يبدو أنَّ البشر ليسوا الوحيدين الذين يعتمدون على النبيت الجرثومي للبقاء أصحَّاء. لاحظ باحثون من جامعة أوهايو أثناء دراستهم لمستعمرات مرجانية أنَّها حافظت على صحّتها في مياه دافئة وعالية الحموضة عندما بقي النبيت الجرثومي فيها سليمًا. وتُعَدُّ هذه النتائج مبشِّرةً لأنَّ هذه الظروف تقتل المرجان عادةً ويتوقَّع العلماء أن تزيد شدَّتها مع استمرار التغيُّر المناخي.
عرَّض الفريق بإشراف الباحث أندريا جروتولي نوعَين مختلفين من المرجان إلى درجات حرارة مرتفعة ودرجة حموضة عالية مثل التي يتنبَّأ بها العلماء في نهاية هذا القرن. عندما يتعرَّض المرجان لهذه الظروف فإنَّه يطرد الأشنات التكافلية معه والتي تساعده على إنتاج الغذاء اللازم. تُسمَّى هذه العملية بالتبييض، إذ يفقد المرجان لونَه مع فقدان الأشنات، ما يؤدّي غالبًا إلى موته.
لكنَّ أحد أنواع المرجان التي درسها الفريق لم يتأثَّر كثيرًا بالبيئة الحمضية الدافئة. وعندما فحص الفريق النبيت الجرثومي الذي يعيش في طبقة مخاطية على سطح هذا النوع، وجد أنَّ الأنواع الجرثومية بقيت هي ذاتها مثل ما قبل تطبيق الظروف البيئية الصعبة. وفي هذه الأثناء، ابيضَّت الأنواع الأخرى في الدراسة ولوحظ أنَّ عدد الجراثيم التي تعيش على أسطحها انخفض كمًّا ونوعًا.
إلَّا أنَّ الفريق لم يستطع حتَّى الآن تحديد نوع العلاقة بين التغيُّر في النبيت الجرثومي والتغيُّر في صحّة المرجان، ولم يثبت حتَّى الآن وجود علاة سببيَّة بينهما.
وقال جروتولي لأوشنز ديبلي «إنَّ ما نجهله أكثر ممَّا نعرفه. لا نعلم حتَّى الآن إذا كانت التغيُّرات في النبيت الجرثومي هي التي تسبِّب التغيُّرات الفيزيولجية، أو أنَّ التغيُّرات الفيزيولجية هي التي تؤدّي إلى فقد المرجان لقدرته على استضافة الجراثيم.»
يبذل الباحثون جهدهم لفهم طبيعة هذه العلاقة. وتشير النتائج الأوَّليَّة إلى أنَّ النبيت الجرثومي في المرجانيساعده على تحمُّل الظروف الصعبة ومكافحة الأمراض بطريقة تشبه آليَّة عمل النبيت الجرثومي عند البشر. وقد يكون النبيت الجرثومي عند المرجان أكثر مرونة مما نتوقَّع: إذ تظهر تجارب نقل المرجان من المياه الباردة إلى المايه الدافئة أنَّه التقط أنواعًا جديدةً من الجراثيم.
قد تساعد هذه المعلومات في حماية المرجان في البحار الدافئة التي تتمتَّع بمياه حمضية نسبيًّا، سواء بالبحث عن مناطق أكثر أهليَّةً أو بنقل الجراثيم النافعة إلى المرجان لزيادة نشاط النبيت الجرثومي لديه أو حتَّى بتهجين أنواع خارقة من المرجان يتحمَّل المياه الدافئة.
وقد نحتاج إلى هذه الإجراءات عاجلًا. استمرَّت آخر حادثة تبييض مرجاني أكثر من ثلاثة أعوام، ومات أكثر من 70% من المرجان في عديد من الشعاب. تحتاج معظم الشعاب إلى عشرة أعوام حتَّى تستعيد عافيتها مجدَّدًا، لكنَّ العلماء لا يتوقَّعون أنَّ لدينا اليوم الوقت الكافي لهذا.
عذراً التعليقات مغلقة