منذ صغري أتذكر تلك الكلمات حينما كان الكبار يتهامسون فيما بينهم بأحاديث جانبية، وإذ يعلو صوت أحدهم يقاطعه صديقه بالجملة التي يعرفها كل سوريّ ألا وهي “للحيطان آذان”.
جملة يتم تداولها كثيراً حتى أننا كأطفال صغار كنا ننظر للحائط ونحن نبحث عن الأذن التي يملكها، ليتبين لنا فيما بعد بأن حكم الأجهزة الأمنية والرعب الذي زرع في قلوب السوريين هو أساس هذه الجملة.
ربما دفع هذا التوحش الأمني كبار السن ممن عاصروا جرائم النظام للتأني عند بداية الثورة السورية خصوصاً ممن عاشوا جرائمه مع بداية الثمانينات ورأوا بأعينهم كيف قتل وشرد مئات الآلاف من السوريين في أحداث حماة ومجازرها المروعة.
حدثني والدي قائلاً لي إن الجملة القائلة “للحيطان آذان” لم تأتِ من فراغ وهي كلمة رمزية وتعبير عن خيانة الكثيرين الذي لا يؤمن جانبهم ممن جندهم النظام كجواسيس لصالحه و كل من يعارضه يتم اعتقاله و ذلك عبر تقارير الجواسيس الذين كان لهم الدور الأكبر في نشر الخوف بين الناس.
لم تترك أجهزة الأمن التابعة للنظام وسيلة لنشر الرعب بين المدنيين في سبيل تثبيت حكم آل الأسد، أما وسائل التعذيب التي سمعنا بها ورأينا ضحاياها فهي كانت تنفذ بأمر من رأس الهرم ذاته بدءاً بعصر حافظ الأسد لوريثه القاصر بشار اللذين لم يدخرا وسيلة في إرهاب السوريين للبقاء على كرسي الرئاسة ولو كان ذلك على حساب أرواح مئات الآلاف الشعب السوري.
لم يقتصر تخويف السوريين من حكم النظام وأجهزته الأمنية على السوريين في الداخل إنما وصل لكل بقعة في العالم فالرعب الذي تم زرعه في قلوب السوريين وصل لمن هم في الخارج، و قد أكد لي أحد الاصدقاء بأنه و أثناء الطلب من إحدى الجاليات السورية في أوروبا للخروج في مظاهرة ضد النظام وتأييداً للشعب المحاصر في الداخل فقد رفض البعض منهم خوفاً من ظهوره على الإعلام، نعم جملة “للحيطان آذان” انتشرت في بقاع العالم وما هذا إلا دليل على مدى إجرام وإرهاب نظام الأسد وأفرعه الأمنية التي يتم اختيار رؤسائها ممن لديهم باع طويل في الإجرام والترهيب.
Sorry Comments are closed