الولايات المتحدة الأمريكية ومن خلفها الغرب، استطاعوا جميعاً إيقاع روسيا في المصيدة الأوكرانية، مستغلين داء العظمة والعقلية السادية التي أوهمت بوتين بقدرته على استعادة أمجاد الاتحاد السوفياتي سابقاً، فالرجل ربّما كان يظن أنَّ احتلال أوكرانيا تحصيل في متناول اليد وقد تكون أنظاره مسلطة إلى دول البلطيق ثم دول شرق أوروبا.
إنَّ المتابع للتصريحات الأمريكية قبيل انطلاق عملية الغزو الروسي لأوكرانيا قبل عام وبعد انطلاق عملية الغزو بـ 48، ومن خلال مقارنة بسيطة، يدرك الفخ الأمريكي الذي نُصب بذكاء لدب الكرملين، فمن الشعور بالقلق وطلب ضبط النفس والاكتفاء بنشر معلومات استخباراتية عن حشود القوات الروسية، انتقلت الأقوال الأمريكية إلى أفعال مزلزلة على الأرض، بدأت بإنزال أشد العقوبات الاقتصادية وفتح ترسانة السلاح الأكثر تطوراً في العالم أمام أوكرانيا التي رفعت سقف مطالبها في المفاوضات إلى انسحاب روسيا من شبه جزيرة القرم.
إنَّ الدعم العسكري المتكافئ من الدول الغربية لأوكرانيا يدل على منهجية وتخطيط مسبق لما يجري الآن، ففي الوقت التي أرسلت فيه ألمانيا مقاتلات حربية مذخرة بصواريخ جو_ جو إلى أوكرانيا، أعلنت بريطانيا عن فتح باب التطوع لمواطنيها للقتال إلى جانب الأوكران، أما هولندا فقد أعلنت عن إرسالها لشحنات من الصواريخ المضادة للطائرات، وتركيا قالت إنَّها ستغلق مضائقها البحرية في وجه السفن الحربية، فيما تبقي أمريكا سلاح الردع النووي في حالة تناسب إجراءات بوتين لذات السلاح.
اجتماع وإجماع عالمي على إنهاء روسيا وإغراقها في المستنقع الأوكراني من خلال عزلها سياسياً واقتصادياً ثم تفتيتها، فإحصائيات المقاطع الواردة من ساحات المواجهة في أوكرانيا والمتضمنة لعشرات الأرتال الروسية التي حولها سلاح أوروبا إلى أنقاض وحجم الخسائر البشرية الذي تجاوز الخمسة آلاف قتيل إضافة إلى إسقاط ما يزيد عن خمسين طائرة مقاتلة ومروحية خلال خمسة أيام، يدل على إصرار الغرب في تخطيطه على تحطيم روسيا لسنوات قادمة.
موسكو أدركت حجم تورطها بعد عام من غزو قواتها ومرتزقتها لأوكرانيا ولكن لم يعد أمامها سبل تخرجها من ورطتها، فالخطة الأمريكية الغربية المحكمة جعلت موسكو أمام خيارين إما الانسحاب بشروط أوكرانيا التي هي أساساً شروط الغرب والولايات المتحدة الأمريكية وتكون بذلك قد سجلت بالتاريخ هزيمة روسيا على يد الأوكران، أو المضي قدماً في حربها حتى نهايتها.
Sorry Comments are closed