لم يستفق موقع فيسبوك بعد من كابوس العلاقات العامة المستمر الذي سببته شركة «كامبردج أنالاتيكا» مؤخرًا ليواجه كابوسًا آخر بعد أن كشف تحقيق لموقع «آرس تكنيكا» أن فيسبوك جمع بيانات سجلات اتصالات مستخدمي هواتف الأندرويد ورسائلهم لتخزينها، ويشمل ذلك أرقام الهواتف ومدة المكالمات. ولا يبدو أن فيسبوك اخترق القوانين أو استخدم تلك البيانات دون إذن أصحابها، إذ حصل الموقع عليها مستخدمًا إذنًا غير صريح في تطبيقاته. وعلى الرغم من أن هذا الأسلوب خفي، لكنه شرعي (إذ يزعم الموقع أنه يهدف من ذلك إلى تحسين تجارب المستخدمين)، لكن أن نتحدث في هذا الأمر مجددًا يظهر مدى تزعزع ثقة المستخدمين بالموقع.
تمكنت كامبردج أنالاتيكا من الحصول على بيانات ملايين مستخدمي فيسبوك بسبب شروط خصوصيته التي تتيح لتطبيقاته جمع معلومات المستخدمين بالإضافة إلى معلومات أصدقائهم (كان الأمر خفيًا على أغلب مستخدمي الموقع). واستطاع فيسبوك تخزين بيانات سجلات اتصالات المستخدمين ورسائلهم من هواتف الأندرويد دون غيرها مستخدمًا ثغرةً مشابهة، وفقًا لتحقيق آرس تكنيكا. إذ منح مستخدمو نظام الأندرويد فيسبوك الإذن للدخول إلى جهات الاتصال وسجلات الاتصالات والرسائل حين حملوا تطبيقاته مثل الماسنجر في العام 2015. وعلى الرغم من أن الشركات المطوِّرة لنظام الأندرويد غيرت تركيب الإذن لاحقًا، لكن فيسبوك وتطبيقات أخرى استمرت في الدخول إلى سجلات الاتصالات والرسائل مستندة إلى أن هذا الإذن مذكور في الإصدارة السابقة. وبقيت الثغرة موجودة حتى أكتوبر/تشرين الأول من العام 2017 حين حدّثت جوجل طريقة تخزين هواتف الأندرويد للبيانات.
كان بإمكان مستخدمي نظام الأندرويد إزالة تلك البيانات، لكن كان ينقصهم العلم بأن فيسبوك يخزنها. واكتشف موقع آرس تكنيكا أن جهات الاتصال تبقى مخزنة في أداة إدارة جهات الاتصال لتطبيق فيسبوك حتى إن حاول المستخدمون إزالتها. وردّ الموقع بمنشور في مدونته في 25 مارس/آذار يتضمن رابطًا لصفحة تشرح تلك الادعاءات مشيرًا إلى أن إذن الوصول إلى سجلات اتصالات المستخدمين ورسائلهم اختياري لمستخدمي نظام أندرويد، وأن لهم حق منح الإذن خصيصًا لذلك عند تركيب فيسبوك ماسنجر أو فيسبوك لايت.
أشار آرس تكنيكا إلى أن ذلك يتعارض مع تجارب المستخدمين. إذ أوضح مراسل الموقع «شون جالاهر» أنه ركّب تطبيق فيسبوك فقط دون تطبيق الماسنجر على هاتفه الذي يعمل بنظام الأندرويد، وأنه لم يسمح للتطبيق بجمع بيانات الاتصالات والرسائل، ومع ذلك وجد سجل مكالمات منذ وقت تركيبه للبرنامج. ويبدو أن منح الإذن كان الخيار الافتراضي لتلك التطبيقات عند تركيبها.
هبطت أسهم فيسبوك كثيرًا بعد فضيحة تحقيق كامبردج، إذ قل إقبال المستخدمين عليه وقللت شركات الاتصال الاجتماعي اتصالها معه، ما يشير إلى خسارة الموقع ثقة مستخدمي مواقع الاتصال الاجتماعي التي يصعب إعادة اكتسابها وخاصةً بعد ظهور فضحية أخرى هزت أركانه. وتشير هذه الفضائح المتتابعة إلى أمر مقلق، وهو وجود شركات أخرى مشابهة لكامبردج أنالاتيكا، ما يعني اختراقات أخرى لثقة المستخدمين.
لم يُحدد بعد كم البيانات التي جمعها فيسبوك أو ما زال يجمعها حتى الآن، لكن «لجنة التجارة الاتحادية الأمريكية» أعلنت في 26 مارس/آذار أنها تنوي فتح تحقيق في سياسات الخصوصية لفيسبوك، ما يعني أننا سنكتشف حقائق أخرى. فإن كنت تفكر في الابتعاد قليلًا عن وسائل الاتصال الاجتماعي، فأنت لست وحدك.
عذراً التعليقات مغلقة