استمرار الخلافات بين قادة الاتحاد الأوروبي حول حصص المهاجرين

فريق التحرير15 ديسمبر 2017آخر تحديث :
فطور عمل لقادة أوروبا – الصورة عن وكالة الأنباء الفرنسية

حرية برس:

لم يتمكن قادة الدول الـ 28 الأعضاء في الدول الأوروبية اليوم الخميس من الخروج بنتيجة حول حصص استقبال اللاجئين، ولا زال الخلاف سيد الموقف.

وبعد مناقشات صعبة استمرت لأكثر من ساعتين ونصف خلال عشاء مغلق لقادة دول الاتحاد، لم تتمكن هذه الدول من الخروج من الطريق المسدود الذي وصل إليه هذا الاجراء المثير للجدل، والذي يسبب توتراً في قلب المؤسسات الاوروبية.

وأوضحت المستشارة الالمانية أنغيلا ميركل أن “وجهات نظر الجميع لم تتغير”، مشيرة إلى ضرورة “مواصلة العمل” حتى حزيران/يونيو المقبل، الموعد النهائي الذي حددته الدول الـ 28 لحلحلة إصلاح القواعد الاوروبية للهجرة الذي يواجه عراقيل منذ أشهر.

ووصف رئيس الوزراء الهولندي مارك روتي المناقشات بالـ “حادة” موضحاً أن “الخلافات كبيرة”، معترفاً بأنه “ليس هناك أي حل لإيجاد توافق حول الحصص”.

ويعود نظام الحصص في استقبال اللاجئين إلى عام 2015، حيث شهدت دول أوروبا موجة هجرة كبرى من شمال أفريقيا ومن تركيا باتجاهها بسبب الأوضاع المأساوية التي تعيشها الدول العربية ومنطقة شرق آسيا ووسط أفريقيا، حيث الحروب والمجاعات تفعل فعلها، وكان اقرار النظام استجابة للتحديات الكبيرة التي فرضت على الاتحاد الأوربي كي يشعر جميع أعضاء الاتحاد بـ “التضامن والمسؤولية”، وفيها تم الاستعاضة عن نظام دبلن، والذي يحدد أن أول دولة يصلها المهاجر ويبصم فيها هي دولة اللجوء، وبهذا تحملت الدول المتاخمة لشواطئ كاليونان وإيطاليا واسبانيا العبئ الأكبر، فجاء النظام لاعادة توزيع عبء تدفق اللاجئين على الدول الأعضاء في الاتحاد الاوروبي.

 

تباين في وجهات النظر حول الملف

وتسود خلافات بين الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي بشأن كيفية إصلاح سياسات الهجرة، حيث إن خطة إعادة توزيع اللاجئين التي تم استحداثها سنة 2015 لمساعدة الدول الأعضاء المثقلة على تحمل عبء تدفق المهاجرين في ذروة أزمة الهجرة مع وصول آلاف من اللاجئين يومياً إلى الشواطئ الأوروبية، كانت مثيرة للجدل بشكل خاص.

فمن جهة، تؤكد دول مجموعة فيشيغراد (المجر وسلوفاكيا وبولندا وتشيكيا) انها مستعدة لتقديم دعمها المالي للدول الواقعة في الصف الاول في مواجهة الهجرة، مثل ايطاليا، لكنها تستبعد استقبال طالبي لجوء دخلوا الى الاتحاد الاوروبي عبر المتوسط. في المقابل، تقر مجموعة أخرى من الدول على رأسها المانيا بأنه يمكن التعبير عن التضامن بطرق مختلفة، لكنها تصر على عدم إعفاء أي دولة من تقاسم اللاجئين.

وتقترح أستونيا، الرئيس الحاليّ للاتحاد الأوروبي، الالتزام بخطة الحصص الإلزامية عندما يكون عدد الوافدين كبيراً جداً، مع إضافة شيء من المرونة بسن تشريع يقضي بأن نقل طالبي لجوء بين دول الاتحاد يجب أن يكون بموافقة الدولتين المرسلة والمستقبلة لهم، واقترحت المفوضية، وهي الجهة التنفيذية بالتكتل، نقل طالبي اللجوء على أسس إلزامية في أوقات الهجرة الجماعية، بينما يكون استقبال طالبي اللجوء في الظروف العادية اختيارياً.

ووصف رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك قضية حصص الهجرة الإلزامية بأنها “مثيرة للخلاف الشديد وغير فعالة”، وقال توسك في رسالة إلى القادة إن إعادة التوزيع الإلزامية غير فعالة ومثيرة للانقسامات كثيراً، موصياً بتحويل الجهود عوضاً عن ذلك إلى ضمان حدود أوروبا.

بالمقابل قال المتحدث باسم المفوضية الأوروبية مارجاريتيس سخيناس: “المفوضية، الذراع التنفيذي للاتحاد الأوروبي تعارض بشدة الرأي القائل إن إعادة التوزيع كاستجابة طارئة أثبتت عدم فعاليتها”، وأكّد أن “32.000 شخص أعيد توزيعهم بموجب الخطة، أي 90% من المؤهلين لذلك، وكانت الخطة أساسًا تتعلق بإعادة توزيع 160.00 لاجئ”.

وترفض كل من بولندا والتشيك والمجر، قرار الاتحاد الأوروبي الصادر عام 2015 بشأن إعادة توزيع اللاجئين واستقبالهم، وطعنت بالقرار كلاً من سلوفاكيا والمجر أمام محكمة العدل الأوروبية، والتي أصدرت قرارها في 6 ايلول يوليو الماضي برفض الطعون التي تقدمت بها سلوفاكيا والمجر ضد قرار حصص استقبال اللاجئين الذي اتخذه القادة الأوروبيون في أيلول/سبتمبر 2015، في خضم أزمة الهجرة. واعتبرت المحكمة في قرارها أن الآلية التي نددت بها الدولتان في الاتحاد الأوروبي والذي يفترض أن تجسد روح التضامن الأوروبية، “تساهم بشكل فعال ومتناسق” في تخفيف الأعباء عن اليونان وإيطاليا بعد تدفق المهاجرين بأعداد كبيرة.

 

مواقف قادة دول أوروبا قبيل الاجتماع:

وبرزت مواقف كثيرة لقادة من دول الاتحاد الأوروبي قبل عشاء العمل، تؤكد كلاً منها على تمسكهم بمواقفهم السابقة من ملف الهجرة، والذي سبب شرخاً كبيراً بين دول الاتحاد الأوروبي وكاد أن يفجره.

فقد قال رئيس الوزراء السلوفاكي روبير فيكو أن “الحصص سببت انقساماً فعلياً في الاتحاد الاوروبي وعلينا أن نكون حذرين للمستقبل”. وأعلن مع مجموعة فيشيغراد عن مساعدة قدرها 35 مليون يورو دعماً لتحركات ايطاليا من أجل إدارة مشكلة الهجرة من ليبيا.

وصرح رئيس الوزراء المجري فكتور أوربان المعارض بشدة لسياسة استقبال اللاجئين الأوروبي “أنه الدليل على أن مجموعة فيشيغراد تسير في الخط نفسه عندما يتعلق الأمر بإظهار التضامن مع ايطاليا وغيرها”.

ورحب رئيس الوزراء الايطالي باولو جينتيلوني بمساعدتهم المالية لكنه قال أن “هذا لا يغير شيئاً في الخلافات حول إعادة توطين اللاجئين”.

 

انخفاض أعداد اللاجئين:

قالت منظمة الهجرة الدولية في تقرير صدر عنها في شهر تشرين الثاني نوفمبر أن أعداد اللاجئين تقلص بشكل كبير، مشيرة أنه وصل نحو 161 ألف مهاجر ولاجئ إلى أوروبا بحراً هذا العام حتى اصدار التقرير، 75 % منهم وصلوا إلى إيطاليا، بينما وصل الباقون إلى اليونان وقبرص وإسبانيا. وأضافت المنظمة أن نحو ثلاثة آلاف غرقوا أو فقدوا.

وأوضحت المنظمة التابعة للأمم المتحدة في تقريرها، إنه بعد وصول عدد قياسي من الوافدين خلال الفترة بين عامي 2014 و2016، أسهم الاتفاق بين الاتحاد الأوروبي وتركيا وانتشار دوريات قبالة سواحل ليبيا في تقليل عدد المهاجرين بدرجة كبيرة.

وخلص التقرير إلى “أن الحدود الأوروبية بالبحر المتوسط، هي الأدمى في العالم وبفارق كبير”، حيث غرق أكثر من 33 ألف شخص، وهم يحاولون الوصول إلى شواطئ أوروبا خلال القرن الجاري، مما يجعل البحر المتوسط، أكبر منطقة حدودية في عدد الوفيات بالعالم.

يبدو أن هدف قادة أوربا من إقرار نظام توزيع اللاجئين على دول الاتحاد لإظهار التضامن بين دول الاتحاد الأوروبي، لم يتحقق، والذي حصل هو العكس، فقد نشبت خلافات كبيرة بين الدول الأعضاء بخصوص الهجرة، وتبادل للاتهامات بينها وصل مداها إلى محكمة العدل الأوروبية التي أصدرت حكماً يساند “نظام الحصص”.

وترى جوديث ساندرلاند، أحد كبار الباحثين في منظمة هيومن رايتس ووتش في أوروبا، أن أغلب المناقشات السياسية التي تجري حول موضوع اللجوء، تنتهي إلى كلمة واحدة، يتم استخدامها بشكل متزايد في اجتماعات الاتحاد الأوروبي، وهي “المسؤولية”، حيث تلاحظ “إحجام الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي عن تحمل المسؤولية بصدد الأشخاص الهاربين من الاضطهاد والحروب، والأشخاص الذين هم بحاجة إلى الحماية الدولية”، وتتابع بقولها “هذا الإحجام يظهر عملياً بشكل يومي على الحدود البرية للاتحاد الأوروبي، حيث نرى الأسوار المرتفعة، وإرجاع الوافدين، وسوء المعاملة، كما يمكننا أن نرى الإحجام من خلال الامتناع عن إنقاذ أرواح المهاجرين الغارقين في البحر الأبيض المتوسط”، وتوضح سندرلاند قائلة “إن إنقاذ حياة الأشخاص أمر مختلف عن إنزالهم من السفينة وتحمل مسؤولية معالجة طلباتهم للحصول على الحماية الدولية، أو معالجة طلبات ترحيلهم”.

المصدر أ ف ب، الشرق الأوسط، نون بوست
التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

    عاجل