درعا في الثورة السورية.. 13 عامًا من التحولات

عمر إدلبي22 أغسطس 2024آخر تحديث :

إعداد الباحث عمر إدلبي
مقدمة:

تحظى محافظة درعا بمنزلة بارزة في القضية السورية، بوصفها مهد الثورة السورية، فقد أشعلت شرارة الانتفاضة التي عمت البلاد في آذار/ مارس عام 2011، وشكّلت على مدى سنوات حالة محورية في السياق التاريخي والسياسي في سورية.

يهدف هذا التقرير البحثي إلى استكشاف واقع المحافظة، بعد 13 سنة من الصراع، للوصول إلى فهم أعمق للديناميات الناتجة من تفاعل معقّد بين عوامل مختلفة سياسية وأمنية، واجتماعية واقتصادية، أدت إلى التحولات الأساسية التي طرأت على محافظة درعا.

يعتمد التقرير على عملية رصد ميداني أنجزها راصدو مركز حرمون في نحو 5 أشهر، وعلى مقابلات مع ناشطين وسياسيين وعناصر من فصائل المعارضة المسلحة، من أبناء محافظة درعا، وعلى عدد من المراجع والمقالات والدراسات والمصادر المفتوحة.

تتمتع درعا بموقع استراتيجي حيث تقع في جنوب سورية على سهل واسع تتخلله مرتفعات استراتيجية، وتمتد مساحتها التي تبلغ 3730 كم2، من حدود الأردن إلى ريف دمشق، ومن القنيطرة والجولان إلى السويداء، وبلغ عدد سكانها 1.127 مليون نسمة عام 2014، نحو 680 ألف نسمة منهم في سورية، في حين يقيم نحو 450 ألف نسمة خارج البلاد، وفق تقديرات مشروع تقرير حالة السكان لعام 2014 الصادر من المكتب المركزي للإحصاء.

كمناطق سورية غير المركزية كلها، عانت محافظة درعا ما قبل 2011 التهميشَ التنموي والاقتصادي، الذي ظهرت أبرز ملامحه في ضعف التنمية على مختلف الصعد، إضافة إلى الإهمال في تنشيط القطاعات الإنتاجية، وحرمان المحافظة من مشروعات الاستثمار الكبيرة وتقييد كثير من المشروعات بالموافقات الأمنية بذريعة المخاوف من الاختراقات الأمنية، نظرًا للوجود العسكري الكبير في أراضي المحافظة، ولا سيما قرب خط الجبهة مع الجولان السوري المحتل، ما تسبب في إعاقة التنمية الاقتصادية، ودفع ذلك قسمًا كبيرًا من سكانها إلى الهجرة، معظمهم إلى دول الخليج العربي، حيث شكلت تحويلات المغتربين رافدًا مهمًا للسكان في تلبية احتياجاتهم وتحسين مستوى معيشتهم.

وتركت التحولات إلى اقتصاد السوق التي جرت في ظل حكم نظام بشار الأسد آثارًا سلبية عميقة في الظروف الاقتصادية والمعيشية في درعا، كما غيرها من المناطق السورية، حيث نالت سياسات تخفيض الدعم من الشريحة الوسطى والأقل دخلًا من السكان، وأسهمت في زيادة تركيز الثروة والفساد، وازدياد البطالة وانعدام الأمن الوظيفي، وتسارع الضائقة الريفية والتدهور الزراعي، ما أجبر كثيرين على الهجرة إلى المناطق الحضرية أو حتى خارج البلاد، بحثًا عن فرص أفضل، إضافة إلى تدهور البنية التحتية والخدمات العامة، وفشلت برامج الإصلاح الاقتصادي (التي تحدث عنها النظام السوري طويلًا) في تنمية القدرة الإنتاجية للاقتصاد السوري، وفي خلق مزيدٍ من فرص العمل، وفي تحقيق زيادات حقيقية في الدخول، مع ما رافق ذلك الفشل وتبعه من آثار اجتماعية سلبية للإصلاح الاقتصادي الموجّه لمصلحة مجموعات الأعمال الريعية للنخبة الحاكمة في مستويات معيشة الجزء الأكبر من السوريين.

وتراكمت من جراء هذه السلبيات مشاعر الاستياء والسخط لدى السكان من النظام وسياسات حكوماته ومسؤوليه، لتضاف إلى شعور عام لدى سكان درعا بالتهميش، على الرغم من حرص نظام حافظ الأسد ومن بعده بشار الأسد على تعيين مسؤولين بارزين في مناصب رفيعة، بعيدًا عن أجهزة الأمن وقيادة التشكيلات العسكرية الأساسية.

وتسلّط هذه الآثار السلبية المركبة الضوءَ على تحديات تخبط سياسات النظام السوري الاقتصادية وتداعياتها، من دون توفير الحماية الاجتماعية للفئات الأكثر تضررًا، وإصراره على الاستمرار في نهجه الاستبدادي والقمعي، ومواصلة ممارسات انتهاكات الحقوق والحريات، وتكريس الشعور العام بانعدام المساواة بين المواطنين.

وقد شكلت هذه العوامل مجتمعة أرضية خصبة لتراكم مشاعر الاستياء التي فجّرت مع اندلاع الثورة في 2011، بفعل التعامل القمعي العنيف من الأجهزة الأمنية مع احتجاجات درعا منذ يومها الأول في 18 آذار/ مارس 2011.

يمكنكم قراءة التقرير كاملًا من خلال الضغط هنا

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

    عاجل