حل سوري بلا سوريين

بشير البكر24 نوفمبر 2017آخر تحديث :
حل سوري بلا سوريين

بات في حكم المؤكد أن الحل الذي يجري طبخه لسورية اليوم بين موسكو وبعض العواصم الإقليمية، مثل طهران وأنقرة والرياض، لا دور فيه ولا كلمة للسوريين. وأصبح كل ما يتعلق بمصير الشعب السوري ومستقبله رهينة إرادات أطراف خارجية. يحاول الجميع أن يفصل للسوريين حلولا، ليس على مقاس الهموم والمطالب والقضايا التي خرجوا، منذ أكثر من ست سنوات، من أجلها، ودفعوا قرابة مليون شهيد ومليوني معاق، كما بات نصف الشعب مهجّرا وقرابة 60 في المائة من البلد مدمرا، بما في ذلك البنى التحتية ووسائل الإنتاج.

يريد الذين يتحكّمون بقرار الشعب السوري تسويق حلٍّ يلبي مصالح الأطراف الدولية والإقليمية، على شكل تفاهمات بين هذه الأطراف، وتلعب روسيا في ذلك دور المايسترو الذي يتميز عن الجميع بدوره في منع سقوط النظام بعد عامين من العمليات العسكرية ضد قوى الثورة. ولذلك باتت الطرف الأساسي الذي يتولى توزيع الأدوار.

نجاح روسيا في منع سقوط النظام أمر مؤقت، ولا يمكن أن يتحول معطىً ثابتا يتم على أساسه تحديد مستقبل سورية وشعبها، وهي تدرك أن إنجازها العسكري لا يعني أنها غيرت مجرى الأحداث في هذا البلد من غير رجعة. وتبقى هناك مسألتان أساسيتان: الأولى أنها لن تتمكّن من تحقيق إجماع سوري على الحل الذي تطرحه، ما دامت متمسّكة ببشار الأسد. وفي شتى الظروف، لن تجد من المعارضة طرفا وازنا يسير معها على أساس استمرار الأسد في الحكم. والمسألة الثانية أنه لن يتحقق الاستقرار أبدا من دون أن يكون هناك رضى شعبي، ففي اليوم الذي تتوقف فيه الحرب، سوف ينزل السوريون مرة أخرى إلى الشوارع، من أجل الخلاص من نظام الأسد، والحصول على الحرية واستعادة الكرامة.

إصرار الروس على بقاء الأسد في المشهد السياسي يضع حجر عثرة على طريق الحل، ومهما حصل من تطوراتٍ وتسويات، يبقى الأسد نقطة الخلاف الرئيسية، ويعتبر الشعب السوري رحيل هذا الرجل الخطوة الأولى على طريق الحل.

لا يستطيع أحد إجبار السوريين على قبول بشار الأسد، والعالم كله يجمع على أن من غير المنطقي إعادة إنتاج بشار الأسد، وأن شرط أي حل دائم هو وضع الأسد خارج أي عملية سياسية، والعمل على إحقاق العدالة للضحايا، بإحالته، هو وعصابته، إلى المحاكم الدولية المتخصصة بالجرائم ضد الإنسانية. وإذا تغاضى المجتمع الدولي عن هذه النقطة سوف تتقوّض مصداقية العدالة الدولية ومبادئ حقوق الإنسان والقانون الدولي.

تكمن العقدة الرئيسية منذ بيان جنيف 1 في يونيو/ حزيران 2012 في محاولات القفز على إرادة الشعب السوري. وقد تورّط الروس، في حينه، بالموافقة على تشكيل هيئة حكم انتقالية، وكل ما قاموا به، منذ ذلك الحين، سواء في مجلس الأمن أو الميدان العسكري، هو الانقلاب على “هيئة الحكم الانتقالية”، واستبدالها بحكومة وحدة وطنية بين المعارضة والنظام، تحت رئاسة الأسد.

أن تضع السعودية قائمة المدعوين، وجدول أعمال اجتماع المعارضة (الرياض 2) على أرضها، أمر في غاية الوقاحة، لكنه ليس بالشأن الغريب، بل يأتي، في جميع الأحوال، ضمن سياق الدور المسند لها، وهو تخريب الثورة السورية. ينطبق الأمر نفسه على الاجتماع الثلاثي الذي دعا إليه الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في سوتشي، نظيريه الإيراني حسن روحاني والتركي رجب طيب أردوغان يوم الأربعاء الماضي، من أجل الانتقال إلى عملية سياسية لإعادة تدوير الأسد في وقتٍ كان يجب تقديمه إلى محكمة الجنايات الدولية، بوصفه أخطر مجرم ضد الإنسانية عرفه تاريخ البشرية.
المصدر العربي الجديد
التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

    عاجل