بسام الرحال ـ حمص ـ حرية برس:
شهد ريف حمص الشمالي خلال السنوات الفائتة تراجعاً كبيراً على كافة النواحي الصناعية والزراعية والخدمية لكافة المناطق الخارجة عن سيطرة النظام نتيجة لتعرضها للحصار الخانق من جهة، والتصعيد العسكري على عدة جبهات من جهة أخرى، الأمر الذي جعل من الصعوبة تأمين المواد الخام للصناعة والمستلزمات الزراعية وإدخال المواد الغذائية وغيرها مما يحتاجه السكان في الحياة اليومية.
آلات معمل البلاستيك تعيد تدوير أنقاض المنازل
فعلى صعيد الصناعة يقول رائد أبو فايز وهو أحد أصحاب معمل للكراسي البلاستيكية في منطقة الحولة: “لم نعد نستطيع إدخال مواد أولية لتصنيع الكراسي، بالإضافة إلى عدم وجود سوق للتصريف، فريف حمص الشمالي محاصر تماماً، لذلك شهد أسعار الكراسي إرتفاعا كبيراً، بينما كان سعر الكرسي لا يتجاوز( 1500ل.س) بداية 2017 فقد وصل إلى أكثر من( 3500 ل.س) مع نهايته”.
ويضيف أبو فايز قائلاً: “بعد أن تحولت مهنة تصنيع الكراسي إلى عبء علينا بسبب عوائق كثيرة حالت دون الإكمال بها، اضطررنا إلى تحويل الآلات التي تطحن البلاستيك إلى طواحين تقوم بطحن بقايا الأبنية التي دمرها قصف النظام، حيث نقوم بشراء بقاية المنزل ومن ثم طحنها وفرزها لإعادة استعمالها من جديد كمهنة جديدة بدلاِ من المهنة السابقة”.
الاحتكار والابتزاز.. يقوّضان القطاع التجاري
أما على مستوى التجارة فقد اقتصرت على المواد الغذائية والألبسة فقط كونهما من الأشياء الأساسية ولا يمكن الاستغناء عنها، كما يقول أحمد أبو حازم أحد تجار الريف الشمالي: “لم يعد هناك مجال لإقامة أعمال تجارية، بل أصبحت التجارة محصورة بالمواد الأساسية كالمواد الغذائية والألبسة والمحروقات وأساسيات الحياة فقط، بالإضافة إلى أن تراجع سعر صرف الليرة أمام الدولار أثر بشكل كبير على الأعمال”.
ويؤكد أحمد قائلاً: أن “هذه العوامل ساهمت بارتفاع جميع المواد وخاصة المستوردة، فعلى سبيل المثال كان سعر كيلو السكر ببداية الـ 2017 حوالي (200..س) أما اليوم فيتجاوز السعر (350 ل.س) للكيلو الواحد، وهذا ينطبق على معظم المواد الغذائية، وأي تاجر يراجع حساباته ومردوده في نهاية العام يجد أنه لا يملك رأس المال، وإن وجد الربح فهو قليل، فعلى سبيل المثال حين يبدأ عملا بعشرة ألاف دولار، سيكون محظوظا إن كان يملك نفس المبلغ بعد فترة من الزمن، ويعد العامل الأساسي لانخفاض سعر الصرف خضوع السوق للإبتزاز من التجار في مناطق النظام، حيث هي المصدر الوحيد للمواد، بالإضافة إلى عمولة الحاجز وأجور النقل، أي ما نقوم به هو تدوير للعملة مع بعض الأرباح المحدودة لا غير”.
الزراعة.. عجز عن توفير الأسمدة والبذار
ورغم كون الموسم الزراعي جيد إلا أن الفلاح لم يكن بأفضل حال، وذلك لعدة أسباب كما يقول مروان أبو عمار وهو أحد أكبر مزارعي منطقة الحولة: “كان موسم الزراعي للعام الفائت مقبولاً مقارنة بالأعوام التي سبقته، إلا أن المزارع لم يكن أكبر المستفيدين، فعلى صعيد زراعة القمح بلغ سعر كيلو القمح في أحسن أحواله (125ل.س) للكيلو الواحد، بينما بلغ سعر كيلو علف الماشية (200ل.س) للكيلو الواحد، دون أن ننسى غياب المواد المساعدة لتحسين وضع الزراعة كالأسمدة و البذار المحسن والمبيدات الحشرية، وايضاً ارتفاع أجور العمالة ناهيك عن الأضرار التي لحقت بالمحاصيل نتيجة قصف النظام وإحراقه لبعض الأراضي”.
وأما على صعيد تربية الماشية يرى أبو عمار أن هذا العام شهد ارتفاع أسعار الأعلاف بشكل كبير ليتجاوز (10000ل.س) للكيس الواحد، ونقص في مساحة المراعي بسبب قصف النظام واستهداف المراعي والرعاة وهذا شكل نوع من الخوف عند المربين والمزارعين وساهم في تقليل أعداد المواشي.
تدهور ملحوظ في مستوى معيشة المواطن
لابد من الإشارة إلى أن الوضع في ريف حمص الشمالي أصبح صعباً نتيجة ارتفاع الأسعار الكبير التي شهدته المنطقة خلال العام الفائت، فمعظم الشباب عاطلين عن العمل، وأي رب أسرة سيكون وضعه صعب فيما كان دخله قليل، وهو بحاجة إلى الطعام والتدفئة بشكل يومي والأسعار ترتفع كل يوم أكثر من الذي قبله، فمثلا أسرة مكونة من خمس أشخاص هي بحاجة إلى (1000 ل.س) في الحد الأدنى يوميا و رب هذه الأسرة بالكاد يستطيع تحصيلها.
يقول محمد ابو صالح من سكان مدينة كفرلاها: “عائلتي صغيرة مكونة من زوجتي و ثلاثة أطفال، أريد يومياً ربطتين من الخبر بسعر(250 ل.س) ، وأريد بعض الخضروات أدنى سعر لها هو(200 ل.س) لأي نوع من الخضار، فكيلو البندورة (300 ل.س) ، والبطاطا (200 ل.س) ، وهذا يعني أن وجبة برغل مع اللبن وخبز والقليل من المخلل يبلغ سعرها (1000 ل.س) ، أما وجبات اللحوم فقد أصبحت للمناسبات فقط، بعد أن بلغ كيلو اللحمه (3500 ل.س)”.
دور المجالس المحلية مقتصر على الجانب الخدمي
أما المجالس المحلية فهي تعلن عجزها عن تقديم أي دعم للاقتصاد في هذه المناطق، كما يقول اسامة الجوخدار رئيس المجلس المحلي لمنطقة الحولة، ويضيف قائلاً: “عملت المجالس المحلية السابقة بإمكانات متواضعة اقتصرت على الناحية الخدمية مع غياب أي دعم من الحكومة السورية المؤقتة وخاصة في العالم الفائت، لذلك لم يكن هناك أي خطة دعم اقتصادي تشهده مناطق ريف حمص الشمالي عموماً، باستثناء مشاريع صغيرة لجمعيات دعم رغيف الخبز أو إنشاء مشاريع تشغل عدد محدود من الأفراد لكنها على نطاق ضيق وغير مؤثر، وإذا استمر الوضع على ما هو عليه مع توقف دعم المجالس، فهذا يعني غياب أي مشروع اقتصادي والاستمرار على الناحية الخدمية فقط، إلا أننا سنعمل على التواصل مع منظمات وهيئات بهدف تشغيل أكبر عدد من الأهالي وخاصة في مشاريع القطاع الزراعي”.
Sorry Comments are closed