مجلة أميركية: الأسد تعلّم الدرس من إدارة ترامب

يبدو أن بشار الأسد قد تلقى الرسالة بأنه يستطيع أن يفعل كل ما يريده دون استخدام غاز السارين

فريق التحرير24 فبراير 2018آخر تحديث :
ترجمة إسراء الرفاعي
شهداء تحت الأنقاض في الغوطة الشرقية

ترجمة إسراء الرفاعي – حرية برس:

تناول “فريدرك سي هوف” المستشار الخاص السابق للمرحلة الانتقالية في سوريا بوزارة الخارجية الأمريكية، في مقالته في مجلة “ذا أتلانتك” الأمريكية، استراتيجية الولايات المتحدة في سوريا، وموقفها الصامت المخزي إزاء ما يحدث اليوم في الغوطة الشرقية. واعتبر أن السؤال الأكثر إلحاحاً في الوقت الذي تستمر فيه المذبحة في الغوطة هو : “كيف يمكن إيقاف هذه المجزرة؟” حيث لا توجد رصاصة آمنة أو تحمل جرعة سحرية، كما لا يوجد خرافة دبلوماسية أو مياه مقدسة. لكن هناك شيء محتّم: في حال لم تفكر الولايات المتحدة بجدية بتنفيذ ضربات عسكرية ضد نظام الأسد، فإن أي نقاش حول ما الذي يجب فعله هو محض حديث فارغ.

واستشهد “هوف” بنتائج الضربة الأميركية ضد النظام السوري في نيسان/أبريل الماضي. حيث كانت هذه الضربة التي لم يتجرأ عليها سلف ترامب، رداً عسكرياً على استخدام نظام الأسد لغاز السارين ضد المدنيين العزّل. وقد أسفر هذا الانتقام عن نتائج إيجابية، تجلّت بتدمير أكثر من 20% من القوات الجوية للنظام، وردعت نظام الأسد حتى اليوم من مواصلة استخدام غاز السارين، كما تناقصت وتيرة القتل الجماعي المُنفّذة من قبل النظام.

وفي نهاية المطاف، توصّل الأسد وحاشيته إلى ذات النتيجة التي توصلوا إليها في خريف عام 2013، بعد أن وافقوا (كذباً، كما اتضح) على التخلص من مخزونهم من الأسلحة الكيماوية، وفي المحصلة يعتبر النظام وزبانيته: طالما أننا نمتنع عن استخدام الأسلحة الكيماوية، يمكننا أن نفعل ما نريد لمن نريد، وعندما نريد.

وعاد النظام بعد ذلك إلى سياسة إرهاب الدولة، الذي اشتمل على عقاب جماعي واسع النطاق، وحكم على مفاوضات السلام بالفشل في أواخر 2013 وبداية 2014. وأسهمت عمليات القتل الجماعي المتصاعدة دون رقيب بشكل أساسي في أزمة اللاجئين التي اجتاحت أوروبا الغربية في عام 2015، ويضيف ساخراً “وهو تطور لم تسري آثاره السياسية على الديمقراطية المبهجة في الكرملين حتى الآن”.

بدأت العناصر الرئيسية من التسلسل تتكشف الآن. ويعتقد الأسد وداعميه – روسيا وإيران – أنه بإمكانهم أن يلحقوا الموت والدمار في الأحياء السكنية المكتظة بالسكان إلى المدى الذي يحلو لهم، شريطة أن يفعلوا ذلك بدون استخدام غاز السارين.

أما عن رد الإدارة الأميركية على هذه الممارسات، ذكر “هوف” جزءً من كلمة مستشار الرئيس ترامب للأمن القومي، أثناء حديثه في مؤتمر ميونخ منذ أيام:

“في نيسان / أبريل من عام 2017، ردت الولايات المتحدة عندما استخدم نظام الأسد مرة أخرى هذه الأسلحة البشعة (الكيميائية) ضد الأبرياء. وقد تصرفنا لردع الهجمات الكيميائية في المستقبل وضمان ألا يصبح استخدام هذه الأسلحة مرة أخرى روتينياً. وتُبيّن الحسابات العامة والصور بوضوح أن استخدام الأسد للأسلحة الكيميائية مازال مستمراً. ولقد آن الأوان لأن تحمّل جميع الدول النظام السوري وزبانيته المسؤولية عن أعمالهم وأن تدعم جهود منظمة حظر الأسلحة الكيميائية”.

علق “هوف” ساخراً بأنه بيان رائع..! واعتبر هذه الكلمات اعترافاً بالفشل، حيث كان الهدف من ضربات نيسان 2017 هو ردع استخدام الأٍسلحة الكيماوية مستقبلاً. ومع ذلك فإن “استخدام الأسلحة الكيماوية من قبل نظام الأسد مازال مستمراً” بحسب ما قاله مستشار ترامب للأمن القومي!

ويتساءل “هوف” حول ما يجب عمله إزاء ذلك؟ ويطرح الاحتمالات التي ذُكرت آنفاً، تحميل نظام الأسد وداعميه المسؤولية؟ أم من خلال دعم جهود الهيئة التي تقوضت أعمالها الجيدة بسبب ازدواجية الأسد؟ من الذي سيُجبر على الامتثال؟!

ويقول “هوف” في مقالته أنه حث الإدارة الأميركية إلى تقديم البيان التالي مع روسيا، وذلك عقب الضربات الانتقامية في نيسان 2017 : ” لقد نفذنا الضربة هذه المرة لأن عميلكم يستخدم السارين. في المرة القادمة قد يكون رداً على أداة مختلفة من الإرهاب. إن القتل الجماعي غير مقبول. فهو يشجع المتطرفين، ويقوض حلفائنا، كما أنه يعوق محادثات السلام التي تقولون أنكم تريدونها، ونعم: ويستهدف الأبرياء من الرجال والنساء والأطفال. نحن نحتفظ بالحق في شن ضربات متى وأين نختار في حال استمر القتل الجماعي. فلتخرجوا عميلكم من هذا العمل القذر”.

إلا أن “هوف” يعتقد بكل أسف أن هذه الرسالة لم يتم تمريرها. ويتابع في شرح معاناة الغوطة قائلاً: “تخيل أن تكون أحد آباء الغوطة الشرقية، تصلي وتتضرع للرب بأن يقوم النظام باستخدام غاز السارين، مما يدفع أحدهم لفعل شيء يتجاوز الاكتفاء بالحديث عن الرعب”.

ويختم “هوف” مقالته بالافتراض أنه في حال استخدم النظام السوري غاز الأعصاب السارين في الغوطة الشرقية، فإن إدارة ترامب بالتأكيد سوف تنظر في الضربات العقابية ضد نظام الأسد، وستقنع هذه الضربات على أقل تقدير، مجموعة القتلة على جبل قاسيون في دمشق، أنه لا أحد يفلت من العقاب جراء القتل الجماعي الذي يرتكبه.

المصدر مجلة ذا أتلانتيك
التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

    عاجل