ترك قلبه في الغوطة..

فريق التحرير3 أبريل 2018آخر تحديث :
مهجر من الغوطة الشرقية يصل الشمال السوري حاملاً ابنته  (تواصل اجتماعي)

ولاء عساف – حرية برس:

“كنت أحمل الكثير من الآمال والأمنيات.. أحمل وطناً بين عينيّ اسمه الغوطة.. لم أكن أتصور يوماً أن أتهجر منها هكذا مخذولاً من كل شيء.. من العالم بأسره… خرجت مع زوجتي وطفلتي الصغيرة بباصات خضراء.. كان ثمن ركوبها بضع ليرات وبات ثمنها اليوم وطن.. دفعنا الابتعاد عن وطننا ثمنا لركوبها يا سادة”.

هي كلمات نطقها نصار السعيد ابن مدينة جوبر عندما خرج من الغوطة.. وكان هذا آخر ما يتوقع.

(نصّار) ابن الثلاثة والعشرين عاماً لديه زوجة وطفلة.. يقول وهو يسرد قصته: كنت من أول المتظاهرين ضد النظام السوري، وأول من حمل السلاح والتحق بثوار الغوطة عندما تحولت الثورة إلى ثورة مسلحة.. التحقت مؤمناً بقضية ووطن.. أصبت عدة مرات ونحن في مواجهات مع النظام، ولكن في كل مرة كنت أنهض بإصرار وعزيمة أكبر على المضي والإقدام أمام نظام يريد إبادتنا بكل الطرق.

ويتابع قائلاً: عملت لعدة أشهر مع إحدى المنظمات ورحت أساعد في انتشال الجرحى من تحت الأنقاض.. لم تكن تهمني نفسي فمع كل شخص حيّ نخرجه كنت أرى أملاً جديداً.. حتى جاء ذلك اليوم المشؤوم حين علمنا أن أحد الأحياء تعرض للقصف وهناك مدنيون تحت الانقاض.. أسرعت مع فريق الإنقاذ لأتفاجأ بأن البناء الذي وقع.. فيه منزلي الذي تسكنه زوجتي وطفلتي ذات العامين.. رحت أبكي بحرقة وأنا أبحث بين الركام.. انتابتني مشاعر ضعف وقوة.. وجع وغضب.. رغبت أن أزيل كل الركام دفعة واحدة.

بعد ساعات من البحث أخرجت أنا ورفاقي زوجتي وطفلتي وكانت جراح طفلتي خطيرة جداً.. حملتها راكضاً لأسعفها ونقلتها إلى مشفى (w2).

بعد أن اطمأننت عليهما عدت إلى نفس المكان لأساعد من تبقى من عالقين.. أصبت حينها بساقي وساعدوني رفاقي وتم تثبيت قدمي بجهاز تثبيت خارجي مع العلم أن إصابتي السابقة بقدمي الأخرى.. أصبحت للأسف شبه مقعد.

خفض نصار رأسه وقطع حديثه بدموع وتنهيدة خرجت من قلب مفجوع وقال: خرجت من الغوطة وبقينا ليومين تقريباً على الطريق.. كنا نستقل نحو 100 باص وكان عددنا كما علمت حوالي 6700 مهجر.. وصلنا إلى (النقطة صفر) في قلعة المضيق وهي تبعد عن مواقع النظام حوالي 300 م، وهناك كان يوجد مجموعة من المسعفين من منظمات مختلفة وكنت أنا وزوجتي وطفلتي من المصابين.

يقول (عادل أبو مروة) وهو أحد موثقي المنظمات الانسانية كان في استقبال المهجرين: عندما وصلوا وضعناه على النقالة كي نسعفه لكنه لم يقبل أن يذهب وحده.. كان له صديق ويريده أن يرافقه وكان صديقه مبتور الساق.. وفعلا تم إسعافهما معاً ومع زوجته وطفلته.

وتابع أبو مروة: عندما سألته إذا ما كان يحتاج لشيء قال لي: لا أحد يستطيع مساعدتي جراح الجسد تشفى.. ولكن جراح القلب من يشفيها.. والشام جرح لا يلتئم.. كنت أتمنى أن أبقى في الشام وأموت فوق ترابها.. وأتمنى أن أشفى سريعاً كي أحمل خيباتي وأعود إليها.

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

    عاجل