خريطة انتشار وكلاء إيران في سوريا.. وتغيير بالاستراتيجية بعد حرب غزة

فريق التحرير14 نوفمبر 2023Last Update :
ضياء عودة
مليشيات إيرانية في ريف محافظة دير الزور – تواصل اجتماعي

بطائرات مسيّرة وصواريخ، يواصل وكلاء إيران في سوريا منذ السابع عشر من أكتوبر الماضي استهداف القوات الأميركية في العراق وسوريا، ورغم أنهم كثر وبينهم أجانب ومحليون ويعرفون بأسماء مختلفة، يشير خبراء وباحثون إلى “تغيّرٍ طرأ” على صعيد نشاطهم عقب حرب غزة.

ويعود تاريخ انتشار الميليشيات الإيرانية في سوريا إلى العام الثاني من انطلاقة الثورة السورية (2012)، وفي ذلك الوقت زجّ بهم “الحرس الثوري”، وفق تقارير استخباراتية وغربية من أجل منع نظام بشار الأسد من السقوط.

وبينما تولت الميليشيات مهاما عسكرية وأمنية إلى جانب قوات نظام الأسد، سرعان ما تحولت إلى مرحلة التموضع والتمترس في مناطق مختلفة من البلاد بالتزامن مع ترجيح كفّة الميدان لصالح الأسد على حساب المعارضة.

وعلى مدى السنوات الماضية نفت إيران التقارير التي تؤكد زجها بالكثير من الميلشيات في النزاع السوري، وبينما كانت تشدد على أن حضورها يقتصر على “المستشارين والخبراء”، كانت تنعى في المقابل أفرادا من مجموعاتها، وخاصة ميليشيات “فاطميون” و”زينبيون”.

“الأساس في الشرق”
وتعتبر محافظة دير الزور ومدينة البوكمال الحدودية نقطة التمركز الأبرز للميليشيات، التي تدعمها إيران في سوريا، وتؤكد ذلك خريطة الضربات التي شنتها القوات الأميركية، ومصادر الإطلاق التي تخرج منها المسيّرات والصواريخ باتجاه قواعد تستضيف قوات أميركية.

ويوضح الباحث السوري في مركز “عمران للدراسات الاستراتيجة”، نوار شعبان، أن إيران منذ أن زجّت بميلشياتها في سوريا عمدت إلى “توزيع المهام فيما بينها”، من أجل ضمان الحفاظ على “المكاسب واستمرار النفوذ”.

واستمرت على ذات السياق حتى مقتل قائد “فيلق القدس” في “الحرس الثوري” الإيراني، قاسم سليماني عام 2020، لتتجه بعد ذلك إلى مرحلة جديدة تقوم على “تقييد المحليين وإطلاق دور الأجانب”، كما يقول شعبان لموقع “الحرة”.

ويضيف: “بمعنى أوكلت للميلشيات المحلية دور تأمين طرق التهريب وحراسة المستودعات، وللأجنبية وعلى رأسها زينبيون وفاطميون مهاما حساسة، في مقدمتها استهداف القواعد الأميركية”.

وتنتشر على الجغرافيا السورية ميليشيات كثيرة تتبع إيران، من بينها عراقية مثل “النجباء” و”سيد الشهداء”، وكتائب “حزب الله العراقي”، ومنظمة “بدر”، وأخرى لبنانية كـ”حزب الله اللبناني”.

وعلاوة على ذلك هناك “لواء فاطميون” الأفغاني و”زينبيون” الباكستاني، ويتابع الباحث أن “مقاتلي هاتين المجموعتين الشيعة شاركوا بالعديد من المعارك الرئيسية في سوريا، ويحظون بوجود كبير في دير الزور، ويقدر عددهم بنحو 2500 مقاتل”.

كما تتبع إيران أيضا ميليشيات محلية تنخرط ضمن مسميات مختلفة، أبرزها “قوات الدفاع الوطني”، وينتشر هؤلاء في محافظات حلب ودير الزور والرقة، ويعتبرون جزءا من جيش نظام الأسد.

ويوضح مدير “المرصد السوري لحقوق الإنسان”، رامي عبد الرحمن، أن “حزب الله” يقود الميليشيات المرتبطة بإيران في الوقت الحالي، وأن هذه التسمية لا تقتصر على الميليشيا الموجودة في لبنان، بل ترتبط بتلك الموجودة في العراق، تحت اسم “كتائب حزب الله العراقي”.

ويشير عبد الرحمن في حديث لموقع “الحرة” إلى أن ميليشيا “فاطميون” تتمركز بشكل أساسي في منطقة البادية السورية، بالإضافة إلى ريف حلب الشرقي.

ورغم أن “زينبيون” تنتشر في ذات المناطق أيضا، إلا أنها “أقل قوة من فاطميون”، ويضيف عبد الرحمن أن “الأخيرة تمتلك خبرة قتالية كبيرة”، وأن “حزب الله هو من يتولى قيادتها”.

وخلال الفترة الأخيرة اعتمد “الحرس الثوري” في دير الزور على ميليشيات “الحشد الشعبي” العراقي، التي تنتشر بمسميات كثيرة أيضا، أبرزها “سيد الشهداء”، التي استهدفتها الضربة الأميركية الأخيرة، حسب عبد الرحمن.

ويتابع أن “حزب الله العراقي هو الذي يقود عمليات الاستهداف ضد القواعد الأميركية، سواء في سوريا أو العراق، ومع ذلك لم يتلق أي ضربة كبيرة حتى الآن”.

“مسؤولية عامة”
ولا تعتبر الهجمات التي تتعرض لها القواعد الأميركية في سوريا والعراق جديدة، لكنها ومنذ السابع عشر من أكتوبر الماضي أخذت منحى تصاعديا، حتى أن الميليشيات التابعة لإيران باتت تنفذها لأكثر من مرة في اليوم.

وتحظى الهجمات الحالية بـ”حساسية” قياسا بسابقاتها، وفق خبراء ومراقبين، كونها جاءت في أعقاب الحرب الإسرائيلية في غزة، وما رافق ذلك من حشد عسكري أميركي استقدمه البنتاغون إلى البحر والجو والبر.

كما تحظى بـ”طبيعة مختلفة”، كون الإعلان عنها يتم تحت بيانات خاصة بما يسمى “المقاومة الإسلامية في العراق”، دون أن تتبنى أي ميليشيا محددة عملية شن الهجمات.

ويشير تحليل نشره “معهد واشنطن”، في الرابع والعشرين من أكتوبر، إلى أن نسب الهجمات لـ”المقاومة الإسلامية في العراق” يسمح “لمختلف الميليشيات العراقية بشن هجمات ضد القوات الأميركية في العراق وسوريا، تحت مظلة واحدة”.

وقد ترى الميليشيات أن عدم تحديد الجماعات المسؤولة عن مهاجمة القواعد الأميركية قد يعود بالفائدة عليها، و”ربما يكون استخدام تسمية عامة دون شعار هو الامتداد الأقصى لاستراتيجية الواجهة التي اتبعتها إيران ووكلاؤها منذ عام 2019 لتجنب المساءلة عن الهجمات على الأميركيين”.

ويضيف التحليل أيضا أن تبني الهجمات تحت اسم موحد “يشير بشدة إلى أن فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإسلامي الإيراني يجمع بين وكلائه المتعددين في المقاومة العراقية، الذين يميلون في الأحوال العادية إلى الجدال بشأن القيادة المحلية”.

وتشير الأدلة المتوافرة وفق تحليل المعهد الأميركي إلى أن “فيلق القدس” التابع لـ”الحرس الثوري” يؤدي دورا في تنسيق “المقاومة الإسلامية في العراق”.

كما تحرص الجماعات المسلحة العراقية بشدة على حماية هوياتها الفردية والفضل الذي يعود إليها في الهجمات (المباشرة أو عبر جماعات واجهة مرتبطة بها)، “لذا يشير استعدادها لإخفاء هذه الهويات، وحتى التراجع عن تبني هجوم منفَّذ على مستوى جماعة فردية، إلى أن سلطة عليا تتولى تنسيقها”، حسب “معهد واشنطن”.

“العراقيون في القيادة”
وقال البنتاغون، الأحد، إن 48 هجوما على الأقل استهدف القوات الأميركية في سوريا والعراق منذ 17 أكتوبر، مما أدى إلى إصابة 56 جنديا أميركيا على الأقل.

وبعد الضربة الثالثة، التي أعلن عنها الأحد، ترك وزير الدفاع الأميركي، لويد أوستن، الاثنين، الباب مفتوحا أمام احتمال شن المزيد من الضربات ضد الجماعات المرتبطة بإيران، إذا لم تتوقف الهجمات.

ويوضح عمر أبو ليلى وهو مدير شبكة “دير الزور 24” الإخبارية أن “ميليشيات حزب الله لها السيطرة الأكبر على معبر البوكمال والخط العسكري الذي يمر من خلاله الأفراد والأسلحة”.

ويتحدث لموقع “الحرة” عن 3 ميليشيات أخرى لها ثقل في شرق سوريا، كانت دخلت بقوة خلال الفترة الأخيرة هي: “فاطميون”، “زينبيون”، “لواء أبو الفضل العباس”.

“بعد حرب غزة أصبح نشاط الميليشيات في المنطقة أوسع، خاصة التابعة للحشد الشعبي، على رأسها النجباء وحزب الله”.

ويقول أبو ليلى إن “حركة النجباء باتت موجودة بقوة في شرق سوريا، وأدخلت مجموعات عدة إلى المنطقة خلال الأيام الماضية آخرها يوم الاثنين”.

ولعبت الحركة دورا بارزا إلى جانب “كتائب حزب الله” في الحرب السورية، خلال المعارك الكبرى في مدينة حلب عام 2015.

ويقودها أكرم الكعبي، الذي قال في نوفمبر 2015، إنه “سيستجيب لأي أمر صادر عن المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي، بما في ذلك الإطاحة بالحكومة العراقية أو القتال في أي حرب أجنبية”.

ويرى الباحث السوري أبو ليلى أن “تنفيذ الهجمات الحالية ضد القوات الأميركية يرتبط على نحو أكبر بالكتائب والميليشيات العراقية”، التي باتت تتحرك بشكل مكثف على جانبي الحدود، عند نقطة البوكمال.

وذلك لأنها “تلقت تدريبات كافية من الخبراء الإيرانيين، من أجل التعامل مع مثل هذه الأحداث. أي مواجهة أكبر قوة في العالم وهي أميركا”، وفق تعبير الباحث السوري.

Source الحرة
Comments

Sorry Comments are closed

    عاجل