مع التقدم التكنولوجي، أصبح الذكاء الاصطناعي (AI) أحد أسرع تطوراته. فكرة الجهاز الذي يتعلم ويتخذ قرارات مستقلة قد تبدو مثيرة للاهتمام للغاية، ولكن كيف يعمل بالضبط؟
يتم تشغيل الذكاء الاصطناعي بواسطة مجموعة من الخوارزميات والبرامج التي تم تصميمها لمعالجة البيانات والتعلم من نتائجها. وتستخدم هذه الخوارزميات في تطوير العديد من التطبيقات المفيدة، مثل تحليل البيانات الكبيرة، وتحسين الأداء الصناعي، وتحسين الرعاية الصحية، وغير ذلك الكثير.
وعلى الرغم من فوائده الكبيرة، إلا أن الذكاء الاصطناعي لا يزال يعاني من بعض القيود والتحديات، ومن بينها القدرة على اتخاذ القرارات المعقدة بطريقة أخلاقية وذكية.
المقدمة أعلاه، ليست من صنع البشر، بل هي منتج الذكاء الاصطناعي. ببساطة طلب كاتب القصة من موقع Chat GPT، كتابة مقدمة باللغة العربية تناسب قصة تفسيرية تجيب عن السؤال: كيف يعمل الذكاء الاصطناعي؟
ما رأيك بأسلوب Chat GPT في الكتابة؟
لا شك أنها واضحة، وتحمل فكرة مكتملة، لكن ربما تفقتر إلى إبداعية السرد التي يتقنها البشر فقط، ولا يمكن للآلات والتقنيات بلوغها. هذا هو الذكاء الاصطناعي، يسبق البشر في أداء المهمات، لكنه يفتقد البصمة الإنسانية في كيفية التفكير.
فغالبا ما يمكن للذكاء الاصطناعي معالجة معلومات أكثر من البشر، لكن هذا لا يمتد إلى قدرتنا على التفكير بالقياس. ويعتبر هذا النوع من التفكير أعظم قوة للذكاء البشري. وبينما يمكن للبشر التفكير في حلول لمشاكل جديدة بناء على العلاقات مع المواقف المألوفة، فإن هذه القدرة غائبة فعليا في الذكاء الاصطناعي. وتلك خلاصة توصلت إليها، كلير ستيفنسون، الباحثة المهتمة في الذكاء والتفكير القياسي في الذكاء الاصطناعي، وذكاء الأطفال، وكيف يمكن أن يتعلم الاثنان من بعضهما البعض.
في الواقع، يصعب على كثير منا فهم الذكاء الاصطناعي من زاوية عمل الخوارزميات والتقنيات المعقدة، فهل يمكن التعرف على هذا العالم من زاوية أخرى؟
قصتنا تقترح طريقة مختلفة لتبسيط الأمر. لنجرب أن نقضي يوما عاديا ننجز فيه عادات وواجبات تعودنا عليها من دون أن يخطر ببالنا السؤال: من ساعدنا على إتمامها؟
لنبدأ الرحلة
حين تستيقظ صباحا، تحمل هاتفك الذكي، أيفون مثلا، لتجري جولتك الروتينية بين تطبيقاته. لكن هاتفك سيشترط إثبات هويتك كي يمنحك صلاحية الولوج إليه.
بالتأكيد أنت تستخدم (Face ID)، أي نظام التعرف على الوجه الذي صممته شركة أبل، ليسمح بإلغاء قفل الهاتف عبر المصادقة البيومترية على هويتك. هذه مهمة يقوم بها الذكاء الاصطناعي.
يمكن لـ (Face ID) رؤية وجهك بأبعاد ثلاثية، فهي تضيء وجهك، وتضع عليه 30 ألف نقطة غير مرئية من الأشعة تحت الحمراء، ثم تلتقط صورة.
في الخطوة الثانية تذهب صورتك للمعالجة عبر خوارزميات تقارن مسح وجهك بما هو مخزن من تفاصيل عنه، لتحديد ما إذا كان الشخص الذي يحاول فتح الهاتف هو أنت أم لا.
تخيل أن فرصة خداع هذه الخاصية هي واحد بالمليون، بحسب ما تقول شركة أبل. أي أنك قد تحاول اختراق هاتف شخص آخر عبر تقنية التعرف على الوجه، لكنك تحتاج إلى المحاولة مليون مرة كي تنجح مرة واحدة، وربما لن تحدث هذه المرة.
دخلت الآن إلى هاتفك، ستذهب أولا إلى تطبيقات التواصل الاجتماعي التي تفضلها. هنا يستعد الذكاء الاصطناعي لمهمة أخرى، فهو يعلم أنواع المنشورات التي تفضلها، ويجهز لك اقتراحات الأصدقاء، حتى أنه قد يحدد لك الأخبار المزيفة أو المشكوك فيها، ويساعدك في بعض الأحيان بشرح منشور ما، مثل إخبارك أن الحساب تابع لحكومة روسيا، أو أن منشورا عن وباء كورونا قد يترافق مع توضيح آلي يحميك من المعلومات المغلوطة.
لم تغادر فراشك بعد؟
حسنا، قد تقرأ رسالة بريد إلكتروني تحتاج إلى رد مستعجل. الذكاء الاصطناعي جاهز لمساعدتك. يقترح عليك صيغة أفضل للغة الرسالة، إنه يقوم بمهمات أخرى تساعدك على ترتيب أمور بريدك الإلكتروني.
وأنت تكتب الرسالة، هل لاحظت أن السطور تكتمل تلقائيا؟ أدوات الكتابة بالذكاء الاصطناعي (AI)، مثل WordHero، تساعدك على إكمال سطور الموضوع تلقائيا لرسائل البريد الإلكتروني، وليست هناك حاجة لإضاعة الوقت في التفكير فيما ستقوله.
سيقوم الذكاء الاصطناعي بالمهمة عبر إنشاء أفكار مختلفة تلقائيا بناء على بيانات مستلم الرسالة، والموضوع الذي تكتب فيه البريد الإلكتروني.
غادرت الفراش وبدأت يومك؟
بين العمل والشؤون الشخصية، أنت لا تستغني عن غوغل الذي تبحث فيه عن أشياء كثيرة. وفي اليوم تظهر لك إعلانات تحاكي حاجاتك، وما تحب من المنتجات. إنه الذكاء الاصطناعي.
قد تلجأ إلى أدوات المساعدين الصوتيين مثل Siri و Alexa إلى Google Home و Cortana. أنت تستخدم هنا الذكاء الاصطناعي.
الذكاء الاصطناعي مهم في طريقك للعمل، ستفحص خارطة غوغل لتعرف حركة المرور والازدحامات، كما أنك ستفحص الطقس، وربما أشياء أخرى يخدمك فيها الذكاء الاصطناعي.
الخدمات المصرفية التي تحتاجها مرتبطة بالذكاء الاصطناعي، هي لا تخطئ. كما أن سيارتك مزودة بأشياء كثيرة تتمتع بها وأنت تقودها، وربما لا تحتاج أن تقود السيارة إن كانت مزودة بذكاء اصطناعي للقيادة الذاتية.
إذا كان منزلك ذكيا، سيكون مزودا بمنظمات الحرارة الذكية مثل Nest التي تتعرف على تفضيلات التدفئة والتبريد والعادات اليومية لضبط درجة الحرارة، حسب رغبتنا في الوقت المناسب للعودة إلى المنزل.
هل عدت إلى المنزل؟ شعرت بالجوع ففتحت الثلاجة الذكية؟ هي تُنشئ لك قوائم بما تحتاجه بناء على ما لم يعد موجودا فيها، وتقدم توصيات لما يمكن أن يناسب مع عشاءك هذا اليوم.
بالطبع، سيستمر الذكاء الاصطناعي في خدمتك حتى تخلد إلى الفراش مرة أخرى. قبل أن تغمض علينك، ستأخذ جهاز التحكم بالتلفاز، وتستعرض تطبيق نتفلكس (NETFLIX)، الذي يقدم لك توصيات عبر الذكاء الاصطناعي لما يمكن أن تستمتع به قبل أن تخلد إلى نوم عميق.
تخيل نفسك من دون ذكاء اصطناعي
تنتظر في الصباح الجريدة لتقرأ عناوين عن أحداث الأمس، ثم تهرع إلى جهاز التحكم بالمكيف لتضبط الحرارة بشكل أفضل، ثم تخرج إلى العمل وأنت لا تعرف حال الطريق والطقس، مستخدما سيارة فقيرة بالتكنولوجيا تحتاج منك جهدا أكبر في التركيز والتعامل مع ظروف الطريق. كما ستنتظر نشرة أخبار الراديو لتحصل على بعض المعلومات المهمة.
ماذا لو كنت تحتاج إلى الوقوف في طوابير طويلة على شباك البنك، أو أنك تنتظر رسالة مهمة عبر الفاكس أو البريد العادي؟ قد تستغرق أياما. هل ستتحمل كل ذلك؟ خاصة إذا اكتشفت أنك ثلاجتك فارغة، أو أن حرارتها لم تناسب الطعام فأفسدته، في وقت أنت فيه بحاجة ماسة للطعام بعد يوم عمل طويل.
كيف يفهم الذكاء الاصطناعي ما نريد؟
إجابة هذا السؤل فيها الكثير من التفاصيل، لكن الفهم البسيط لفلسفة الذكاء الاصطناعي تشير إلى أنه نظام محسوب قادر على نمذجة السلوك البشري، بحيث يمكنه استخدام عمليات التفكير الشبيهة بالإنسان لحل المشكلات المعقدة. فكيف يحدث ذلك؟
تعمل أنظمة الذكاء الاصطناعي من خلال الجمع بين مجموعات كبيرة من البيانات وخوارزميات المعالجة الذكية للتعلم من الأنماط والميزات في البيانات التي يقوم بتحليلها.
هو نظام يتعلم في كل لحظة، لا يمل من التعلم، ولا يتعب من أداء المهمات وتحليل البيانات. في كل مرة يدير فيها نظام الذكاء الاصطناعي جولة من معالجة البيانات، فإنه يختبر ويقيس أداءه، ويطور خبرة إضافية يترجمها إلى أداء أفضل في محاكاة الإنسان.
ولأن الذكاء الاصطناعي لا يحتاج أبدا إلى استراحة، فإنه يمكن أن يمر عبر مئات أو آلاف أو حتى ملايين المهام بسرعة كبيرة للغاية، ويتعلم الكثير في وقت قصير جدا، ويصبح قادرا على فعل أي شيء يتم تدريبه على إنجازه.
المهم أن نتذكر أن فكرة عمل الذكاء الاصطناعي لا تقوم على مجرد تصميم برنامج أو تطبيق محوسب واحد، بل تخصص كامل، أو علم فيه الكثير من التشعبات التي تكون على شكل تقنيات مختلفة.
لنأخذ مثالا عن السيارات ذاتية القيادة، فهي مليئة بأجهزة استشعار تدون باستمرار كل ما يدور حول السيارة، وتستخدم الذكاء الاصطناعي لإجراء التعديلات الصحيحة.
تلك المستشعرات تلتقط آلاف نقاط البيانات في كل مللي ثانية، مثل سرعة السيارة، وظروف الطريق، وأماكن المشاة، وحركة المرور، وما إلى ذلك.
يفسر الذكاء الاصطناعي تلك البيانات الهائلة ويتصرف وفقا لذلك. كل ذلك العمل المعقد يتم في الوقت الذي تستغرقه عينك لترمش.
لكن كما هو حال مقدمة هذه القصة التي كتبها الذكاء الاصطناعي، لا تزال هناك عيوب يعاني منها الذكاء الاصطناعي. فكما كانت مقدمة هذه القصة بحاجة إلى تدخل إنساني يحسن مستوى الكتابة الإبداعية، فإن السيارة ذاتية القيادة بحاجة في بعض الأحيان لانتباه السائق في بعض المواقف. فالطريق لا يزال طويلا حتى نتمكن من منح الذكاء الاصطناعي الثقة في القيادة بشكل مستقل تماما. وهذا ما تتسابق الشركات لبلوغه في عالم السيارات الذكية.
لنأخذ مثالا أبسط من ذلك، لابد أنك تعرف عن شركة آي روبوت (iRobot Corporation)، التي أسسها عام 1990 ثلاثة علماء من مختبر الذكاء الاصطناعي التابع لمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، فقد صمموا روبوتات لاستكشاف الفضاء والدفاع العسكري. لكن المنتج الأكثر بساطة هو المكانس الكهربائية المنزلية (Roomba). كيف تعمل تلك المكانس الذكية؟
حين تأخذ المكنسة الذكية (Roomba) أمرا بتنظيف الغرفة، فإن الذكاء الاصطناعي يمسح حجم الغرفة، ويحدد العوائق، ويختار الطريقة الأكثر فعالية للتنظيف، حسب مستوى الاتساخ الذي قرأته المستشعرات. ثم يحدد مقدار ووقت التنظيف المطلوب لإتمام المهمة بناء على حجم الغرفة. كل ذلك يتم في ثوان معدودة، ومن دون تدخل بشري.
ما التقنيات التي تجعل ذلك ممكنا؟
كما ذكرنا، فإن الذكاء الاصطناعي لا يقوم على فكرة برنامج أو تطبيق، بل هو تخصص وعلم يستخدم تقنيات ومجالات تكنولوجية معقدة لإتمام المهمات التي تحاكي حياة البشر، وتقدم لهم الخدمات، كما في المثالين السابقين، السيارة ذاتية القيادة والمكنسة الذكية.
هناك العديد من المكونات المختلفة لنظام الذكاء الاصطناعي، والتي يمكن وصفها بأنها مجالات فرعية لعلم الذكاء الاصطناعي الشامل.
التعلم الآلي (Machine Learning)
كي تؤدي الأجهزة وظيفتها بشكل متقن، فهي بحاجة لأمرين: التعلم واكتساب الخبرة من التجربة. والتعلم الآلي يوفر هذين المتطلبين. فهو تطبيق محدد للذكاء الاصطناعي يسمح لأنظمة الحاسوب أو البرامج أو التطبيقات بالتعلم تلقائيا، وتطوير نتائج أفضل بناء على الخبرة. يسمح التعلم الآلي للذكاء الاصطناعي باستكشاف الأنماط والاتجاهات في البيانات، ويستفيد من ذلك كي يحسن نتائج أي مهمة يتم إسنادها إليه.
التعلم العميق (Deep Learning)
نوع محدد من التعلم الآلي يسمح للذكاء الاصطناعي بالتعلم والتحسين من خلال معالجة البيانات. والتعلم العميق يستخدم الشبكات العصبونية الاصطناعية، التي تحاكي الشبكات العصبية البيولوجية في الدماغ البشري لمعالجة المعلومات، وإيجاد روابط بين البيانات، والتوصل إلى استنتاجات، أو نتائج تستند إلى التعزيز الإيجابي والسلبي.
الشبكات العصبونية (Neural Networks)
هنا يمكن أن نعرف كيف يحاول الذكاء الاصطناعي محاكاة الإنسان، فالشبكة العصبونية تقلد نوعا ما الشبكة العصبية للدماغ البشري، وتحاكيها كي تتعلم منها. هذا الأمر يسمح باستيعاب مجموعات كبيرة من البيانات، وكشف الأنماط بين البيانات، والإجابة على الأسئلة المتعلقة بالمهمة المناطة بالذكاء الاصطناعي.
والشبكة العصبونية هي عملية يجري فيها تحليل مجموعات البيانات بشكل متكرر للعثور على ارتباطات وتفسير المعنى من البيانات غير المحددة.
الحوسبة المعرفية (Cognitive Computing)
هي مكون مهم آخر لأنظمة الذكاء الاصطناعي، ومهمته تقليد التفاعلات بين البشر والآلات، مما يسمح لنماذج الحاسوب بالتقاط الإشارات وتقليد الطريقة التي يعمل بها العقل البشري عند أداء مهمة معقدة، مثل تحليل النص أو الكلام أو الصور.
معالجة اللغة الطبيعية (Natural Language Processing)
لا يمكن للذكاء الاصطناعي أن يكون بهذا الشكل المبهر من دون اللغة التي يتكلم بها البشر. وتقنية معالجة اللغة الطبيعية جزء مهم من عملية الذكاء الاصطناعي، لأنها تسمح لأجهزة الحاسوب بالتعرف على اللغة البشرية وتحليلها وتفسيرها وفهمها، سواء كانت مكتوبة أو منطوقة.
ومعالجة اللغة الطبيعية أمر بالغ الأهمية لأي نظام يحركه الذكاء الاصطناعي، ويتفاعل مع البشر بطريقة ما، إما عن طريق النص أو المدخلات المنطوقة. تذكر مثلا الذكاء الاصطناعي في المساعدين الصوتيين مثل Siri و Alexa إلى Google Home و Cortana. اللغة الطبيعية المنطوقة لدى البشر عنصر مهم لهذه الخدمة.
الرؤية الحاسوبية (Computer Vision)
تماما كما تعمل العين البشرية وتتعاون مع الشبكة العصبية لتمرير البيانات إلى الدماغ لمعالجتها، وبالتالي فهم الصور أو المشاهد التي أمامنا، فإن الرؤية الحاسوبية تعمل بنفس الفلسفة.
وأحد الاستخدامات الكثيرة لتقنيات الذكاء الاصطناعي هي الرؤية الحاسوبية التي تعني القدرة على مراجعة محتوى الصورة وتفسيره عبر التعرف على الأنماط والتعلم العميق.
وتساعد الرؤية الحاسوبية أنظمة الذكاء الاصطناعي على تحديد مكونات البيانات المرئية.
لاحظ أن التقنيات الخمسة الأساسية التي تقف خلف فكرة الذكاء الاصطناعي مصصمة على أساس تقليد ومحاكاة العقل البشري والشبكة العصبية التي تربط أعضاء الجسم بالدماغ. هذا هو سر الذكاء الاصطناعي، يخدم الإنسان، لكنه يتعلم ويأخذ الخبرة منه.
والفرق أن الذكاء الاصطناعي يسبق الإنسان في إنجاز المهمة. وهذا ما يدفع الشركات للتفكير باستبدال الإنسان بأدوات روبوتية مجهزة بتقنيات الذكاء الاصطناعي، كي تعمل من دون كلل أو ملل، وتنفذ المهمات في وقت قياسي، لا يمكن للبشر بلوغه بطبيعتهم الفيسيولوجية.
عيوب ومخاطر تهدد البشر
رغم الكم الهائل من ميزات الذكاء الاصطناعي الذي سهل حياة البشر، إلا أن العيوب تحاصره، وتجعل من الصعب على البشر الثقة به بشكل كامل. بل يرى البعض أنه يهدد مستقبل البشرية.
قوة الحوسبة
الذكاء الاصطناعي يحتاج إلى إمكانيات تكنولوجية كبيرة، قد تكون مكلفة على الشركات الصغيرة والأفراد. وهذا يحد من إمكانية إنتشاره. إن مقدار الطاقة التي تستخدمها هذه الخوارزميات المتعطشة للطاقة هو عامل يبعد معظم المطورين عن فكرة الاستثمار في الذكاء الاصطناعي.
على سبيل المثال، التعلم الآلي والتعلم العميق هما حجر الأساس للذكاء الاصطناعي، لكنهما يتطلبان إمكانيات كبيرة للعمل بكفاءة.
مشكلة الثقة
السؤال الأهم الذي لن ينتهي النقاش حوله: هل تثق في الذكاء الاصطناعي؟ إن أحد أهم العوامل التي تسبب قلق البشر من الذكاء الاصطناعي، هو الطبيعة غير المعروفة لكيفية توقع نماذج التعلم الآلي والتعلم العميق للمخرجات. فكيف يمكن لمجموعة معينة من المدخلات أن تبتكر حلا لأنواع مختلفة من المشاكل يصعب فهمها بالنسبة للشخص العادي؟ وهذا يخلق مشكلة ثقة بين البشر والذكاء الاصطناعي.
كما ذكر لنا Chat GPT في المقدمة التي كتبها لهذه القصة، إن كثيرا من الناس لا يعرفون شيئا عن استخدام أو وجود الذكاء الاصطناعي، وكيف يتم دمجه في العناصر اليومية التي يتفاعلون معها، مثل الهواتف الذكية وأجهزة التلفزيون الذكية، والخدمات المصرفية، وحتى السيارات.
قادة عالم التكنولوجيا يأملون أن يكون الذكاء الاصطناعي بديلا أفضل من الأنظمة التقليدية في الشركات والسوق والحياة اليومية للبشر. لكن المشكلة الحقيقية هي معرفة البشر لماهية الذكاء الاصطناعي والثقة به. وبصرف النظر عن المتحمسين للتكنولوجيا وطلاب الجامعات والباحثين، لا يوجد سوى عدد محدود من الأشخاص الذين يدركون إمكانات الذكاء الاصطناعي.
الطابع البشري
هذه مشكلة معقدة رغم بساطة الفكرة. تخيل لو عرضت على طفل صورة كلب يجلس في حديقة أمام بركة ماء. وطلبت منه أن يصف لك ما في الصورة. سيكون من السهل على الطفل إخبارنا بما في الصورة وخلال ثوان معدودة.
يمكن للذكاء الاصطناعي القيام بذلك، لكن الفرق أن الطفل أدى المهمة بجهد لا يذكر وبأسلوب أكثر تأثيرا من الناحية الإنسانية. أما الذكاء الاصطناعي فقد أجرى عمليات معقدة بتكنولوجيا مكلفة كي يصل إلى نفس النتيجة.
ما مجال الخطأ في الحالتين؟ إن نسبة الاحتمال أن يخطئ الطفل في وصف الصورة هي 1 بالمئة، فيما نسبة احتمالية الخطأ في الذكاء الاصطناعي قد تكون أكبر بقليل.
لا تنظر إلى المثال بشكل حرفي، بل فكر في فلسفة الطرح الذي يشكل تحديا أبقى الباحثين والمطورين على أهبة الاستعداد لتطوير خدمات الذكاء الاصطناعي لتحاكي مستوى إبداع البشر.
وقد يفتخر مطورو الذكاء الاصطناعي بدقة تزيد عن 90 بالئمة، لكن يمكن للبشر أن يفعلوا ما هو أفضل في كل هذه السيناريوهات.
لمحاكاة القدرات البشرية، فإن الذكاء الاصطناعي يعتمد تقنيات التعلم العميق. وهذا يعني العمل على مجموعة بيانات كبيرة، وخوارزمية دقيقة ومحددة جيدا، إلى جانب قوة حوسبة قوية، وتدريب غير منقطع على البيانات واختبارها وتحليلها بشكل متكرر. يبدو أن هذا يتطلب الكثير من العمل، وهو في الواقع أصعب مما نتخيل.
الخصوصية
لا يمكن للتعلم العميق أن يقدم نتائج من دون بيانات، وهذه البيانات هي للأفراد والشركات. ولأن هذه البيانات مأخوذة من ملايين المستخدمين حول العالم، فهناك فرص لاستخدامها لأغراض سيئة تنتهك الخصوصية.
لكن مطوري الذكاء الاصطناعي يعملون على التغلب على هذا العيب عبر تدريبات للأنظمة على التعامل مع البيانات عبر الأجهزة الذكية لحماية الخصوصية.
ندرة البيانات
نظرا لأن الشركات الكبرى مثل Google و Facebook و Apple تواجه تحديات تتعلق بالاستخدام غير الأخلاقي لبيانات المستخدم التي تم إنشاؤها، فإن العديد من البلدان مثل الهند تستخدم قواعد تكنولوجيا معلومات صارمة لتقييد تدفق البيانات.
هذا الوقع يضع الشركات أمام مشكلة محدودية استخدام البيانات المحلية (ندرة البيانات) لتطوير التطبيقات للعالم. لكن يحاول المطورون تجاوز تلك المشكلة عبر ابتكار منهجيات جديدة وتركز على إنشاء نماذج ذكاء اصطناعي يمكن أن تعطي نتائج دقيقة على الرغم من ندرة البيانات.
البطالة
فكرة الأتمتة والذكاء الاصطناعي في أماكن العمل ترعب البشر. لأنها تفرض البطالة وتلغي فرص العمل. وهنا أسئلة تثار حول الوظائف التي سيتم استبدالها بالآلات في المستقبل.
يشير بعض الخبراء إلى أن التحولات المحتملة في الوظائف باتت وشيكة بحلول عام 2030 ، ويقدرون أن ما بين 75 مليون إلى 375 مليون عامل (3 إلى 14 في المئة من القوة العاملة العالمية) سيحتاجون إلى تبديل الوظائف، وتعلم مهارات جديدة.
انعدام الشفافية
كل العيوب التي يمكن ربطها بالذكاء الاصطناعي تؤدي إلى نتيجة واحدةـ وهي انعدام الشفافية. مثلا، يمكن أن تكون بيانات الإدخال التي يتدرب عليها الذكاء الاصطناعي مليئة بالأخطاء أو يتم تصنيفها بشكل سيء. فربما يختار مهندسو البيانات الذين دربوا النموذج عن غير قصد مجموعات بيانات متحيزة. وهذا يعني مشكلة في الشفافية.
الخوارزميات المتحيزة
قبل سنوات، استخدمت شركة أمازون الذكاء الاصطناعي في عملية التوظيف، وكانت مهمة الذكاء الاصطناعي تصنيف المرشحين من نجمة إلى خمس نجوم. تسببت البيانات التي تدرب عليها النظام في وقوع تمييز واضح ضد المرأة.
السبب في ذلك أن نماذج الحاسوب في أمازون تم تدريبها لفحص المتقدمين من خلال مراقبة الأنماط في السير الذاتية المقدمة إلى الشركة على مدى 10 سنوات، مفضلة بشكل فعال المرشحين الذكور، وتجاهل السير الذاتية التي تتضمن كلمة “امرأة”.
هذا التحيز تسبب به الذكاء الاصطناعي. إذ يمكن أن تؤدي عيوب التصميم أو البيانات الخاطئة وغير المتوازنة التي يتم إدخالها في الخوارزميات إلى برامج متحيزة.
هذا يعني أن الذكاء الاصطناعي يعيد إنتاج التحيز القائم على العرق والجنس والعمر الموجود بالفعل في المجتمع، ويزيد من عدم المساواة الاجتماعية والاقتصادية.
المعلومات المضللة
مع تقنية التزييف العميق والروبوتات عبر الإنترنت التي تنشر معلومات مضللة، قد يواجه المجتمع حدودا ضبابية بين الواقع والخيال، وهذا خطر حقيقي تسببه العيوب التي يعاني منها الذكاء الاصطناعي.
هيمنة شركات التكنولوجيا الكبرى
تهيمن شركات التكنولوجيا الكبرى على الذكاء الاصطناعي. منذ عام 2007 ، اشترت شركة غوغل ما لا يقل عن 30 شركة ذكاء اصطناعي تعمل في كل شيء.
لكن غوغل ليست الوحيدة التي تنافس على الهيمنة، ففي عام 2016 ، أنفقت غوغل وأبل وميتا ومايكروسوفت وأمازون ما يصل إلى 30 مليار دولار من إجمالي يقدر بنحو 39 مليار دولار على الأبحاث المتعلقة بالذكاء الاصطناعي والتطوير.
هذا الواقع يعني أن شركات التكنولوجيا الكبرى هي من سيحدد الاتجاه الذي تتخذه تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي. وقد يبقى الإنسان العادي منقوص المعرفة عن هذا العالم المعقد، وسريع التطور والتغير.
عذراً التعليقات مغلقة