زياد عدوان – حلب – حرية برس:
لم تفلح محاولات نظام الأسد المستمرة منذ احتلاله لباقي أحياء حلب الشرقية بالإضافة إلى بعض الأحياء الجنوبية من أجل إعادة المدنيين إلى منازلهم، بعد إعلانه عن تواجد عناصر الشبيحة والميليشيات في تلك الأحياء من أجل حمايتها، على الرغم من تسخير الماكينة الإعلامية التابعة له لإظهار الحياة وعودة بعض المدنيين إلى الأحياء التي احتلها عقب خروج مقاتلي كتائب الثوار نهاية العام 2016، ومع ذلك فقد كانت عودة المدنيين إلى تلك الأحياء شبه معدومة وخفيفة، ولكن مع مرور الأيام ازدادت حركة عودة المدنيين إلى منازلهم في تلك الأحياء مجبرين بعدما ذاقوا مرارة استئجار المنازل في الأحياء الغربية والشمالية لمدينة حلب، حيث أن أدنى مستوى لإيجار منزل مكون من غرفتين و توابعهما أصبح يرتفع حتى تجاوز حاجز العشرين ألف ليرة سورية، الأمر الذي دفع الكثيرين إلى العودة إلى منازلهم في الأحياء الشرقية والجنوبية لمدينة حلب.
لكن عودة أصحاب البيوت لم يكن مرحباً بها لدى المخاتير بالإضافة لعناصر الشبيحة والميليشيات الذين قاموا بالاستيلاء على مئات المنازل في العديد من الأحياء وخاصة الأحياء الشرقية، حيث قام عشرات الشبيحة باستباحة المنازل التي تركها أصحابها وهربوا بسبب القصف بشتى أنواع الأسلحة وبشكل يومي، ولكن بعض هذه العائلات هربت من جحيم القصف، ومن لم تنل قذائف الأسد من منزله أكمل الشبيحة المهمة بسرقة وتعفيش محتوياتها عقب احتلال الأحياء الشرقية لحلب.
وقد اضطرت العديد من العائلات إلى العودة إلى منازلها، ولكن تفاجأ معظمها بل جميعها بقيام عناصر الشبيحة والميليشيات بالاستيلاء على منازلهم واعتبار ملكيتها عائدة لهم وذلك بسبب اتهام مالكي تلك المنازل الأصليين بالوقوف إلى جانب كتائب الثوار خلال سيطرتهم على الأحياء الشرقية والجنوبية لمدينة حلب، حتى أن أحد المدنيين الذين حاولوا الدخول إلى منزله في حي مساكن هنانو تفاجئ بأن منزله أصبح ملكاً لأحد عناصر ميليشيا “لواء القدس” والذي قام بالاستيلاء على المنزل واعتباره أنه هو مالكه الحقيقي، وقد تمكنت “حرية برس” من التواصل مع صاحب المنزل الحقيقي الذي ما زال مريضاً بعد إصابته بجلطة قلبية بعد منعه من دخول منزله في حي مساكن هنانو.
وقال أبو محمود في حديثه لحرية برس “تفاجأت بأن منزلي يسكنه أحد عناصر ميليشيا لواء القدس مع عائلته وقد رفض الخروج مدعياً بأن منزلي هو ملك له وأنه ورثه عن والده، وقد قمت بالذهاب إلى مختار الحي الذي بدوره أنكر ملكية المنزل وأني لست صاحب المنزل بالرغم من أنني قمت بإبراز عقد يثبت ملكية المنزل لي ولكن دون جدوى، خصوصاً أن العنصر حضر وتحدث مع المختار وقال له المختار بحضوري، خلص لا تأكل هم شيء البيت أنت صاحبه وأنت ملاكه، وما حدا رح يطالعك من البيت لو شو ما صار”.
مضايقات وتهديد بالقتل
ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد، فقد تعرض بعض المدنيين للتهديد من قبل عناصر الشبيحة والميليشيات بعد مطالبتهم بالخروج من المنازل التي استولوا عليها في حيي السكري والكلاسة، وذلك نتيجة فرضهم للقوة في عدة أحياء في مدينة حلب، حيث أنه لا يمكن لأحد من السكان بالإضافة لأجهزة الأمن التابعة للنظام أن يقوموا بإجبار عناصر الشبيحة والميليشيات بالخروج من المنازل التي استولوا عليها خصوصاً أن بعض عناصر الشبيحة قاموا باستخراج أوراق ثبوتية مزورة تثبت ملكيتهم لتلك المنازل؛ وذلك أن بعض مسيري المعاملات يستطيعون من خلال تزوير الوثائق وإحضار شهود لصالح عنصر الشبيحة أو حتى من الميليشيات أن يجعلوا أي منزل باسمه وذلك بعد تسجيله في دائرة الطابو العقاري ضمن رقم عقاري مزور وتاريخ قديم بالإضافة لتثبيته في سجلات المحاكم بتاريخ قديم أيضاً، وهو ما يبرهن على أن الفساد مازال يغزو مدينة حلب ويزداد يوماً بعد يوم، ولم تفلح الشكاوى المقدمة من بعض المدنيين الذين حاولوا استرداد منازلهم عبر أجهزة النظام الأمنية، وذلك بسبب ضعفها وعدم تمكنها من ضبط الأوضاع في مدينة حلب.
ويروي عبد الباقي مصطفى (اسم مستعار) وهو أحد سكان حي الكلاسة في حديث “لحرية برس” ما تعرض له من مضايقات وتهديد من قبل عناصر الشبيحة الذين استولوا على منزله ورفضوا الخروج منه “خرجت من منزلي قبل اشتداد القصف على الحي وتوجهت إلى حي الفرقان وخلال تلك الفترة وتحديدا في منتصف العام 2015 تعرضت للاعتقال مع أبنائي الاثنين حيث تم تحويلنا إلى الشرطة العسكرية وبعد ذلك بأسبوع تم سوق أبنائي إلى الخدمة الاحتياطية إلى أن قتلوا خلال المعارك في الغوطة الشرقية، بعد أقل من عشرة أشهر وبقيت في مناطق سيطرة النظام وميليشياته ولكن إيجار المنزل الذي أقيم فيه مع عائلتي كان مرتفعا وقد حاولت العودة إلى حي الكلاسة ولكن لم تسنح لي الفرصة وعقب سيطرة النظام والميليشيات على جميع أحياء حلب قمت بالعودة إلى الحي ولكن تفاجأت بأن عنصر من شبيحة “الماردل” ويدعى “زكوان” يسكن في منزلي مع عائلته، طالبته بالخروج من منزلي ولكنه قام بإشهار سلاحه في وجهي وهددني بالقتل أن عدت مرة اخرى، وعلى الفور قمت بتقديم شكوى عليه في فرع أمن الدولة ولكن أصبحت قضيتي مبنية على التسويف والوعود المتكررة وبالمختصر “لم أحصل لا على حق ولا على باطل” وحتى اليوم مازلت لا أستطيع العودة إلى منزلي الذي أملكه.
يذكر أن عشرات العناصر من شبيحة “العناجرة” قاموا بمغادرة حي سيف الدولة في مدينة حلب مع عائلاتهم وتوزعوا في عدة أحياء منتصف العام الماضي، وذلك بعد قيام عناصر من أمن الدولة والمخابرات الجوية بتطويق الحي وإجبارهم على مغادرته من أجل إفساح المجال لعودة المدنيين الذين يرفضون تواجد عناصر الشبيحة في أحيائهم.
عذراً التعليقات مغلقة