مصيبة تمحو أخرى!

فريق التحرير21 مارس 2018آخر تحديث :
محمود أبو المجد - حرية برس
(تعبيرية)

كم هي قاسية تلك اللحظات التي أعادت له ذكريات جميلة مرة، حين بدأ أحمد حكايته ذرف الدمع من عينيه وتلعثم بالكلام لشدة الألم في قلبه ولما مر به دون أن يلقى العناية المطلوبة حيث كان يصف واقعه وكأنه يتحدث عن قصة تراجيدية مليئة بالأحزان.

يقول أحمد (24 عاماً): كنا شباناً نحمل السلاح ونحرر المناطق ونتنقل من بلدة لأخرى في ريف حمص الشمالي حتى أننا لم نقاطع الحراك الثوري السلمي، وفي تلك الليلة قررنا الهجوم على أحد حواجز قوات الأسد وبعد منتصف الليل تقدمنا باتجاه الهدف وبدأت المعركة وتقدمنا ولم نكن نعرف الخوف ولم نكن نأخذ أمراً من أحد إنما كان هدفنا تحقيق النصر لا لإرضاء فلان أو بأمر من فلان، وكان الاصدقاء معي فرحين بالتقدم وكنت فرحاً معهم وفي لمحة بصر لم أعد أحس بشيء وفقدت الوعي بعد أن اخترقت رصاصة رأسي.

يتابع أحمد: تم اسعافي إلى أحد المشافي ولكن شاء القدر أن أصاب بشلل حتى أن الكلام بات صعباً عليّ وجلست ببيتي دون حركة، كنت أرى الحزن بأعين كل المحبين وأهلي وزوجتي وكان الألم يزداد برؤية طفلتي الصغيرة وأنا عاجز عن حملها وضمّها، وكم كان العذاب صعباً مع كل تهجير حيث يعاني أهلي صعوبات بحملي من منطقة لأخرى ولكن هذا لم يكن جرحي الأكبر..

هنا توقف أحمد عن الكلام والغصة في قلبة و الدموع في عينيه…

يتساءل الإنسان ما هو الأمر الجلل الذي يجعله حزيناً أكثر من حزنه على ما حلّ به من شلل!.

وبعد عدة دقائق عاد أحمد للكلام وقال: لم أحزن لما حلً بي بقدر حزني على من فقدتهم لأنهم كانوا الوحيدين القادرين على حمل ألمي بوجودهم معي، في ذلك اليوم و بعد إصابتي بثلاثة أشهر تقريباً كانت المنطقة التي أتواجد بها تتعرض للقصف وزوجتي وابنتي كانتا في منطقة قريبة من المنزل، سمعت صوت قذيفة وكأنها دخلت في قلبي وسمعت صراخ النساء والأطفال ومحاولات الرجال لإسعاف أحد قد أصيب وأنا عاجز عن الحركة وأتساءل بيني وبين نفسي من أصيب يا ترى؟.

مرت الدقائق طويلة وإذ برجل يدخل منزلي والحزن ظاهر على وجهه، لم يستطع الكلام فسألته ما الذي حصل؟ أجابني جواباً صعقني وأصابني بشلل كامل حتى في أحشائي قائلاً لي: استشهدت زوجتك و ابنتك.

نعم هذا هو الجرح الأكبر الذي أصابني.. أوقفت الدموع أحمد عن الكلام ولم يعد يستطع إكمال الحديث، قصة أحمد ربما تجسد قصص مئات الآلاف من السوريين الذين عاشوا ولا زالوا يعيشون مرارة فقدان ذويهم وهم يعلمون بل موقنون بأن العالم فرح بمأساة السوريين ويشارك بها.

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

    عاجل