قالت صحيفة “العربي الجديد” أن مصدراً تركياً مطلعاً أكد لها، أن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، طلب من الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، التواصل بشكل مباشر مع القيادة السورية في دمشق، لحلحلة الامور المتعلقة بتنفيذ اتفاق “أستانة 6″، الذي سيتيح للقوات المسلحة التركية المشاركة في عملية مشتركة ضد “هيئة تحرير الشام” (التحالف الذي تقوده “جبهة النصرة”) في محافظة إدلب، بالتعاون مع القوات الإيرانية والروسية التي ستقدم الدعم لقوات النظام السوري.
وقد ورد الطلب الروسي خلال اللقاء الذي جمع الرئيسين، مساء أول من أمس، في العاصمة التركية أنقرة، في ما بدا مخالفاً لما ذكرته وكالة “ريا نوفوستي” الروسية بأن أردوغان طلب الوساطة الروسية مع النظام السوري.
وأشار المصدر إلى أن أهم المواضيع التي تناولها الجانبان، خلال زيارة بوتين إلى أنقرة، تمثل بتطبيق اتفاق “خفض التصعيد” في شمال غرب سورية، وذلك وسط تلويح، وزير خارجية النظام السوري، وليد المعلم، بإمكانية التفاوض مع قوات حزب الاتحاد الديمقراطي (الجناح السوري لحزب العمال الكردستاني)، الذي بات يسيطر على مساحات واسعة من شمال شرق سورية، بدعم من واشنطن.
ويقول المصدر “يحاول الروس إعادة الشرعية الإقليمية للنظام السوري. وبعد أن تم تطبيع شبه رسمي بين النظام السوري والأردن ولبنان، إضافة إلى العراق، لم يبق في الجوار السوري سوى تركيا، إذ تسعى موسكو للضغط عليها لإجراء تطبيع رسمي مع النظام السوري باستخدام ورقة ضرورة الحصول على موافقة النظام السوري لدخول القوات التركية إلى محافظة إدلب، الأمر الذي ما زالت الادارة التركية مترددة حياله، رغم وجود قنوات حوار على مستوى الاستخبارات”.
ويعتبر المصدر أنه “بكل الأحوال لن تتجاوز العلاقة بين الجانبين في أحسن أحوالها العلاقة التركية المصرية الحالية، وحتى الوصول إلى هذا الأمر بحاجة إلى الكثير من العمل لتحديد الخطوط العامة”. وكانت وكالة “ريا نوفوستي” نقلت عن مصادر دبلوماسية أن أنقرة طلبت من موسكو التوسط لدى النظام السوري، موضحة “لقد تم التخطيط لمنح تركيا المسؤولية عن منطقة خفض التصعيد في محافظة إدلب، ولكن وجود القوات الأمنية التركية في أراضي دولة جارة بحاجة إلى موافقة رسمية من النظام في سورية، وللحصول على هذا الإذن طلبت أنقرة من موسكو التوسط مع دمشق لإجراء هذه اللقاءات”.
ويضيف المصدر “كانت رسالة وليد المعلم واضحة عندما وجهها عبر الإعلام الروسي، حول إمكانية التوافق مع الاتحاد الديمقراطي، ولكن لا يبدو الأمر أكثر من مناورة للضغط على تركيا، لأنه لا يمكن أن يحصل على توافق على هذا الأمر داخل أجنحة النظام السوري ذاته، إضافة إلى أن التوافقات الإيرانية التركية القاضية بتحجيم أكراد سورية والعراق، وبالذات بعد استفتاء إقليم كردستان العراق، ستجعل من الإيرانيين يمنعون ذلك بكل السبل، فالاتحاد الديمقراطي، بتحالفه مع واشنطن، بات خطراً على الأمن القومي الإيراني، ولم تعد العلاقة القديمة بين إيران والعمال الكردستاني ممكنة”.
ويؤكد المصدر أن “التواصل التركي مع النظام السوري على المستوى الحكومي، يبدو صعباً الآن، وبحاجة إلى التمهيد على المستوى الشعبي، ولكن التحول الكبير في السياسة الخارجية التركية في العراق، أخيراً، لناحية حصر التعاون مع المركز في بغداد، يوحي بأن أمراً كهذا قد يحصل مع دمشق يوماً ما، على سبيل المثال للتنسيق بما يخص طريقة عبور السلع التركية إلى سورية بعد تطبيق اتفاق أستانة، إذ إن السلع تجد طريقها إلى سورية عبر مناطق المعارضة السورية، سواء من إدلب بشكل مباشر، أو عبر مناطق درع الفرات، وعبر مناطق سيطرة قوات الاتحاد الديمقراطي في شمال حلب، والذي يستفيد منه الأخير بفرض الإتاوات، إلى غير ذلك من الأمور”.
ويتابع المصدر “لكن ذلك بحاجة إلى مفاوضات بين الجانبين، قد تأخذ وقتاً ليس بالقصير، أيضاً لتحديد طبيعة العلاقة على المدى القريب والمتوسط، وكذلك طبيعة النفوذ التركي مع المعارضة السورية، بعد تطبيق اتفاق أستانة 6، ووضع خطوات عملية لتحجيم قوة الفصائل العسكرية السورية المعارضة ودورها في مناطق خفض التصعيد”.
وقد دام لقاء بوتين وأردوغان في أنقرة ساعة وأربعين دقيقة، تلاه مؤتمر صحافي، كان من اللافت فيه عدم تلقي أي من الجانبين أسئلة من الصحافيين، واقتصر على قراءة كل منهما بيانا معدا سلفاً، ولم يتضمن البيانان أي إشارة إلى صفقة شراء تركيا منظومة “إس 400” الروسية. ونقلت وكالة “تاس” الروسية عن المسؤول في الكرملين، فلاديمير كوجين، أمس الجمعة، أن روسيا استلمت من تركيا دفعة مقدمة لمنظومة “إس 400″، مضيفاً أن أنقرة تريد استلام النظام الصاروخي قبل 2019 وأن المسألة قيد النقاش.
عذراً التعليقات مغلقة