مراكز احتجاز مهجري الغوطة.. معتقلات “نازية” قرب دمشق

فريق التحرير31 مارس 2018آخر تحديث :
الهاربون من جحيم القصف في الغوطة يفترشون باحة إحدي المدارس في مخيم الوافدين قرب دمشق وسط تشديد أمني، حرية برس©

كرم منصور – دمشق – حرية برس:

في معهد الكهرباء بمدينة عدرا قرب دمشق يحتجز آلاف الهاربين من جحيم القصف في الغوطة، ويعتبر هذا المكان بمثابة مركز اعتقال جماعي يشبه مراكز الاعتقال في الحقبة النازية، “حرية برس” زار المركز بشكل سري حيث قابل العديد من الأهالي هناك والمتطوعين من المنظمات الانسانية.

عند بوابة المخيم يقوم عناصر من قوات الأسد بتفتيش الداخلين إلى المخيم، والتحقق من أوراقهم الثبوتية حيث لا يسمح بالدخول إلا للهلال الأحمر والمنظمات الدولية، ولا تسمح قوات الأسد إلا للأقارب من الدرجة الأولى بالدخول لزيارة عائلاتهم، ويكون ذلك في وقت محدد، مانعةً الناس من الخروج حيث تمارس الاعتقال القسري بحق الرجال هناك، في حين تسمح للنساء والأطفال بالخروج بشرط وجود كفيل من أقاربهم يخرجون إليه، إضافة إلى كتابة تعهد على ذلك.

على يمين مدخل المخيم منطقة تدعى منطقة الرعب، حيث تنتشر قوات الأسد حول غرفة تدعى غرفة تسوية الوضع، ويقوم ضابط برتبة رائد بالتحقيق مع من يريد تسوية وضعه.

بعد مرور أكثر من أسبوع على بدء خروج الأهالي من الغوطة، فإن النسبة العظمى من الذين تمت تسوية أوضاعهم هم من النساء والأطفال، في حين أن الرجال لا زالوا يرفضون التسوية خوفاً من الاعتقال، أو الاقتياد إلى الخدمة الإلزامية مع قوات الأسد.

ووفق شهود عيان فإن تسوية الوضع تكون من خلال إجراء تحقيق قد يمتد إلى تسع ساعات مع إلزام الشخص بإبلاغ قوات الأسد عن أي معلومة قد يسمعها، أو تطلب منه في المستقبل.

ظروف مزرية

ليست القبضة الأمنية وحدها ما يعاني منه المحتجزون، فالواقع الصحي والخدمي سيء للغاية، والمخيم الذي بات يغص بأكثر من 12 ألف شخص غير مجهز بدورات مياه وصرف صحي كافية، وهنالك أربع حمامات لاستيعاب حاجة كل هؤلاء، فيصطف الناس في طوابير لأكثر من نصف ساعة كي يتمكنوا من قضاء حاجاتهم، فضلاً عن انتشار الأوساخ وانعدام النظافة وعدم توفر أماكن للغسيل والاستحمام.

بحسب عماد (26 عاماً) وهو من عناصر الهلال الأحمر فإن المخيم قد يكون أمام كارثة إنسانية إذا ما بقيت الأوضاع تسير على هذا النحو من حيث قلة الكادر البشري الذي يقوم بتقديم الخدمات للأهالي وازدياد عدد الأهالي يوماً بعد يوم.

ويضيف عماد: كان من اللازم أن تقوم حكومة الأسد بتجهيز هذه المخيمات قبل فترة طويلة بالتنسيق مع الهلال الأحمر لكن الوضع الكارثي هنا يوصل رسالة لنا وللقاطنين أن أرواح المدنيين هي آخر مايتم التفكير به في مثل هذه الظروف والأوقات.

يخشى عماد من انتشار الأوبئة مثل الكوليرا واليرقان بسبب انعدام النظافة فمعظم الناس هنا لم يستحموا منذ شهر بسبب الحصار والقصف وبسبب قلة الكادر الطبي المسؤول عن الكشف المبكر عن الأوبئة والأمراض على الرغم من استعانة الهلال بفرعي حمص والسويداء سداً للنقص في الكوادر.

كارثة اجتماعية

يقول أحمد وهو مستشار اجتماعي في إحدى الجمعيات إن الوضع في المخيم معقد جداً؛ فمعظم الخارجين لايملكون أي أوراق ثبوتية حيث ضاعت هذه الأوراق أو أحرقت بسبب الحرب، كذلك فإن قسماً كبيراً من الأطفال هنا قد انقطع عن التعليم لسنوات وعدد كبير منهم لا يملك أوراقاً ثبوتية لأنه قد ولد أثناء الحصار دون وجود أي مؤسسات، نحن أمام كارثة اجتماعية لدينا الكثير من العائلات دون أوراق لدينا الكثير من الأطفال مكتومي القيد فأباؤهم مفقودون لا أحد يعرف مصيرهم.

ويختم أحمد كلامه: هنا في هذا التجمع البشر الهائل لا يوجد أي تنظيم لهؤلاء الناس فهم ينامون في العراء وتطفأ الأضواء عليهم في تمام السابعة مساءاً وكأنهم في معتقل وبوجود هذا التجمع البشري الهائل ومع مرور الوقت قد يصبح مكاناً لانتشار الجريمة ما لم يتم تنظيم هذه الحشود بمؤسسات اجتماعية تقوم على رعاية هؤلاء وخصوصاً أنهم ناجون من حرب وحصار دام 6 سنوات.

الصور التي تخرج على إعلام نظام الأسد عن السلام والأمان التي بات يعيشه الأهالي في المخيمات، إضافة إلى الراحة التي يتمتع فيها الناس في هذه المعسكرات، تتبدد على أرض الواقع، حيث يبقى الوضع الإنساني السيء والخوف من المجهول هو الهاجس الأكبر الذي يسيطر على الناس هنا بحسب ما رصده “حرية برس” أثناء زيارته لتلك التجمعات.

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

    عاجل