
فتاة سحلول – حرية برس
تبرز القنابل العنقودية كسلاح لا يكتفي بإحداث الدمار لحظة سقوطه، بل يزرع الموت في تفاصيل الحياة اليومية لسنوات طويلة، حتى بعد توقف القصف وسكون الجبهات.
تُعدّ القنابل العنقودية من أخطر أنواع الذخائر غير المنفجرة، نظرًا لآلية عملها التي تقوم على تفجير غلاف القنبلة الأم في الجو، ما يؤدي إلى إطلاق عشرات القنابل الصغيرة على مساحة واسعة، كثيراً من هذه “الذخائر الفرعية” لا تنفجر فورًا، وتبقى كامنة في الأرض، لتتحول إلى أفخاخ مميتة تصطاد المدنيين، ولا سيما الأطفال والمزارعين والعاملين في الأراضي المفتوحة.
و بحسب الدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء)، تواصل فرقه المتخصصة في شمال غربي سوريا عمليات إزالة الذخائر غير المنفجرة التي خلفها القصف العشوائي لقوات النظام البائد وحلفائه على مدى سنوات، ويؤكد متطوعو الفرق أن القنابل العنقودية تشكّل تحديًا كبيرًا نظرًا لصغر حجمها، وكونها غالبًا ما تكون مموهة بلون الأرض، ما يصعّب اكتشافها.
وفي هذا السياق، قال مدير الطوارئ والكوارث في محافظة حمص، ربيع جندية، المعروف بـ بيبرس مشعل، في تصريح خاص لـ”حرية برس”:”أن من الأكبر وأهم المشاكل التي يعاني منها السوريون بعد انتهاء الحرب الألغام والذخائر الغير المنفجرة، التي خلفها نظام الأسد البائد وحلفائه في مناطق واسعة من الجغرافيا السورية”.
و شدد بيبرس “أن فرق الإزالة تعمل بكامل طاقتها على امتداد الجغرافيا السورية، إضافة لتشكيل فرق جديدة في محافظات مثل حمص وحماة ودير الزور، كما يتم إنشاء المركز الوطني لمكافحة الألغام تحت إشراف مباشر من وزارة الطوارئ والكوارث”.
وأضاف بيبرس : “أن رغم كل هذه الجهود، يبقى التحدي أكبر من إمكانياتنا، ويحتاج لتدخل فرق دولية ورغم كل تحذيراتنا وجهود التوعية ووسم الأماكن الخطرة، خسرنا مئات الأرواح خلال الأشهر السبعة الماضية، منهم 3 من زملائنا في ريف حماة الشرقي أتمنى من أهلنا العائدين إلى بيوتهم توخي أعلى درجات الحذر، وخاصة الأطفال، فهم الأكثر عرضة لهذه الحوادث وأكرر دائمًا: لا تقرب، لا تلمس، أخبر الدفاع المدني.”
ويحذّر الدفاع المدني من خطورة العبث بأي جسم مشبوه، ويحث الأهالي على إبلاغ فرقه فور العثور على أية مخلفات مشبوهة، لضمان معالجتها من قبل المختصين دون وقوع إصابات.
ومع استمرار هذا التهديد، تبقى القنابل العنقودية شاهدًا حيًا على فصول الموت المؤجل، الذي لا تنتهي مفاعيله بانتهاء المعارك، بل تمتد لتغتال الأمن والأمان في حياة السوريين بعد الحرب.
و في الوقت الذي تسعى فيه العائلات السورية لإعادة بناء حياتها بعد سنوات من الحرب، تقف القنابل العنقودية ومخلفات القصف كعقبة صامتة ومميتة أمام الأمل فبينما ينظر العالم إلى الأمام، لا تزال هذه الذخائر تُعيد الماضي بكل مآسيه، مهددة أرواح الأبرياء كل يوم.
حيث أن جهود فرق الدفاع المدني والمتطوعين المحليين تستحق كل التقدير، لكنها تبقى غير كافية دون دعم دولي حقيقي، واستجابة إنسانية عاجلة بحجم الكارثة وحتى يتحقق ذلك، يبقى الوعي المجتمعي والالتزام بإجراءات السلامة هو السلاح الأهم لحماية المدنيين، لا سيما الأطفال، من هذا الخطر الدفين.لا تقرب، لا تلمس، أخبر الدفاع المدني
.شعار بسيط… لكنه قد ينقذ حياة.