مصطفى عباس – حرية برس:
تناولت الصحف الفرنسية خطاب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي ألقاه أمام أعضاء الاتحاد الأوروبي في مدينة ستراسبورغ الفرنسية، حيث تكلم عن عدة مواضيع منها الضربات التي شاركت فيها فرنسا رفقة أمريكا وبريطانيا، ضد نظام الأسد بعد استخدامه الأسلحة الكيميائية في دوما قبل نحو أسبوعين.
ماكرون: الضربات لا تغير أي شيء
صحيفة اللوموند عنونت في هذا الخصوص “الدفاع عن الهجمات في سوريا” موضحة أنه في لهجة قاسية من النائب البلجيكي فيليب لامبيرت، من حزب الخضر، انتقد مشاركة فرنسا في الضربات، مهاجماً ماكرون بدعوى أنه يقوض شعارات الجمهورية الفرنسية (الحرية والمساواة والإخاء) ليلوم ماكرون بسبب بيع الأسلحة والطاقة النووية، إضافة إلى تفكيك مخيمات المهاجرين.
الرئيس الفرنسي دافع مجدداً عن الضربات التي نفذت في سوريا ضد مواقع الأسلحة الكيميائية، فيما حمل عدة نواب لافتات تطالب الرئيس ماكرون بإيقاف الحرب في سوريا، الذي بدوره اعترف أن الضربات لا تغير أي شيء، ولكنها تضع نهاية لنظام كنا معتادين عليه، وهو النظام الذي كان يعني بطريقة أو بأخرى أن معسكر الحقوق سيصبح ضعيف الجانب.
السماح مجدداً للطائرات المدنية بعبور الأجواء الروسية
وتحت عنوان آخر كتبت الصحيفة ذاتها “يمكن لشركات الطيران الأمريكية الاستمرار في التحليق فوق روسيا” مبينة أنه تم اتفاق حول الممرات الجوية بين موسكو وواشنطن، حيث تمكنت الدبلوماسية الأمريكية من إزالة التوتر في اللحظة الأخيرة.
ففي كل يوم تمر عشرات الرحلات الجوية التجارية الأمريكية عبر المجال الجوي الروسي للوصول إلى وجهتها بشكل أسرع في آسيا، وكان من المقرر أن يشارك مسؤولون روس عن الطيران المدني في محادثات هذا الأسبوع مع وزارة الخارجية في واشنطن، لكنهم ألغوا زيارتهم. وكانت غارات جوية الأسبوع الماضي ضد المنشآت العسكرية في سوريا أغضبت موسكو، التي حاولت في الماضي استخدام الممرات الجوية كورقة مساومة.
لا شيء يمنع النظام من هجوم كيميائي جديد
“لا شيء يمنع نظام الأسد من شن هجوم كيميائي جديد غدا” هذا هو عنوان لمقال كتبه الباحث في مؤسسة الأبحاث الاستراتيجية أوليفييه ليبيك لصحيفة اللوموند، الذي قال إنه بعد ساعات قليلة من الهجمات التي شنتها القوات الأمريكية والبريطانية والفرنسية في سوريا، قال وزير الخارجية جان إيف لو دريان إن “جزءاً كبيراً من الترسانة الكيميائية السورية قد دمرت في ثلاثة مواقع، بما في ذلك مركز البحوث. هل يمكن أن نكون إيجابيين إلى هذا الحد؟
الكلور يمكن تحويله لسلاح كيميائي بدائي
من الحكمة للغاية أن نميز بين مفهوم النجاح السياسي والفعالية التشغيلية على أرض الواقع. أولاً، لأن نظام الأسد يعرف المناطق المستهدفة قبل عدة ساعات، فإذا كان هناك بالفعل مخزون قيّم للنظام فإنه من غير المحتمل أن لا يتم إخلاؤه، على الأقل جزئيا، خاصة أن معظم الهجمات في سوريا منذ بداية الصراع قد صنعت من مادة الكلور، وهي ليست مادة كيميائية محظورة في قائمة المنظمة، ولكنها مادة صناعية سامة يمكن تحويلها إلى سلاح كيميائي بدائي، ويمكن شراؤه من كل المراكز التجارية، لذلك من المستحيل إنكار حق الدولة في امتلاكه، ناهيك عن تدمير مخزوناته في بلد ما.إذا لم يكن هماك ردع دبلوماسي، لا شيء يمنع نظام الأسد من شن هجوم كيميائي جديد غداً. بطريقة بسيطة جداً، مع الكلور، طالما أنه يوجد في الكثير من المنتجات اليومية.
لترات من السارين تلحق الأذى بالمدنيين
فيما يتعلق بالمواد السامة الأخرى، بما في ذلك غازات الأعصاب مثل غاز السارين، نعرف أن سوريا، رغم التزامها بتدمير مخزونها تحت إشراف منظمة حظر الأسلحة الكيميائية في عام 2014، إلا أنها ما زال لديها مخزون. وهناك أدلة على استخدامه كما في ذلك في خان شيخون في أبريل 2017، فضلا عن كذب النظام حول ترسانته العسكرية.
تم تقييم المخزون السوري المتبقي من قبل الاستخبارات بنحو 30 طن، وليس من الواضح أين توجد هذه المخزونات. من الممكن أن يكون جزء منها في المواقع التي تم استهدافها، لكن عشرات اللترات من غاز السارين يكفي ليلحق أذى كبيراً بالسكان المدنيين، ولذلك فمن المستبعد جدا أن النظام السوري ليس القدرة على مزيد من الهجمات.
بدورها مجلة الاكسبريس نشرت مقالاً للكاتب كريستيان ماكاريان بعنوان “الدروس المستخلصة من الضرابات في سوريا” فقالت إنه خلال اللقاء الذي أقيم على شاشة التلفزيون BFM، قدم إيمانويل ماكرون تأكيداً يستحق أن نتوقف عنده “لقد أعدنا اكتساب المصداقية في نظر الروس”. لا شك أن هذا هو السبب الرئيسي للعمل العسكري الذي تم شنه ضد مواقع إنتاج الأسلحة الكيماوية لنظام الأسد.
في النزاع السوري، هناك شيء واحد واضح وهو أن لا أحد يريد التدخل مباشرة، منذ عام 2011، بعتاد عسكري كبير، والشيء الآخر هو غض الطرف عن كل شيء فعلته وأباحته روسيا لنفسها، ووفقاً لدونالد ترامب وإيمانويل ماكرون وتيريزا ماي، فإن العملية العسكرية حققت نجاحاً كاملاً، ليس أقل من ذلك “المهمة أنجزت”، وهو يمثل تدخلاً نموذجياً في نظر الخبراء لأسباب تبين فعالية الحلفاء الغربيين ضد القوات المشتركة للأسد، إيران، حزب الله وروسيا.
وأخيراً، لم تقم القوات الروسية بتشغيل أنظمة الدفاع المضادة للصواريخ أو الأنظمة المضادة للطائرات، فقط جيش الأسد هو الذي خاطر بها، مع عدم الكفاءة تماماً. واصلت موسكو التقليل من أهمية هذه الضربات، بينما أدانتها بطريقة قاسية، فيما الجانب الديبلوماسي متوقف الآن، لكن كل من الروس والغرب لديهم حاجة كبيرة لكسر الجمود، ولديهما مؤتمرا سلام متعارضتان: مفاوضات أستانا وسوتشي، ومحادثات جنيف.
عذراً التعليقات مغلقة