أثارت خطوة الرئيس الأميركي دونالد ترامب بتفويض وزارة الدفاع (البنتاغون) الإشراف الكامل على دفة الأمور العسكرية في العراق وسوريا، وسط تصعيد في كل الاتجاهات، الشكوك حول إمكانية وجود عمل عسكري أميركي يحضر له في سوريا خاصة.
وتتعزز هذه الشكوك مع تصريحات لوزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون أعرب فيها عن استعداد بلاده للمشاركة في عملية عسكرية للإطاحة بالأسد في حال طلبت واشنطن ذلك، واستمرار التصعيد الغربي حيال كيميائي خان شيخون، حيث أعلنت باريس أن مخابراتها توصلت بما لا يدعو للشك إلى أن دمشق خلف الهجوم الكيميائي الذي وقع على بلدة خان شيخون في ريف إدلب وأدى إلى مقتل العشرات من المدنيين.
ومنح ترامب الجيش الأميركي صلاحية التحكم في عدد القوات المرسلة إلى كل من سوريا والعراق، والتي كان يتفرد بها البيت الأبيض خلال فترة رئاسة باراك أوباما للسيطرة على كل صغيرة وكبيرة في قرارات المعارك.
وكان النظام الذي يعرف باسم “نظام مستوى إدارة القوات” قد وضع في العراق وسوريا خلال حكم أوباما الذي رفع على فترات القيود حوله، بما سمح بزيادة عدد القوات في البلدين مع تطور الحملة ضد تنظيم الدولة الإسلامية.
غير أن الأعداد لم تكن تعكس حجم الالتزام الأميركي على الأرض وكان القادة العسكريون يجدون وسائل غير مثالية عادة للتحايل على القيود بما في ذلك جلب قوات بشكل مؤقت أو الاستعانة بالمزيد من المتعاقدين.
ومن المرجح أن مستويات القوات البالغة رسميا 5262 في العراق و503 في سوريا أقل بأكثر من ألفي جندي عن العدد الفعلي للقوات الأميركية في البلدين.
وأكدت دانا وايت المتحدثة باسم البنتاغون أن ترامب منح وزير الدفاع جيم ماتيس سلطة تحديد مستويات القوات في العراق وسوريا من الآن فصاعدا.
وأضافت في بيان نشره موقع باز فيد نيوز “سنجري مراجعة لضمان أن تعكس الأرقام التي نقدمها للكونغرس وللعامة الحقائق على الأرض بدقة. الأمر يتعلق بالشفافية”.
ويقول المؤيدون لتغيير النظام من داخل الجيش الأميركي إن نقل سلطة اتخاذ القرار للبنتاغون من البيت الأبيض سيسمح بالمزيد من المرونة في التعامل مع التطورات المفاجئة في ساحة المعارك.
ويعكس قرار ترامب، وفق المحللين، “ثقته” في قادته العسكريين لاتخاذ القرارات المتعلقة بساحات المعارك، ويشرع هذا القرار الباب أمام البنتاغون لإرسال المزيد من القوات إلى كل من سوريا والعراق.
وهذا يتناقض مع ما كان تبناه ترامب خلال حملته الانتخابية التي أكد خلالها أنه لا نية له في زيادة الحضور العسكري الأميركي في المنطقة، رغم انتقاده لقرار أوباما سحب القوات الأميركية من العراق ما فسح المجال أمام زيادة التغلغل الإيراني.
وسبق أن أعلن البنتاغون عن نيته لإرسال المزيد من القوات إلى شمال سوريا، وكذلك الشأن بالنسبة إلى العراق. وقد يفضي هذا الإجراء إلى تصعيد خطير في سوريا، وربما يدفع روسيا لتعزيز حضورها هناك.
وكانت وزارة الدفاع الروسية قد أعلنت في مؤتمر الأمن المنعقد في موسكو بحضور العديد من الدول أنها خفضت عدد طائراتها المشاركة في مهمات قتالية في سوريا على ضوء انحسار بؤر التوتر.
ودخلت روسيا إلى مسرح الأحداث مباشرة في سوريا في سبتمبر من العام 2015، وقد نجحت في تحقيق جملة من المكاسب، مستفيدة من تردد الإدارة الأميركية السابقة التي أبدت عدم رغبتها في الانخراط بشكل كبير في الصراع السوري، حتى أن وزير الخارجية الأميركي السابق جون كيري رد بشكل غاضب على أحد المعارضين للنظام السوري في أحد المؤتمرات “هل تريدوننا أن نحارب روسيا لأجلكم؟”.
ويبدو أن الولايات المتحدة في عهد ترامب لديها هذه النزعة طبعا ليس لأجل المعارضة السورية بقدر ما هو من أجل تعزيز نفوذها في المنطقة مع تصاعد الحضور الروسي، فضلا عن تأمين استقرار الدول الحليفة لها.
وتحث دول غربية مثل بريطانيا وفرنسا الولايات المتحدة على تبني هذه النزعة الاندفاعية، وهو ما بدا واضحا في تصريحات مسؤولي البلدان. وأعلن وزير الخارجية البريطانية بوريس جونسون، الخميس، استعداد بلاده لمشاركة الولايات المتحدة في تنفيذ ضربات عسكرية ضد نظام الأسد في سوريا، في حال طلبت واشنطن مساعدتها.
وفي تصريح صحافي نقلته صحيفة “ديلي ميل” البريطانية، أوضح جونسون أنه في حال طلبت الولايات المتحدة دعما من بلاده لاتخاذ إجراءات عسكرية ضد النظام السوري، سيكون من الصعب جدا عليهم رفض طلبها.
وسبق أن أعلنت الحكومة البريطانية “الدعم الكامل” للهجوم الصاروخي الأميركي على قاعدة الشعيرات الجوية السورية في حمص، والذي جاء ردا على الهجوم على خان شيخون. وفي 4 أبريل الجاري، قتل أكثر من 100 مدني، وأصيب أكثر من 500 (غالبيتهم من الأطفال) في هجوم بالأسلحة الكيميائية شنته طائرات سورية على خان شيخون بريف إدلب (شمال) وسط إدانات دولية واسعة.
وردا على الهجوم، هاجمت الولايات المتحدة في 7 أبريل الجاري قاعدة الشعيرات الجوية في محافظة حمص (وسط) بصواريخ عابرة من طراز “توماهوك”، مستهدفة طائرات للنظام ومحطات تزويد الوقود ومدرجات المطار.
وقال ريتشارد فايتس مستشار البنتاغون، الخميس، إن “إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب كانت مستعدة للتعاون مع الرئيس السوري بشار الأسد، قبل حدوث الهجوم الكيميائي”، في إشارة إلى أنه ما بعد خان شيخون ليس كما قبله.
- نقلاً عن: العرب اللندنية
عذراً التعليقات مغلقة