لن تعترف إسرائيل بشكل واضح أنها وراء الضربة في سوريا، لكنها اعترفت في الماضي بالهجوم على قاعدة تي-4 الجوية، قد يشجع استمرار إيران في إنشاء موطئ قدم لها في سوريا على اتباع نهج إسرائيلي عدواني.
ألقى الصحفي الإسرائيلي عاموس هرئيل الضوء على الاستراتيجية الإسرائيلية ضد إيران في سوريا. معتبراً أن إسرائيل خرجت من الهامش، بل أنها تأخذ دوراً أكثر نشاطاً في الأحداث.
حيث اتهم كل من نظام الأسد وروسيا إسرائيل بالقيام بالضربة التي استهدفت البارحة قاعدة تي_4 الجوية في حمص، في الوقت الذي أعلنت فيه الولايات المتحدة عدم مسؤوليتها عن هذه الضربة، ورفضت إسرائيل التعليق.
مذكراً بالضربتين التي تبنّتهما إسرائيل في آذار/مارس العام الماضي وشباط/فبراير العام الحالي، على القاعدة ذاتها التي تضم عسكريين ومستشارين إيرانيين. حيث دمر سلاح الجو الإسرائيلي في ضربة شباط/فبراير مركزاً إيرانياً للتحكم في القاعدة، بعد أن دخلت طائرة إيرانية بدون طيار المجال الجوي الإسرائيلي.
ويرى هرئيل، وهو أحد الإعلاميين الإسرائيليين البارزين في القضايا العسكرية والدفاعية، أن إسرائيل قد وضعت خطوطها الحمراء بالفعل عند بداية الأزمة السورية، وأعلنت أنها ستعمل على إحباط تهريب أسلحة متطورة من سوريا إلى مليشيا حزب الله في لبنان. ومنذ ذلك الحين نسب الإعلام الأجنبي عشرات الغارات الجوية ضد قوافل ومستودعات الأسلحة في سوريا إلى إسرائيل. كما تم رسم خط أحمر آخر في العام الماضي، يتمحور حول تمدد الوجود الإيراني في سوريا.
وناقش هرئيل في مقالته في صحيفة “هارتس” الإسرائيلية بعض الملاحظات التي تخص ضربة ليلة الأحد، معتبراً أنه ينبغي النظر إلى ضربة إسرائيلية إذا حدثت بالفعل في السياق الاستراتيجي الأوسع، انطلاقاً من الهجوم الكيماوي الذي نفذّه الأسد على المدنيين، والتأثير الروسي_الإيراني المتنامي في سوريا، والإشارات التي صدرت عن إدارة ترامب بسحب القوات الأمريكية من سوريا.
ففي يوم الأربعاء الماضي، التقى رؤساء تركيا وروسيا وإيران في العاصمة التركية أنقرة لعقد قمة تتناول الترتيبات التي تقسم السلطة والنفوذ في سوريا في مواجهة انتصار نظام الأسد الواضح على خصومه. في الوقت نفسه، كان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يعتزم سحب قواته من سوريا، حتى لو لم يتم اتخاذ قرار نهائي، على الرغم من حقيقة أن الفكرة تعارضها بعض مستشاري ترامب وجنرالاته.
وتساءل هرئيل هل من المستغرب أن يعتبر الأسد أو أحد الأشخاص في سلسلة قيادته التطورات الاخيرة كنافذة خلاص تسمح لنظام الأسد أن يستخدم السلاح الكيميائي لارتكاب مجزرة بحق مدنييه لتسريع عملية تطهير جيوب المقاومة الاخيرة شرق دمشق؟
واستطرد قائلاً بأنه كما هو الحال في الحالات الأخرى التي يمكن إثبات تورط روسيا فيها أن يحرج موسكو، ليس من الواضح ما إذا كان الأسد قد حصل على الضوء الأخضر من الروس للتصرف. كما هو متوقع، تنكر دمشق وموسكو تماماً استخدام الأسلحة الكيماوية.
ويجدر التذكير بالقاعدة القائلة بأنه “لا ينبغي تصديق شيء حتى ينفي الكرملين ذلك” (كما نفت روسيا تورطها في محاولة اغتيال الجاسوس السابق سيرجي سكريبال). واصل الأسد بدعم روسي المشاركة في القتل الجماعي للمدنيين بوسائل مختلفة، واستعادة الأسلحة الكيماوية التي تخرج الغرب عن لامبالاتهم لفترة وجيزة.
واعتبر هرئيل أن الخطيئة الأصلية تعود إلى إدارة أوباما التي أعاجت النظر في إجراءات عقابية ضد الأسد بعد أن ثبتت مسؤوليته عن أول مجزرة نُفذت بالسلاح الكيماوي في عام 2013. مُّذكّراً بالاتفاق الذي تم التوصل إليه في ذلك الحين بوساطة روسية، والذي شمل تخلي نظام الأسد عن أسلحته الكيماوية، إلا أن نظام الأسد على ما يبدو احتفظ بكميات معينة من الأسلحة الكيماوية القابلة للاستخدام، بالإضافة إلى استخدام أكبر للغاز الأقل فتكاً إلى حد ما مثل غاز الكلور.
ومن وجهة نظر هرئيل، إن ترامب لا يتصرف بشكل مختلف عن سلفه. فقبل عام من هذا الأسبوع أمر ترامب في الواقع بهجوم صاروخي على قاعدة سلاح الجو السوري رداً على الهجوم الكيميائي في سوريا على خان شيخون ، لكن يبدو أنه في هذه العملية (بعد المديح من وسائل الإعلام)، كان اهتمام ترامب بالأحداث في سوريا قد انتهى، من الناحية العملية. وحتى لو قامت الولايات المتحدة بهجوم عقابي آخر في هذا الوقت، فإن الأسد يعرف أنه يستطيع فعل أي شيء يريده تقريباً بدعم روسي، وأن الأميركيين في طريقهم للخروج.
وأشار هرئيل إلى الآثار التي تتركها هذه الأحداث على إسرائيل، فهي تدعم تقييم ثقة الأسد بالنفس واستعداده لاستخدام أي وسيلة لاستعادة السيطرة على مساحات واسعة من الأراضي السورية، وهو نهج سيُرى في المستقبل القريب في جنوب الجولان السوري.
كما أنها تُثير الشكوك أيضاً حول الحكمة من قرار وقف إنتاج وتوزيع مجموعات قناع الغاز على السكان الإسرائيليين. وإن معظم ما تقرر في قمة أنقرة هو مصدر قلق لإسرائيل. ويبدو أن طهران تلقت دعماً في القمة لاستمرار جهودها لإنشاء وجود لها في سوريا، بما في ذلك المواقع القريبة من الحدود الإسرائيلية.
وهذه خطوات يمكن أن تسرع الجهود الإسرائيلية لمواجهة الوجود الإيراني، حيث كان رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع أفيغدور ليبرمان يهددان، ويدعم رئيس أجهزة الأمن الإسرائيلية هذا النهج العدواني، لكنه قد ينطوي على عواقب _من خروج أمريكي من سوريا إلى مأزق إسرائيلي هناك.
Sorry Comments are closed