ابراهيم بعد تعرضه للحادث _ عدسة لجين المليحان
لجين المليحان – درعا – حرية برس:
سمعت صوت صراخ وضجة عالية خارج الخيمة، فأسرعت ولم أتأخر بالنهوض، وحاولت أن أفهم ماذا يجري، وبعد وصولي إلى مكان الصوت بالقرب من الخيمة التي أسكن فيها بمسافة 200متر، لأفاجأ بشخص يحمل فتى ويركض به نحوي، وأدركت أن هناك حادثا ما، وأن الفتى هو ابني إبراهيم الصغير، ويريد مني الإسراع بإسعافه لأن الكهرباء صعقته أثناء إمساكه بكبلا كهربائي متدلي من أعمدة الكهرباء.
يكمل أبو ذياب الحديث عن طفله إبراهيم: أجبرتنا الحياة وظروفها والنزوح على السكن في هذه المنطقة لكي نرعى أغنامنا، ونسكن فيها لعدم توفر مكان أخر لعائلاتنا وبسبب تدمير بيوتنا في مدينة إزرع حي البقعة، وأصبحت هذه المنطقة تشبه مخيم الزعتري ويسكن فيها 50 عائلة مع مواشيهم وذلك لضيق المساحات الزراعية غير المزروعة اضطررنا للبقاء هنا وعدم السماح لنا بالاقتراب من الأراضي المزروعة، 50 عائلة مع مواشيهم يسكنون مساحة واحدة وقريبة من مرمى نيران النظام، 50 عائلة يذهب أفراد منها كل يوم صباحاً لرعي المواشي بالأراضي البور ليرجعوا متعبين بعد يوم شاق وأيضاً يذهبون لأعمال أخرى متقطعة.
هذا حالنا يقول أبو ذياب ثم يتابع سرد القصة، وأمنيتنا الآن أن نعود إلى حينا الذي نفتقد لكل شي بدونه حتى لو أن بيوتنا مدمرة ولكن نرغب بالعودة.
في نهار ذلك اليوم المشؤوم، كان ابراهيم في وضع خطر ونركض به في الطريق لنوقف سيارة لتسعفه، فجاء أحد سكان القرية (مليحة العطش) مصادفة متوجها إلينا، فكانت المصادفة فرجاً ومنقذا لنا حين توقف وشاهد حالنا وقال لنا هيا أصعدوا إلى السيارة لأوصلكم إلى المشفى، يكمل أبو ذياب حديثه وصلنا إلى المشفى في مدينة الحراك وتم إدخال إبراهيم إلى الغرفة للمعاينة وبعد دقائق خرج الطبيب إلينا ليقول ليس بإمكاننا معالجة ابنك في المشفى، ويحتاج إلى بتر القدمين بسبب خروج شحنة الكهرباء القوية من قدميه فلقد تضررت القدمين واحترقت.
المشكلة الأكبر أننا لا نملك المال الكافي لإرساله إلى مناطق النظام والدفع للحواجز والمشافي هناك ولا نأمن عليه عند النظام، ونحن قلقون من قطع قدميه.
يكمل حديثه ذهبنا بإبراهيم لمشفى بلدة الغرية ولم يستقبلو حالته ثم ذهبنا إلى مشفى مدينة بصرى الشام وفيه تم إدخاله إلى غرفة العمليات وتم قطع أصبع الإبهام في القدم اليسرى والأصبع الذي بجانبه وفي القدم اليمنى كسر أصبع وحروق في يديه، ويزيد بالكلام لو لم تخرج شحنة الكهرباء من قدميه لمات فورا ،وأن قطع الأصابع في قدم أقل مصيبة من قطع القدمين كما قالوا لنا في المشفى الأول.
فالأهالي اعتبرت البقاء في هذه المنطقة ليس بالمناسب، فليس من المعقول أن تضم هذه المنطقة 50 عائلة بينهم أطفال ونساء بمنطقة تعتبر خط اشتباك، ولكن الواقع يفرض عليهم هذا الأمر، ففي حوران تنتشر هذه المخيمات لتكون حلاً بديلاً تؤمن مسكنا بعد نزوحهم من قراهم بسبب ظلم النظام وتدمير بيوتهم وملاحقتهم، لكنه على الأقل يريحهم من الأجارات المرتفعة في بعض القرى ويعرف المرء أنه لن يخرجه المستأجر من البيت بحال تأخر بدفع الأجرة.
في محافظة درعا يعيش الكثير من سكان القرى الواقعة تحت سيطرة النظام حركة نزوح وتشرد بالمناطق المحررة ومعاناة ايضا _حسب تقديرات منظمات الأغاثة فلو افترضنا أن نسبة1%منهم تسكن في خيم فهذا يعني أنه لدينا مشكلة كبيرة، فهي خيم بالبداية لا تحقق المستوى المطلوب من الحياة العادية والسكن الكريم.
الموضوع كبير وشائك ويجب أن تتعاون جميع الجهات و بجهود المنظمات العاملة في درعا لحل وضع مخيمات النزوح ،فالحل لا يكون بمعالجة ابراهيم أو بمنع النازحين من السكن بمناطق أخرى ،إنما يكون عبر خطة مدروسة تنفذها منظمات المجتمع المدني السوري، عبر إنشاء قرى صغيرة مسبقة الصنع تهدف إلى استقرار هذه العائلات وجمعها في مكان واحد لحين انتهاء معاناة سوريا وتامينهم بسكن ملائم إيجاد بيئة مناسبة تبعدهم عن المشاكل والخلافات مع الأخرين والمشاكل النفسية، بسبب صعوبة وضعم وما لحق بهم من دمار مادي ومعنوي من النظام وتأمين الخدمات الحياتية من مأوى وصحة وتعليم والعودة بهم إلى حياة طبيعية تكون بعيدة عن العنف والإجرام، بالأضافة لإيجاد حياة مناسبة للأطفال خصيصاً لكي يعيشو في مكان ملك لهم ويستقروا فيه بشكل طبيعي بعيد عن الترحال والتشرد واحساسهم أنهم منبوذون من جميع المناطق إيجاد قرية صغيرة ينتسبون لها وهيا تنتسب لسوريا.
عذراً التعليقات مغلقة