ترجمة: رانيا محمود – حرية برس
قارن الباحث محمد حسان في مقاله (قوات الأسد و”قسد” تتخذان طرقاً مختلفة للسيطرة على دير الزور) في موقع معهد “تشاتام هاوس” بين نظام الأسد وبين قوات قسد في طريقة التعاطي مع تحرير دير الزور وادارة المناطق الخاضعة لسيطرة كلا منهم.
وأوضح “حسان” أن محافظة دير الزور شرق سوريا انقسمت بعد تحريرها من قوات “داعش” لشطرين، الأول خاضع لسيطرة قوات نظام الأسد والذي يسيطر على مساحات واسعة جنوب نهر الفرات، وقوات سوريا الديمقراطية بقيادة حزب الاتحاد الوطني الكردي التي تسعى لبسط سيطرتها على المنطقة الواقعة شرق الفرات.
مضيفاً أن هاتان السلطتان تتبعان سياسات مختلفة، حيث يعتمد النظام السوري على القوات المحلية ولاسيما القبائل المحلية لتعزيز سلطته، بينما تحاول قوات سوريا الديمقراطية (SDF) تفتيت هذه القوى وذلك لتجريدها من أي دور مستقبلي أو انتقالي في المنطقة ، حيث تعتبرها منافس لها.
حسان : استمال النظام القبائل المحلية لتعزيز حكمه
يرى الباحث “حسان” أن نظام الأسد يدرك جيداً حاجته لقوة مسلحة تمكنه من فرض الأمن على المساحات الواسعة التي سيطر عليها خلفاً لتنظيم “داعش”، وكي لا يحدث فراغ في تلك المناطق يؤدي لعودة ظهور المعارضة فيها. لذلك وحسب “حسان” فإن النظام بدأ بدعم المجموعات القبلية المحلية وميليشيات قوات الدفاع الوطني التي قاتلت إلى جانبه، كي يمنحهم السلطة في تلك المناطق التي تم استعادتها من تنظيم “داعش”، وبمجرد أن تكون هذه القوات في السلطة فإنها ستمثل الدولة السورية وتصبح في الواقع جزءاً من الجهاز العسكري للدولة.
ويوضح الباحث محمد حسان في بحثه المنشور في موقع “معهد تشاتام هاوس” أن النظام ينشئ تلك القوات موزعة حسب الانتماء للقبيلة والمنطقة، حيث يقوم بتجنيد رجال كل منطقة على حده، وتزويدهم بالأسلحة الكافية، ثم تكليفهم بحماية تلك المنطقة. حيث سيولي النظام مهمة حماية الريف الغربي لدير الزور لرجال من قبيلة “البوسرايا” المحلية التي تنتمي في الوقت الحالي لقوات الدفاع الوطني أو الميليشيات القبيلة. وسيُطبّق نسق مماثل في قرى دير الزور الشرقية الممتدة جنوب نهر الفرات، في حين أن مدينة دير الزور نفسها ستخضع لدوريات مشتركة تضم مقاتلي قوات الدفاع الوطني المحلية وقوات النظام السوري.
ويضيف “حسان” أن تزامن الجهود الرامية إلى خلق قوات قبيلة للسيطرة على المناطق التي استولت عليها قوات نظام الأسد تتزامن مع وصول الشخصيات القبيلة البارزة في كل من حي الجورة وحي القصر في مدينة دير الزور، بما في ذلك “نوّاف البشير” زعيم قبيلة “البكّارة” و “مهنا الفياض” زعيم قبيلة “البوسرايا”، بالإضافة إلى ممثلين عن كل من قبائل “العكيدات ” و “الشعيطات”، وغيرهم من زعماء القبائل في المدينة.
ويشير الباحث أن مهمة هذه الشخصيات لا تقتصر فقط في التنسيق مع الحكومات السورية والروسية على إنشاء وقيادة قوات دفاعية فحسب، بل تتعداها لمحاولة الوصول إلى صفقات مصالحة في المناطق التي يسيطر عليها النظام السوري – التي يمكن أن تضم أشخاصاً مطلوبين لصلتهم بالثورة السورية – مقابل ضمانات تؤكد بأنه لن تكون هناك معارضة للنظام، و أن المتخلفين عن الخدمة العسكرية سيتم تجنيدهم قسراً.
يؤكد الباحث أن المحاولات التي يقوم بها نظام الأسد وروسيا لاعادة الاستقرار واحياء المناطق التي استولت عليها قوات النظام مؤخراً في دير الزور تواجه عقبات كبيرة، منها أن غالبية السكان يعارضون حكم عائلة الأسد والميليشيات التابعة له، وتخاف من الهجمات الانتقامية، وفي الوقت نفسه يرون أن الحياة في ظل حكم قوات سوريا الديمقراطية (SDF) التي تسيطر على الضفة الشرقية لنهر الفرات تبدو خياراً أفضل للعديد منهم.
قوات سوريا الديمقراطية (SDF) و حزب الاتحاد الديمقراطي (PYD): احتكار السلطة
يؤكد “محمد حسان” في مقاله، أنه وعلى الرغم من الشعارات التي تطلقها قوات سوريا الديمقراطية (SDF) عن التحرير والشراكة مع القوات المحلية، لكن حزب الاتحاد الديمقراطي (PYD) وجناحه العسكري المتمثل بقوات حماية الشعب (YPG) يسعيان إلى احتكار السلطة من خلال تفتيت القوات العربية التي تقاتل إلى جانبهم. ويرى “حسان” أن الـ (PYD) و (YPG) يخشون أنه مالم يبسطا السيطرة سلفاً فقد توكل الولايات المتحدة الأمريكية إلى هذه القوات مهمة حماية هذه المناطق وإدارتها مستقبلاً. وقد زاد هذا الخوف من قدرة تلك القوات على إحراز تقدم في المنطقة، وجذب المقاتلين المحليين من المناطق التي استولى عليها تنظيم الدولة الإسلامية.
ويضيف “حسان” أن كلاً من وحدات حماية الشعب الكردية (PYG) و وحدات حماية المرأة الكردية (PYG) تعملان على تفكيك مجلس دير الزور العسكري العامل تحت تحت مظلة قوات سوريا الديمقراطية (SDF) ، وهو القوة الوحيدة المكونة من مقاتلين محليين ممن شاركوا في معركة “عاصفة الجزيرة” التي أسفرت عن الإطاحة بتنظيم “داعش” في منطقة شرقي الفرات. كما تبذلان جهوداً لنشر الخلاف بين الفصائل المختلفة ولاسيما بين القادة “أحمد الخليل” و “ياسر دحلة” رئيس لواء تابع لمجلس “البقارة”.
ويوضح “حسان” أن الشرطة العسكرية التابعة لقوات سوريا الديمقراطية (SDF)، أفرجت في أوائل تشرين الأول/أكتوبر عن “دحلة”، بعد احتجازه لعدة أيام، بتهمة أنه تجاهل أو فشل في الاستجابة لأوامر المجلس.
يقول “حسان” كانت الأسباب التي تبنتها قوات سوريا الديمقراطية لاعتقال “دحلة” غير مقنعة، ويبدو أن الخلاف بينه وبين قائد المجلس كان مجرد ذريعة لكبح جماح سلطته المتنامية، بعد أن قاتل تنظيم “داعش” في منطقة البادية الشمالية من دير الزور، ومنطقة المعامل، والمنطقة الصناعية، وقاعدة اللواء 113، فضلا عن قرى في شرق وغرب المحافظة.
ويضيف “حسان” بأن هذه الاستراتيجية ليست جديدة، فقد بذلت كل من قوات سوريا الديمقراطية (SDF) ووحدات حماية الشعب (YPG) جهوداً مماثلة سابقاً لتفريق القوات العربية في الرقة، ولاسيما لواء ثوار الرقة، وذلك لإبقائها بعيداً عن المعركة ضد تنظيم الدولة الإسلامية. كما تم اعتماد سياسة مماثلة ضد “قوات النخبة” وفصائل دير الزور المحلية، والإصرار على أنه لا ينبغي لها أن تلعب دوراً في المعركة ما لم توافق على الاندماج و الخضوع لحكم قوات سوريا الديمقراطية. و يرفض حزب الاتحاد الديمقراطي (PYD) ظهور أي قوة عربية متماسكة ويعمل على ضمان أنه في حال ظهور قوة عربية فيجب أن تكون مجزّأة وتحت سيطرة قوات سوريا الديمقراطية .
عذراً التعليقات مغلقة