15 آذار 2011 تاريخٌ لم نُجبر على حفظه كالعادة من خلال دروس القومية العربية (المشروخة) التي اعتدنا دراستها. حفظناه بكامل حبنا لاسترجاع الحلقات الأولى للثورة التي تمرّ في كل عام بمشاعر عاتية تجتث أي يأس أمكن تسلله إلى ذاتنا، أو تعب خلّفه طول الانتظار. ليتركنا هذا التاريخ أمام مشاهد شاخصة في ذاكرتنا ما حيينا، ويملأنا ثورة من جديد، تماماً كما كنا منذ سبع سنوات.
“ما أكبر الثورة .. ما أصغر الدولة” هي حقيقة لطالما بشّر بها شعر محمود درويش وعكستها الثورة السورية. فما أعظم الشعب الذي عجز النظام ومن معه عن إركاعه ..! والأمثلة كثيرة ومستمرة حتى اليوم. فقد حاول النظام بداية استرضاء الشعب مادياً إلا أنه فشل وكان الرد واضحاً “سوريا حرة حرة .. الخاين يطلع برا”، لجأ إلى القتل لعل وعسى يستطيع الموت أن يحجب أشعة الحرية التي تسربت إلى نفوس السوريين وجاءه الرد غير آبهٍ “ع الجنة رايحين شهداء بالملايين”. ويمثل أمامنا مشهد الغوطة المحاصرة منذ عدة سنوات والتي تُصنف اليوم كمذبحة العقد، إلا أنها ما زالت تأبى الخنوع للنظام، مرددة “باصاتك ما رح تنفع .. من الغوطة ما رح نطلع”.
ثورتنا اليوم هي ثورة متروكين، تكالب عليها القاصي والداني، لكن أحداً لم ينل من عزيمة شعبها الحر، فـ”برودة الجليد في أعصابنا، وفي قلوبنا جهنم حمرا”. ثورتنا حققت انتصاراً لا يمكن لقوة أن تسلبه مذ نادى أول صوت بكلمة “حرية” في قلب العاصمة دمشق، ومنذ أن حطم هتافنا “بعد اليوم ما في خوف” تابو القائد الخالد والحزب الواحد، حطمه إلى الأبد دون عودة. ومنذ أن حاول النظام (ترباية الشعب) بالقتل والاعتقال فعلّمناه أن الشعب (ما في لعب معه).
واليوم في ذكراها السابعة، يهاجمنا الحنين موقعاً جُلّ ضعفنا في سراديب العدم، وملوحاً لنا بأمل نرتجي وقوعه، إذ لابدّ لليل أن ينجلي. وتمثُل أمامنا أرواح الشهداء تشتم يأسنا، وتُعيد بثّ الثورة في قلوبنا المستنزفة. اليوم نُعيد تجديد الثورة، ونرفع التحدي لأقصاه فسوريا كانت وستظل لشعبها ونحن “هنا باقون كالأزل، نعانقُ شوك هذي الأرض بالمُقل”. إن الصمود بحد ذاته انتصار، وشعب “يمشي على الموت مُختالاً كأن به من الألوهة سراً ليس يخفيه” لن يُهزم. وسيشهد التاريخ على انتصارنا عاجلاً أم آجلاً، فإن كان للباطل جولة فالحق له صولات. وعهدنا بالنصر للشهداء لن يخمده طغيان ما دام فينا قلبٌ ينبض.
عذراً التعليقات مغلقة