تناولت وكالة “بلومبيرغ” التداعيات المترتبة على الضربة الثلاثية التي تم تنفيذها مؤخراً ضد نظام الأسد، معتبرةً أن العلاقات بين روسيا وإسرائيل تتجه للتصعيد في ضوء الأحداث الأخيرة، حيث حذّر الرئيس الروسي “فلاديمير بوتين” عقب الضربة الثلاثية بأن الأمر سيكون له عواقب، وقال الكرملين بأنه قد يزوّد حليفه الأسد بأحدث الدفاعات الجوية.
واعتبرت الصحيفة أنه في حال كانت هذه التصريحات تجعل أعداء “بشار الأسد” يدقون جرس الخطر، فمن المرجح أن يكون صوت هذا الخطر أعلى لدى إسرائيل، التي تقوم بغارات جوية في سوريا أكثر من الولايات المتحدة وذلك بهدف منع إقامة وجود عسكري بمحاذاة حدودها من قبل الداعم الرئيسي للأسد “إيران”.
ونقلت الصحيفة عن محللين عسكريين ومسؤولي دفاع إسرائيليين قولهم أن الرد الوحيد المحتمل من إسرائيل في حال تزويد روسيا لظام الأسد بأنظمة صواريخ أرض جو، هو تفجيرها بشكل فوري، الأمر الذي من شأنه أن يقضي على العلاقة الحساسة بين إسرائيل وروسيا، ويخلق تحولاً خطيراً في الأحداث السورية القائمة منذ 7 سنوات.
ما الذي سيتم فعله ؟
لخصت الصحيفة مشاركة العديد من القوى الإقليمية والعالمية في الأحداث السورية، حيث شهد الأسبوع الماضي أعنف أزمة منذ عقود بين الخصمين النوويين روسيا والولايات المتحدة، وعلى الأرض، يحتل الجنود الأمريكيون والأتراك أجزاء منفصلة من شمال البلاد، بينما يقاتل الروس والإيرانيون إلى جانب الأسد، وفي الجو، تتمتع إسرائيل بحرية كبيرة في المناورة، بفضل تفوقها الجوي، وضوء أخضر ضمني من روسيا، إلا أن كلا الحالتين قد تتغير الآن.
ونقلت الصحيفة عن “عاموس يادلين” مدير المخابرات العسكرية الإسرائيلية سابقاً، وأحد الطيارين الإسرائيليين الذين دمروا مفاعل “تموز” النووي العراقي عام 1981، قوله: “لقد كان نشر صواريخ إس 300 في سوريا مصدر قلق لعقدين من الزمن، وفي نهاية المطاف سيحدث ذلك، لقد قمنا بالفعل بوضع خطط مناسبة للتعامل مع هذا التهديد، وبعد إزالته، وهو أمر حتمي الحدوث، نعود إلى المربع الأول”.
وأشارت الصحيفة إلى أن روسيا باعت بالفعل صواريخ إس 300 لإيران برغم الاعتراضات الأمريكية والإسرائيلية، وكانت سوريا في طريقها للحصول على هذه الصواريخ حتى عام 2013، عندما جمّد الرئيس “فلاديمير بوتين” العقد نزولاً عند طلب إسرائيل، لكن “بوتين” قال آنذاك أنه في حال حدوث هجوم من قبل الولايات المتحدة، فإن موسكو ستفكر في كيفية التصرف مستقبلاً.
روسيا تُعيد النظر:
أشارت الصحيفة إلى أن روسيا وصلت إلى هذه النقطة عند حدوث الضربة الثلاثية، حيث صرّح النائب الأول لرئيس أركان القوات الروسية “سيرجي رودسكي” عقب ساعات من الضربة أن حكومته ستعيد النظر فيما إذا كانت ستزود الأسد بدفاعات جوية، وأعلن وزير الخارجية “سيرجي لافروف” عن رسالة بلاده في مقابلة مع هيئة الإذاعة البريطانية “BBC” بعد يومين من الضربة الثلاثية، قائلاً أن الخطة قد يتم إعادتها إلى الطاولة لأن روسيا تشعر أنها يجب أن تفعل كل ما هو مطلوب لمساعدة الأسد في ردع العدوان.
وذكرت الصحيفة أن إسرائيل قامت بتنفيذ 150 غارة جوية في سوريا منذ بدء الانتفاضة السورية، وذلك بحسب “زفي ماغن” السفير الإسرائيلي السابق في موسكو، وكان آخر هذه الغارات في 9 أبريل/نيسان واستهدفت قاعدة جوية إيرانية، كما استهدفت قوافل أسلحة لحزب الله، منوهةً إلى أن منظومة إس 300 الصاروخية يمكنها إطلاق صواريخ على ستة أهداف في وقت واحد، ويصل مداها إلى 200 كيلومتر.
منظومة دفاع جوي متقدمة بشكل استثنائي:
نقلت الصحيفة ردة الفعل الإسرائيلية من تسليم روسيا منظومة إس 300 للنظام السوري، على لسان “مايكل أورين” نائب وزير الخارجية للدبلوماسية ومستشار رئيس الوزراء الإسرائيلي “إنه نظام متقدم للغاية يمكنه تغطية مساحات واسعة من الأراضي، وسنظل نعارضها دائماً”، وبالنظر إلى رد إسرائيل المحتمل يقول بعض المحللون في موسكو أنه من المنطقي استخدام هذا التهديد كورقة ضغط.
وقالت “إيلينا سوبونينا” الخبيرة في شؤون الشرق الأوسط في المعهد الروسي للدراسات الاستراتيجية، الذي يقدم المشورة للكرملين: “إن تسليم الأسلحة في واقع الأمر من شأنه أن يغذي التوترات في المنطقة ويسبب خلافاً رئيسياً مع إسرائيل، ويكفي تزويد الأسد بأنظمة دفاع جوي أخرى لا تثير مثل هذا الرد”.
ونقلت الصحيفة التعليقات على كفاءة منظومة صواريخ إس 300 وأثرها، حيث قال “جيرمي بينر” وهو خبير في شؤون الشرق الأوسط: “الأسد لديه بالفعل بعض الأنظمة القصيرة والمتوسطة، وبالإضافة إلى إس-300 سيكون الأسد قادراً على تشكيل مظلة دفاع جوي كاملة إلى حد ما ومتعددة الطبقات”، وأضاف أنه في أي محاولة لتدمير الأسلحة الجديدة من المحتمل أن تقوم إسرائيل بتدميرها بواسطة طائرات F-35 أمريكية الصنع.
ومن وجهة نظر الخبراء العسكريين الروس، فإنه في حين أن نظام إس-300 قوي للغاية، إلا أنه ليس مضموناً، وقال “فيكتور موراكوفسكي” وهو كولونيل سابق في الجيش ويشغل منصب مستشار حكومي الآن: “لا يوجد نظام دفاع جوي لا يُقهر، تماماً مثل أنه لا توجد طائرات لا تُقهر”.
عذراً التعليقات مغلقة