لم يسلم حزب الله من الفساد، رغم انه منذ انطلاقته وحتى وقت متأخر كانت سمعته تتّسم بنظافة كف أزلامه والعاملين في إطاره، مقابل فساد عناصر حركة أمل الشيعية المتركزين في مؤسسات الدولة، خاصة ان حزب الله تأخر كثيرا في قراره الذي برّأ في ذمة مؤيديه بالعمل في المؤسسات الرسميّة، انطلاقا من فتاوى دينية شيعية قديمة “تحرّم العمل في مؤسسات السلطة غير الإسلامية” واعتبار هذه المؤسسات الرسمية اللبنانية غير شرعية. وقد إبتدأ الحزب بالدخول الرسميّ في السلطة أولا عبر نوابه في العام 1992.
لكن الفساد انطلق من داخله، وظهر الى العلن مؤخرا وبشكل لافت خاصة بُعيد حرب تموزعام 2006 أي بعد هطول الأموال على مؤسساته الإجتماعيّة والصحيّة والدينيّة وغيرها، إذ برزت في الآونة الأخيرة ومنذ ذلك الحين معلومات عن فساد كبير داخل أروقة مؤسساته بدءا من السرقات، الى العمالة، الى الإتجار بالممنوعات وخلافه.
وكانت التمتمات والهمسات هي التعبيرات الأولى للكلام عن حالات الفساد الذي أخرجها الى الإعلام وبشكل صريح وصادم الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله نفسه حيث عرض بعض الملفات، ولم ينفها خلال خطاباته المسموعة جدا من الجماهير.
فبعد سيل من الإنتقادات لما يفعله قادة الحزب ومسؤوليه، حول الفساد الذي يعشعش على كل المستويات، باستثناء أمينه العام حسن نصر الله، الذي لجأ في الآونة الأخيرة الى سياسة “الإعتراف”، للإلتفاف أمام الرأي العام على فضائح الفساد الماليّة بين كوادر حزبه، أوعمالة بعضها للإسرائيليين والاميركيين والأوروبيين.
وهو قد تناول وبشكل صريح من على منبره مسألة الفلتان الأخلاقي في مناطق سيطرة الحزب نفسها، التي تدعي تميّز عناصرها بأخلاقياتهم، حيث أنه دعا السلطات الأمنيّة وبشكل علنيّ الى فرض سلطتها، رافعا يده عن المخلّين بالأمن حتى الٌإقتصادي منه، وقد برزت رغبته هذه مؤخرا من خلال إلقاء القبض على كامل أمهز، التاجر الأكبر والمهرّب الشهير، إضافة الى رؤوس كبيرة ستلحق به قريبا.
ولكن الأكثر لفتا للنظر هم الفاسدون داخل مؤسسات الحزب، ومنهم من تناولته الأحاديث كونه شقيق أحد أبرز شهداء الحزب، الذي إُكتشفت سرقته لمبلغ يعادل 4 مليون دولار. اضافة الى ملف (أ.م.ج) الذي ضجّت به المقاهي الشعبيّة قبل الصالونات السياسيّة الخاصة. اضافة الى عدد من الموظفين الفاسدين الذين تم اكتشافهم ومحاسبتهم فمنهم من تم اعادته الى عمله بعد فضحه وتشديد الرقابة عليه.
إلا ان اللافت في حزب الله ان الفساد الماليّ يُعفى عنه أما “الفساد” السياسيّ، بمعنى المُخالف لهم ولسياستهم وخاصة فيما يتعلق بولاية الفقيه فانه مغضوب عليه الى يوم الدين، وغير مغفور ذنبه، وان جاهر بتوبته علنا.
فأن يسرق أحد الموظفين أموال مؤسسة خيرية من خلال عمولات مالية نقدية يقبضها من التاجر الذي يؤمن الخدمة لمؤسسته لهو أمر هيّن، وأن يسرق أمين صندوق أموال الصندوق المؤتمن عليه في جمعية صحيّة لهو أمر بسيط، وأن يُقبض على مسؤول في مؤسسة خيرية بجرم أخلاقي يُعد أمرا يمكن التغاضيّ عنه، إلا أن يكون هناك ثمة عامل أو متفرغ معترض على موقف أو رأي لمسؤول كبير في الحزب فهو من المحرّمات، وفيه مسّ بالمقدسات وعقوبته لا تقف عند الطرد والإقصاء، بل قد تصل الى إلقاء التهم الجاهزة المعلبة.
المصدر : موقع جنوبية
Sorry Comments are closed