عقب كل أستانة يخرج من يسمّون أنفسهم زوراً وبهتاناً وفد قوى الثورة، ليوزعوا البشائر الكاذبة في عملية تضليل يبدو أنها باتت منهج كل من يفاوض باسم الشعب السوري.
يتفنن الممثلون في بيع الوهم للسوريين، بل ويتنافسون في ذلك على اختلاف مرجعياتهم – أي الدول التي وظفتهم – إلا أن القاسم المشترك بينهم جميعاً هو الانبطاح والتدليس.
ماذا أنجز المفاوضون في أستانة؟ مع كل جولة يعدوننا بإطلاق سراح المعتقلين، وإدخال المساعدات إلى المناطق المحاصرة، وهي إن حدثت لا تكاد تكفي المحاصرين بضعة أيام، حيناً يستعرضون وثائق تدين روسيا ليقولوا: “حطينا عليكم وحدة”، وتارة يتملقون جاهدين لإظهار روسيا الغارقة في دماء السوريين بمظهر الضامن وغير المتمسك بالأسد!
وإذ نجحت روسيا خلال عام من اجتماعات أستانة بتنفيذ ما عجزت عنه في 6 سنوات؛ أي تطويع وتدجين الفصائل العسكرية، فإنها باتت تمسك معظم خيوط الحل السياسي، بتواطؤ من “الأصدقاء” والأمم المتحدة، ممثلة بمبعوثها، الذي لا يشبع من تطويع “المعارضة” وحصد المزيد من التنازلات، حتى بات ينطبق عليه وعلى المفاوضين مثَلُ “الفاجر يأكل مال التاجر”.
فسائحو جنيف؛ بات جلّ أمنياتهم الجلوس مع وفد الأسد على طاولة واحدة، ينتظرون مناقشة الانتخابات والدستور، وكأن النظام يعكف ليل نهار على تطبيق الدستور، وأجهزته الأمنية تتلهف لحماية وفود الأمم المتحدة في مراقبة الانتخابات، وهي – أي الأخيرة – عاجزة عن إجلاء مئات المحاصرين المهددين بالموت في الغوطة.
ماذا جنى السوريون من المفاوضات، سوى تفريغ القضية من مضمونها، وحصر النقاش في قضايا لا تمس جوهر النظام، مقابل تمدد الأخير واستعادته السيطرة على معظم المناطق المحررة، واستعادة الحضور في منظومة القبح الدولي؟.
ما حصده الأسد وروسيا وإيران والأسد بالنار لن يفرطوا فيه بالمفاوضات، لا بديل عن الوقوف بوجه كل من هان عليه التفريط بتضحيات السوريين.
لا يمكن لصاحب قضية أن يظهر كما مفاوضو أستانة وجنيف، لم يعد هؤلاء يشعرون بأي حرج في الدجل والاستخفاف بعقول السوريين، ولن يتعفف معظمهم عن حضور سوتشي أملاً بمناصب تناسب قاماتهم الوضيعة، إنه التفاوض لأجل التفاوض والظهور، وغايات أخرى ليس المشروع الوطني ضمنها.
علينا تسمية الأشياء بمسمياتها دون مواربة، كفى مجاملة على حساب دمائنا، هؤلاء تجار ثورة ومندوبو دول، لم ولن يصلحوا يوماً لتمثيل ثورة شعب عظيم حرّ، يتيم على طاولة لئام!.
عذراً التعليقات مغلقة