لاشك في أنّه السؤال الذي دار بأذهان السورين بشتى أحوالهم وانتماءاتهم في الذكرى السنوية السادسة من عمر الثورة، وبمختلف مساكنهم التي تنوعت بين المهجرين قسرياً ضمن التراب السوري وبين النازحين خارجه في مخيمات دول الجوار التي تتدنى أحوال بعضها إلى الحضيض، وبين ما هو أسوأ من ذلك كالرازحين تحت وطأة الحصار وما يخلفه من مرارة العيش، فهذا ما رأيته بأعين من حولي وهذا ما يختصر كل الحوارات الفكرية والنقاشات السياسية التي طُرحت يوم أمس الثامن عشر من آذار.
الثامن عشر من شهر آذار هو التاريخ الذي حُفِر عميقاً في قلوب السوريين أكثر مما غُرِز في عقولهم؛ ففي هذا اليوم قبل ستة أعوام بدء كل شيء؛ هُنا في درعا، ولكن لا أحد بوسعه أن يتكهن متى وأين سينتهي ذلك، والأهم هو كيف سينتهي!.
“كيف سينتهي ذلك؟ ” هو الشطر الثاني من هذه الأُحجية السورية التي بذلنا أغلى ما نملك لتكون بالشكل الأمثل؛ بالشكل الذي تريده ونبغاه ألا وهو رحيل الأسد وسقوط النظام.
ولكن الآن وبعد ستة سنوات عجاف لم تأتي خلالها رياح التغير المنشودة؛ وبعد أن تخلى عنا القاصي والداني؛ بتنا نسمع أصواتاً أخرى أصواتاً خافتةً لم نعهدها من قبل، نلمس من بعضها حسّاً انهزامياً يعيده إلى الماضي ليذكرنا نحن بحالنا وما كان عليه قبل انطلاق الثورة؛ فتسترسل في سرد “الخيرات التي كنا ننعم بها ” – على حد وصفه -، مثل ما يرويه عن “نعمة الأمن والأمان” ليشعرنا وكأن الأسد ونظامه كان ملاكاً حارساً لشعبه ويتجاهل بذلك أنها التهمة التي غُيّب بها آلاف الأشخاص وحرم بها آلاف الأطفال والعائلات من أباءهم وذويهم، وبعضهم من تدنّى مستوى تفكيره وانحط سلوكه إلى أبعد من ذلك ليستعرض الخدمات العامة التي كانت تقدمها مؤسسات “الدولة السورية” على أنها مكرمة من بيت الأسد تفضل بها على شعبه، ومنها أصوات أخرى أنهكها التعب لترضى بأيّ حل قد يطرح أمامها، سواء أكان مناطق آمنة مجهولة المعالم أو التفريط بأجزاء من البلاد وتقسيمها إلى دويلات تحت عنوان الفيدرالية أو سواه. ولا حاجة لنا بذكر الصوت الثالث المؤكد على استمرارية الثورة والحفاظ على مسارها، فصمود السوريين إلى أيامنا هذه وتحديهم للنظام وكل من سانده من الروس والايرانيين والمليشيات الطائفية من لبنان والعراق وأفغانستان وغيرها هو خير جواب على ذلك.
والآن.. من هو الغالب ومن هو المغلوب في الثورة السورية؟ من الرابح ومن الخاسر!. لا تنتظروا إجابةً منّي في ختام هذا المقال، فإن كُنت سورياً فالإجابة لديك، الإجابة هي ما تتبنّاه وتستعد للتضحية من أجله؛ فإما الاستمرار في طريق الثورة الذي رسمته بنفسك لتكمل مسيرة الشهداء وتحافظ على تضحياهم. أو استبشر بعبودية لا خلاص منها.
Sorry Comments are closed