باتت حبوب الكبتاغون التي تُعرف باسم “كوكايين الفقراء”، بمثابة المخدر المفضل بين الشباب في جميع أنحاء الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
يعود حظر الكبتاغون في معظم البلدان إلى عام 1986 مع منع شرائه أو بيعه في الصيدليات والأسواق الطبية، لكن في مطلع القرن الحالي، ظهرت نسخة غير مشروعة من حبوب الكبتاغون في أوروبا الشرقية والشرق الأوسط.
ما هو الكبتاغون؟
الكبتاغون هو عقار اصطناعي جرى تصنيعه في بداية الأمر في ألمانيا في مطلع ستينيات القرن الماضي لعلاج فرط الحركة وتشتت الانتباه. بيد أنه انتشر مؤخرا بين الشباب في الشرق الأوسط حيث يعد رفيق الحفلات الخاصة التي تنتشر في دول الخليج الثرية.
وتشير تقارير إلى أن المقاتلين والمسلحين المنخرطين في القتال بسوريا يستخدمون الكبتاغون عادة لتعزيز قدرتهم على القتال وتقليل أي شعور بالإرهاق والتعب.
يحتوي فينيثيلين، وهو الاسم العلمي لحبوب الكبتاغون، على مادة الأمفيتامين الاصطناعية المعززة والكافيين ومنشطات أخرى إلى جانب مادة “الثيوفيلين” التي تنشط المخ.
الإدمان على الكبتاغون؟
وآثار الكبتاغون على الجهاز العصبي مشابهة لما يتسبب فيه الأمفيتامين من تأثيرات حيث يحفز النشوة ويعمل على زيادة اليقظة والأداء البدني والعقلي، لكن تعاطيه المفرط يؤدي إلى تغييرات وظيفية في الدماغ ويتسبب في أمراض في القلب والأوعية الدموية فيما يمكن أن يؤدي إلى الإدمان.
وتكمن المشكلة الرئيسية في أن بعض حبوب الكبتاغون يتم إنتاجها في معامل غير قانونية فيما يتم زيادة كميات الفينثيلين في المخدر حتى أنه يُقال إن تركيبة الكبتاغون قد تختلف على مدار الأيام فضلا عن أن نقص البيانات يزيد من خطر احتواء هذه الحبوب على مواد كيميائية سامة.
أين يصنع الكبتاغون؟
أصبحت سوريا أكبر منتج ومصدر للكبتاغون في العقد الماضي حتى أشارت بعض التقارير إلى أنها أضحت بمثابة “دولة المخدرات” في الشرق الأوسط. وتشير بيانات الحكومة البريطانية إلى أن سوريا تنتج قرابة 80% من الإنتاج العالمي من الكبتاغون.
ارتفعت شعبية الكبتاغون بشكل كبير في سوريا بعد موجة الربيع العربي عام 2011 فيما كشفت تقارير استقصائية عن تسهيل صناعة الأدوية في المناطق السورية الخاضعة لنظام الأسد جميع مراحل إنتاج الكبتاغون وتهريبه.
ورغم ذلك، ينفي النظام السوري انخراطه في أي عمل منظم لتحقيق أرباح من وراء تجارة وصناعة مخدر الكبتاغون. بيد أنه في المقابل، قالت تقارير إن الكبتاغون أصبح شريان الحياة الاقتصادية للنظام السوري في ظل العقوبات الدولية الصارمة منذ عام 2011.
وفي هذا السياق، ذهبت تقديرات إلى أن قيمة تجارة مخدرات الكبتاغون في سوريا بلغت قرابة 5.7 مليار دولار عام 2021، فيما يتم تصدير المخدر في الغالب إلى العراق والأردن في الجوار السوري وإلى دول الخليج العربية.
ويُقال إن مليشيا “حزب الله” اللبناني يعد أيضا منتجا رئيسيا في تصنيع الكبتاغون.
إلى أين يتم تصدير الكبتاغون؟
أصبح الكبتاغون مصدر قلق كبير لدول الشرق الأوسط مثل الأردن والسعودية والإمارات. ورغم أن دول الجوار السوري سنت قوانين صارمة لمحاربة ومكافحة تهريب المخدرات والاتجار بها، إلا أن الكبتاغون ما زال يجري تهريبه بكميات كبيرة من سوريا ولبنان.
ويعد الأردن عنصرا رئيسيا في محاربة تجارة الكبتاغون حيث أعلن وزير الخارجية أيمن الصفدي في يوليو /تموز الماضي عن ضبط أكثر من 65 مليون حبة كبتاغون خلال العامين الماضيين.
أفادت تقارير بأن الجيش الأردني يطبق في حربه ضد الكبتاغون سياسة إطلاق النار بقصد القتل ضد شبكات تهريب المخدرات على طول حدوده مع سوريا.
وفي أغسطس/ آب العام الماضي، ضبطت السلطات في السعودية أكثر من 46 مليون حبة تم تهريبها في شحنة دقيق في ما اعتبرته “أكبر محاولة تهريب في عملية واحدة” لهذا النوع من المخدرات.
ونقلت وكالة الأنباء السعودية “واس” عن هيئة الزكاة والضريبة والجمارك في حينه أنها تمكنت من ضبط أكثر من “46,9 مليون قرص من مادة الإمفيتامين المخدر مخبأة داخل شحنة طحين” بعد وصولها إلى “الميناء الجاف في مدينة الرياض ونقلها إلى أحد المستودعات”.
وتعلن المملكة بانتظام عن مضبوطات حبوب الكبتاغون التي تأتي بشكل أساسي من سوريا ولبنان عبر شحنات، لا سيما الفواكه والخضر. وقالت الجمارك إنها ضبطت 119 مليون حبة عام 2021.
انتشار الكبتاغون خارج الشرق الأوسط؟
لا توجد إحصائيات موثوقة حول استخدام الكبتاغون عالميا فيما لاتزال دول عديدة في العالم غير حازمة حيال انتشار هذا المخدر على أراضيها رغم تزايد المخاوف من أن هذه الحبوب أصبحت تؤرق الكثير من الدول الأوروبية.
وفي ذلك، أشار تقرير صدر عن مركز المراقبة الأوروبي للمخدرات والإدمان إلى أن أوروبا يمكن أن تصبح منطقة عبور رئيسية للكبتاغون صوب الشرق الأوسط حيث أفادت تقارير بأن دول الاتحاد الأوروبي ضبطت حوالي 127 مليون قرص من حبوب الكبتاغون بين عامي 2018 و 2023 فيما بلغت أكبر عملية مصادرة للمواد المخدرة في أوروبا قرابة 84 مليون قرص في ساليرنو الإيطالية في عام 2020.
يُشار إلى أنه يتم تصنيع الكبتاغون في الاتحاد الأوروبي خاصة في مختبرات غير قانونية في هولندا حيث يتم الاعتماد في التصنيع بشكل كبير على مادة الأمفيتامين.
وفي هذا السياق، شدد مركز المراقبة الأوروبي للمخدرات والإدمان على الحاجة إلى تعزيز التنسيق بين دول التكتل لمحاربة عمليات تصنيع الكبتاغون والحيلولة دون أن يصبح الاتحاد الأوروبي نقطة عبور للكبتاغون إلى الشرق الأوسط.
Sorry Comments are closed