النجاة مما لا يمكن النجاة منه

وليد أبو همام19 فبراير 2023آخر تحديث :
وليد أبو همام

بعد الآن لن يكون هناك كلمات تعبر عن آلام الشعب السوري، بعد الآن لن يستطيع أحد مواساة الشعب في محنته، سيكون على السوريين وحدهم مواجهة ما حصل وما سيحصل، بعد الآن سيكون الوجع الوحيد هو انتظار الموت.
من كان يتوقع أن يموت كل هؤلاء الذين نجوا من القصف والطائرات والمجازر بالزلزال؟ لم يكن مجرد زلزال ألحق أضرارًا واسعة النطاق بالمباني والبنية التحتية، وأسفر عن سقوط آلاف القتلى والجرحى وتشريد الآلاف، بل ترك آثارا على السكان يصعب محوها وجعلهم يكافحون للتعامل مع الوضع الإنساني الصعب الذي يواجهونه الآن.

وقع الزلزال في وقت كانت فيه المنطقة تكافح بالفعل عواقب سنوات من الموت والنزوح، لم يكن حال الناس جيدا قبل هذه الكارثة إنما كان الناس في مرحلة الكفاح لتلبية احتياجاتها الأساسية وكانت بالفعل في حالة ضعف قبل وقوع هذه الكارثة. لقد أدى الزلزال الآن إلى تفاقم الوضع الإنساني المتردي في المنطقة، وأصبح عدد هائل من السكان بين ليلة وضحاها دون مأوى.

في أعقاب الزلزال مباشرة، بدأت عمليات الإنقاذ والإغاثة للبحث عن ناجين ولتقديم المساعدة الطارئة للمحتاجين، على الرغم من جهود السلطات المحلية والمنظمات الإنسانية، فقد طغى حجم الكارثة على الموارد المتاحة، ولا يزال الأمل يتلاشى شيئاً فشيئاً عن تقديم ادنى مقومات الحياة.

لقد أدى تدمير البيوت وخاصة في مناطق الشمال الغربي من سورية إلى حرمان الكثير من الناس الاحتماء من البرد القارس في وقت تصل فيه درجات الحرارة الى أدنى من الصفر والوصول إلى الخدمات الأساسية، وقد أدى ذلك إلى خلق حالة يرثى لها، خاصة لمن أصيبوا ويحتاجون إلى رعاية طبية، وما يزيد الوضع سوءاً هو عدم قدرة المستشفيات في المنطقة على استقبال الأعداد الكبيرة من المصابين، بالإضافة لنقص في المستلزمات الطبية والمعدات اللازمة لعلاج الجرحى، الوضع كارثي بشكل خاص للنساء والأطفال الذين هم من بين أكثر الفئات ضعفا في أعقاب الزلزال.

بالإضافة إلى الأضرار المادية التي سببها الزلزال، كان للكارثة تأثير نفسي عميق على السكان، لقد أصيب الكثير من الأشخاص بصدمات نفسية من هذه التجربة، وحالة الذهول التي تبدو على الناس قد تتفاقم مسببة آثاراً نفسية قد لا يحتملها البعض، وقد تكون فوق قدرة العقل البشري على متابعة الحياة بشكل طبيعي.
ربما ترك الزلزال أثراً من الدمار يمكن إصلاحه في المستقبل، ولكن الأكيد أن الكارثة فوق احتمال البشر، وفقدان أحد أفراد العائلة أو من نجا منهم من القتل في السنوات السابقة سيزيد المأساة أكثر فأكثر.
وفقدان الكثير من الناس منازلهم وسبل عيشهم سيزيد من بؤس الناس الذين هم في الأساس يحتاجون العون، وسيكون مستقبل هؤلاء مجهولاً. وسيكون من الصعب عليهم الوقوف على أقدامهم مرة أخرى.
أبسط ما يجب على المجتمع الدولي القيام به هو الاستجابة بسرعة لتقديم الدعم للمتضررين ومساعدتهم على التعافي من هذه الكارثة المدمرة وموارد لمساعدة السكان على متابعة حياتهم.

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

    عاجل