرار المفوضية مرة جديدة على رفض أي مؤشر إيجابي للعودة، على الرغم من استقرار الحالة الأمنية في كثير من المدن السورية”، وقالت الوزارة إن ذلك يدفعها الى “إعادة تقييم” عمل المفوضية و”مساءلتها”.
وختم التقرير بدعوة المنظمة، مؤتمر بروكسل المقبل، أن يجعل أولويته في حماية اللاجئين ومشاركة المسؤولية في تأمين احتياجاتهم من المساعدات الإنسانية.
عذراً التعليقات مغلقة