المخرج السينمائي غطفان غنوم: السينما الوثائقية السورية بدأت تشق طريقاً وسط الزحام العالمي

فريق التحرير4 أبريل 2016Last Update :
حوار: نوار الشبلي

لم تتمكن الثورة السورية رغم امتدادها زمنياً لأكثر من 5 سنوات من تشكيل تيار سينمائي يواكب فعالياتها المدنية والعسكرية والإنسانية بقوة وثبات، وظلت الأعمال السينمائية التي تحاكي الثورة تسجيلياً أو وثائقياً مجرد مبادرات فردية، لمع بعضها بقوة وحقق حضوراً لافتاً في المشهد الفني السينمائي نتيجة موهبة وإبداع ومثابرة صناع الأفلام الذين ينطبق عليهم بحق وصف “المغامرين الأحرار”.

ومن هؤلاء المغامرين الأحرار يبرز اسم المخرج السينمائي غطفان غنوم الذي فاز فيلمه الوثائقي “قمر في سكايب” Moon in the Skype بجائزة أفضل وثائقي في “مهرجان هوليوود العالمي للأفلام المستقلة الوثائقية” للعام 2016.

حرية برس التقت المخرج غطفان غنوم، وكان الحوار التالي حول فيلمه الفائز:

 
– بعد التهنئة بفوز فيلمك بالجائزة، نود أن تحكي لنا عن أبرز ما تناولته قصة فيلم “قمر في سكايب”.
 
= على اختلاف مستويات المعاناة التي يرزح تحتها السوريون، ما بين الداخل السوري الملتهب والخارج، تطفو على السطح مأساة السوريين العالقين في بعض الدول الأوربية ذات الوضع الاقتصادي المتعب، لما لهذه المشكلة الكبيرة من إرهاصات على المستوى الأوربي خصوصا والدولي عموما، يرصد الفيلم هذه المأساة عبر سبر هواجس شخصيات عانت الأمرين في سبيل العبور من جحيم التشرد نحو الاستقرار في دول تمنح حق اللجوء الإنساني والسياسي. ورغم اختلاف التجارب الفردية إلا أن المطلب المستحق يفرض نفسه بقوة على لسان الشخصيات: ” بدنا حل” من ناحية مختلفة وبأسلوب روائي يبتعد تماما عن التوثيق، يرصد الفيلم حالة من نجح في العبور لدول الاستقرار وبدأ رحلة الاندماج والتكيف، من خلال قصة صامتة لشاب يتجول في المدينة وحيدا. بين الغربة وبين التشرد يقع الفيلم على امتداد يصل لساعة وخمسة دقائق.
 
– يمكننا أن نتخيل إذن أن الفيلم استغرق تحقيقه وقتاً طويلاً؟
= لا يمكنني الجزم بمدة محددة استغرقها العمل على الفيلم، على اعتبار أنه صور في عدة دول واستخدم فيه مشاهد وثائقية من الداخل السوري، لكن لنقل أن الفيلم انتهى العمل به خلال عام واحد تقريبا.

لقطة من فيلم قمر في سكايب للمخرج غطفان غنوم
– سبق لك أن حاولت المشاركة بعدة مهرجانات وكان رد إداراتها بالاعتذار .. ما السبب برأيك؟ هل تعتقد أن رسائل أفلامك ومضامينها هي سبب اعتذارهم؟
= للمهرجانات الدولية اعتباراتها الخاصة، فبعض المهرجانات الدولية لا تنظر للأفلام إن لم تندرج تحت سياستها العامة المقررة في دورتها السنوية تلك، والتي قد تتبدل في دورة ثانية، وبعض المهرجانات التابعة لجهات حكومية قد تمانع في قبول بعض الأفلام التي قد تثير حساسيات معينة، وبطبيعة الحال قد لا ينجح الفيلم بالوصول للمسابقات الرسمية في مهرجانات يتطلب اختراقها أن تكون الأفلام قد صورت بإمكانيات ذات مستوى إنتاجي عالي يساعد في رفع سويتها الفنية والتقنية. تختلف الأسباب وتتباين، لكن الإيجابي في الأمر أن السينما الوثائقية السورية بدأت تشق طريقا وسط الزحام العالمي الكثيف المهم، مبتعدة في لغتها عن الأساليب النمطية التي تتسيد الشاشات، والتي تفتقر عموما للرؤى الخاصة الجريئة، وتنضوي تحت إملاءات المحطات ذات الأجندات.
 
– فيلم “قمر في سكايب” تجربة مختلفة عن فيلمك السابق “بورتريه مدينة ثائرة” أين تكمن الصعوبة في كلا العملين؟
= تقنياً صورت فيلم “بورتريه مدينة ثائرة” بإمكانيات واهية، بسبب الحصار الذي كان مضروباً حول مدينة القصير المدمرة حالياً، ولم يكن لدي في حقيقة الأمر من هاجس سوى إيصال الصورة الحقيقية لما تعاني المدينة المخنوقة في ظل الحصار والقصف الذي دام شهورا طويلة، أي أن الشرط الفني التجريبي أزاح نفسه بشكل راض ليحل محله الشرط التوثيقي، يغدو العمل في شروط حربية عملا صعبا وشبيها باصطياد الفراشات بينما يقبع الصياد تحت الماء. يختلف الأمر في الفيلم الأخير، فبعد سنتين من الاستقرار الشخصي في أوربا، بات ملحاً أن نطور الإمكانيات التقنية لتتناسب مع متطلبات المهرجانات على اعتبار أنها النافذة المشرعة الوحيدة لمخرجي السينما المستقلة، وهذا ما حصل فعلا، وغدا الخطاب الفكري مركزا وموجها بشكل أشد دقة للجمهور الغربي، الذي اعتاد على رؤية أفلام سينمائية تتصف بالتجريب. هنا تتأتى الصعوبة من تلك الزاوية الخفية التي قد يغفل عنها صانع الفيلم، والتي تختبئ في ظلامها أفخاخ “الرومانسية” التي قد يقع فيها المخرج، لدى محاولاته استدرار التعاطف. في “بورتريه مدينة ثائرة ” كانت المصاعب موضوعية أما في “قمر في سكايب” فقد غدت المصاعب ذاتية الطابع.
 
 

غطفان غنوم في سطور:

* مخرج سوري من مواليد مدينة حمص 1976 خريج كلية الفن والسينما في جمهورية مولدافيا في العام 2006
* حقق فيلمه الأول (صور الذاكرة) من إنتاج المؤسسة العامة للسينما في سوريا في العام 2011 ومنع الفيلم من العرض بسبب انحياز غنوم للثورة ضد نظام الأسد.
* انشق عن المؤسسة العامة للسينما معلناً انحيازه للثورة السورية ليتجه لتوثيق معاناة السوريين من جرائم نظام الأسد في مسقط رأسه في حي باباعمرو في حمص ومن ثم في مدينة القصير.
* حقق فيلمه الوثائقي الأول (بورتريه مدينة ثائرة) أثناء تواجده في مدينة القصير.
* غادر إلى لبنان بعد سقوط مدينة القصير في قبضة قوات نظام الأسد وحزب الله اللبناني، قبل أن ينتقل للاستقرار في فنلندا.
* شارك في مهرجان “ماغ ويل” هوليوود الأميركي. ولاقى استحسان النقاد عن فيلمه الثاني “بوردينغ” الذي صوره في اليونان
المخرج السوري غطفان غنوم
Comments

Sorry Comments are closed

    عاجل