لم يكن طارق وعبد الواحد مجرد صديقين في حمل السلاح ضد نظام الأسد، إنما عاشا طفولتهما سويا وترعرعا في نفس الحي كأخوين، الشهيد طارق أبو يزن والشهيد عبد الواحد من أبناء بلدة الدار الكبيرة.
بدأ طارق مسيرته الثورية في الإعلام وكان مخلصاً لعمله في توثيق جرائم نظام الأسد، حيث كان له الدور الأبرز في البلدة في تغطية الأحداث من قصف وغارات وانتهاكات ارتكبها نظام الإجرام، وحين اشتدت المعارك حمل البندقية برفقة عبد الواحد ليلتحقا بركب أصدقائهم للذود عن الأرض والدفاع عن العرض. منذ عام 2013 سلكا نفس الطريق متشاركين الألم والأمل وكانا لا يتركان جبهة إلا ويلتحقان بها. كان طارق يرابط على أقوى جبهات الرباط ألا وهي قرية الدوير، حيث لم تكن المسافة بين النقطة التي يرابط بها وقوات الأسد تتعدى 50 متراً.
مع دخول المحتل الروسي إلى سوريا كانت أولى الحملات على ريف حمص الشمالي حيث انطلقت المعارك بين الثوار وقوات الأسد بتاريخ 14/10/2015 على محاور عدة أهمها قرية تيرمعلة وقرى المحطة وسنيسل وجوالك، كما امتدت الاشتباكات لتصل لجبهات الدار الكبيرة ومنها قرية الدوير.
بدأت الحكاية يوم الجمعة في الثلاثين من تشرين الأول 2015 أثناء توجه الناس للمسجد ومن بينهم الشهيد عبد الواحد وإذ يسمع مناد عبر القبضات اللاسلكية “الجيش يتسلل باتجاه قرية الدوير”.
توقف عبد الواحد للحظة وقال “هذا صوت طارق” عاد مباشرة ليحمل سلاحه ويلتحق برفيقه، وصلا باتجاه الخط الأول وبدأت المعركة مع عناصر الأسد واستمرت الاشتباكات بينهما لنصف ساعة، وهنا وصلت المؤازرة من بقية الاصدقاء وقد تمكنا من قتل ما لا يقل عن 7 عناصر، المعركة دائرة ولا يسمع إلا أزيز الرصاص عند حافة نهر العاصي ليسقط عبد الواحد بطلقة غادرة، وهنا صمت الجميع وطارق ينظر لصديقه يسقط أمام عينيه، ركض باتجاهه ليحمله مع البقية، حملوه لمسافة 100 متر ومن بين الحشائش المتناثرة على ضفتي نهر العاصي جاءت طلقة لتستقر برأس طارق وهو يحمل صديقه عبدالواحد، نعم هي لحظات بين استشهاد الصديقين عبد الواحد وطارق، لتجسد لنا قصة شهيدين عاشا سوية واستشهدا ودفنا سويا.
مر عامان وبضعة أشهر على ترجل بطلين مشهود لهما بالاستقامة وحسن الخلق والتواضع والابتسامة الدائمة على المحيا للصغير والكبير وفي المقابل الشدة والغلظة على الأعداء. طارق وعبد الواحد مثالان لكثير من الشهداء الذين روت دمائهم تراب سوريا ومن يقرأ مثل هذه القصص ويسمع عن هؤلاء الأبطال لا بد أن يقول “ثورتنا منصورة”.
عذراً التعليقات مغلقة