حرية برس:
ينعكس طول أمد الحرب سلباً على كل أطياف المجتمع، إلا أن الأطفال هم الأكثر تأثراً بذلك سواء على المدى القريب أو البعيد.
الحرب الوحشية التي يشنها الأسد على شعبه لم ترحم أحداً، واستهدفت المدارس مما فاقم المشاكل، وخلّف آثاراً نفسية عميقة لدى الكثير من الأطفال. حيث أشار تقرير أصدرته منظمة “أنقذوا الطفولة” منذ عامين، أن عدداً كبيراً من الأطفال السوريين الذين شهدوا موت أحد أقربائهم، أو ممن اضطروا للنزوح، أو تعرضوا للقصف وشهدوا أحوال الحرب، يعانون من “التوتر السام” وهو أكثر أنواع التوتر والضغط والإجهاد خطورة، ويمكن أن يظهر على الأطفال حين يتعرضون لفترات ممتدة من المعاناة الشديدة، دون مساعدة أو دعم من البالغين. ومن شأنه أن يسبب تبولاً لا إرادي، صعوبة في النطق، ضيق في الصدر، وفي بعض الأحيان قد يؤدي إلى الانتحار.
وما زالت آلة العنف الهمجية التي يشنها نظام الأسد وحلفاؤه مستمرة إلى يومنا هذا منذ أكثر من 7 سنوات، بنصيب مضاعف للأطفال الذين إن استطاعوا النجاة من الموت، ولا يمكنهم النجاة من التداعيات النفسية للحرب.
يقول (هاني سعد الدين) وهو اختصاصي في علم النفس للأطفال “لحرية برس” إن الأطفال يعيشون بحالة نفسية صعبة في الداخل السوري، حيث يعاني الطفل من مشاكل عديدة بسبب ظروف الحرب القاسية التي يمرّ بها وما يتعرض له من قصف يومي ونزوح وفقدان ذويه، وهذه الظروف تتسبب باضطرابات في الحالة النفسية لديه”.
ومن أهم الحالات التي يعانيها الأطفال بحسب (سعد الدين) الفزع الليلي، حيث أكدت معظم أمهات الأطفال على ظهور هذه الحالة عند أطفالهن ويرافقها صراخ شديد أو تبول لا إرادي، ومعاناة من القلق والشعور بعدم الراحة. وهذه الحالة تنطبق على الفئة الأكبر من الأطفال ويلاحظ وجود فوبيا أو الخوف من الظلام أو الأصوات العالية، إضافة الى انتكاس في بعض المهارات التي تم اكتسابها، فيظهر التبول اللاإرادي، أو زيادة في التبول. وظهور بعض الاضطرابات السلوكية مثل قضم الأظافر والكذب، ظهور مشكلات في الكلام، كالتلعثم أو الفقدان الوظيفي للكلام والعناد واضطرابات الأكل.
تقول (أم عبد الله) وهي والدة طفلة من ذوي الاحتياجات الخاصة إن طفلتها تبلغ من العمر 13 عاماً، حين تسمع صوت الطائرة تبدأ بالصراخ و الركض من غرفة لغرفة ولا يمكن تهدئتها إلا بعد مرور ساعة وهذا المشهد يتكرر في كلّ مرة وربما يعاد في اليوم مرات ومرات.
إن أخطر آثار الحروب على الأطفال ليس ما يظهر منهم وقت الحرب، بل ما يظهر لاحقاً في جيل كامل ممن نجوا من الحرب وقد حملوا معهم مشكلات نفسية لا حصر لها تتوقف خطورتها على قدرة الأهل على مساعدة أطفالهم في تجاوز مشاهد الحرب.
ففي لبنان على سبيل المثال أشارت جماعة “إنترناشيونال ميديكال كوريس” الأمريكية إلى أن الأطفال اللبنانيين سيواجهون مشكلات صحية ونفسية خطيرة في المستقبل بسبب الحرب التي كان ثلث قتلاها وجرحاها من الأطفال، ورصد أطباء الجماعة تغيرات سلوكية سلبية على أطفال لبنان في مناطق الحرب، أما منظمة اليونيسيف فقد أكدت أن الأحداث المروعة التي شهدها لبنان تركت آثاراً بالغة في نفوس الأطفال، وأن آثاراً خفية عن الأنظار بدأت تظهر عليهم، وتوقعت المنظمة عودة أمراض الإسهال والرئة وشلل الأطفال والحصبة بين أطفال لبنان الذين شردتهم الحرب.
- إعداد محمود أبو المجد – إسراء الرفاعي
Sorry Comments are closed