تشييع بيريز.. الجنازة حامية والميت.. مجرم

عمر إدلبي30 سبتمبر 2016Last Update :
تشييع بيريز.. الجنازة حامية والميت.. مجرم

عمر إدلبي - OMAR EDLBI* عمر إدلبي

بعد 93 عاماً قضى أكثرها في الاستعداد والتخطيط والتحريض والتنفيذ لعشرات المجازر بحق الفلسطينيين والعرب، والإخلاص لنهج الصهاينة في الإجرام وتزوير التاريخ وتهجير الفلسطينيين وإحلال المستوطنين في مدنهم وقراهم، مات شمعون بيريز.
في صفوف “الهاغانا” إحدى أكثر العصابات الصهيونية ولوغاً بدم أهل فلسطين، والعرب، بدأ شمعون بيريز نشاطه العسكري والسياسي، حيث تولى مهاماً في تنسيق وتجهيز الموارد البشرية وشراء المعدات العسكرية واللوجستية للهاغانا، وبعد تأسيس الكيان الصهيوني تولى منصب مدير عام وزارة الدفاع الاسرائيلية وأشرف على تقوية علاقات كيان الاحتلال العسكرية مع فرنسا، وساهم في التنسيق للعدوان الثلاثي على مصر في العام 1956، وعمل في تسيير شؤون البرنامج النووي الصهيوني بالتعاون مع فرنسا وتأمين الموارد المالية له وصولاً إلى إنجاز مفاعل ديمونة النووي.
وإضافة إلى عمله الاستخباراتي في جهاز الموساد، ترأس حزب العمل لسنوات طويلة، ووصل إلى منصب رئيس وزراء الكيان الصهيوني لأول مرة في العام 1984 ليساهم في استمرار الجرائم الصهيونية بحق الفلسطينيين واللبنانيين.
بيريز المجرم هذا نال في العام 1994 جائزة نوبل للسلام، تقاسمها مع الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، نظير جهوده في توقيع اتفاقية أوسلو بين الكيان الصهيوني ومنظمة التحرير الفلسطينية في العام 1993، في مهزلة غير مسبوقة من مهازل الجائزة الشهيرة.
وترسيخاً لنهجه ونهج القادة الصهاينة في الاستهزاء بالمجتمع الدولي وبقيم السلام، تولى منصب رئيس وزراء كيان العدو مجدداً في العام 1995 وأمر في نيسان/ابريل من العام 1996 بشن عملية “عناقيد الغضب” ضد لبنان وارتكبت قواته آنذاك مجزرة “قانا” الشهيرة التي قتل فيها مئات اللبنانيين معظمهم من النساء والأطفال اللاجئين إلى مركز تابع للأمم المتحدة في بلدة قانا جراء قصف الطائرات الصهيونية للمركز الأممي.
هذا بعض من سيرة هذا المجرم الدولي الذي مات أخيراً حاملاً معه تركة ثقيلة من الإجرام وتهجير البشر، ليأتي اليوم مسؤولون فلسطينيون وعرب ويقدمون العزاء ويشاركون في تشييعه، أتوا كممثلين عن القتلى ليعزوا في القاتل!
كان متوقعاً أن يأتي زعماء العالم من كل حدب وصوب ليواسوا عائلة المجرم بيريز وقيادات كيانه الإرهابي، فهذا الكيان المغتصب لحقوق شعب فلسطين وللجولان السوري ما كان ليكون لولا دعم ونفاق “العالم الحر” وصمته على جرائمه وسياسة الأبارتيد التي انتهجها طوال نحو 70 عاماً، ورعايته لجميع حروب هذ الكيان ضد شعوب المنطقة.
وليس مستغرباً أن يعزي رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في القاتل المجرم بيريز، فالرجل يعتقل في سجون سلطته “سلطة الوهم” مناضلين ومقاومين فلسطينيين، وحقوق دماء شهداء فلسطين وعذابات أسراها هي آخر ما يفكر به وهو يصارع على زعامة سلطته الفارغة من كل مضمون!
وليس صادماً أن يطير سامح شكري وزير خارجية سلطة الانقلاب في مصر على جناح السرعة ويشارك في تشييع بيريز وهو مسؤول عن مقتل آلاف الجنود والمدنيين المصريين في العدوان الثلاثي، فالرجل لا يفكر بدماء هؤلاء ولا بكرامة مصر، وجل ما يعنيه أن يساعد نظامه الانقلابي على كسب نقاط تمنحه شرعية ما، في ظل واقع محلي مصري تبرز فيه ألسنة نار تحت الرماد، أشعلتها سياسات نظام الانقلاب في كل مفاصل المجتمع المصري منذ أن قرر سفك دماء معارضيه وإذلال أبناء شعبه، بما فيهم مؤيديه، بالمساس بمعيشتهم ولقمة خبزهم وحرياتهم وكراماتهم.
وليس مستغرباً حضور ممثلين عن نظامي الحكم في الأردن والمغرب، فللنظامين علاقات غير مخفية مع دولة العدو، ولهما من الأسباب “المتهافتة” ما يكفي لفهم إسراعهما للعزاء برمز من رموز إجرام الصهاينة.
الصادم والمستغرب حقاً أن تسمع أصواتاً سورية تثير الاشمئزاز، تتحدث عن بطولات بيريز الميت المجرم في قتله لبنانيين “شيعة” بذريعة أن “حزب الله” الشيعي يقتل السوريين دفاعاً عن نظام حكم الأسد!
وهنا يجب الوقوف طويلاً أمام هذه الظاهرة التي يخجل كل حر سوري من انتشارها في أوساط بعض مدعي الثورة، ولا يمكن لحر أن يقبل حجج هؤلاء بأن إجرام نظام الأسد وحلفائه من محور “المقاومة والممانعة” فاقت في قسوتها جرائم الصهاينة، فالمجرم لا تتغير مواقف الأحرار منه بظهور مجرم آخر أكثر دموية، وليس صحيحاً مطلقاً أن يصبح عدو الشعب الفلسطيني والشعوب العربية الأول، وهو الكيان الصهيوني، حليفاً بمجرد أن قوى تدعي أو هي بالفعل معادية لإسرائيل، تدعم وتتحالف مع نظام الأسد ضد ثورة الشعب السوري، فالحر المظلوم في سوريا لا يمكن إلا أن يكون حليفاً للمظلوم المناضل من أجل حريته في فلسطين، وإن كان غير ذلك فهو لا يستحق وصفه بالحر، وعليه حقاً أن يراجع منظومة وعيه وكنس ما لحق بها من تشوهات وشوائب.

Comments

Sorry Comments are closed

    عاجل