أعلنت منظمة حظر الأسلحة الكيميائية (IIT)، الجمعة، أنَّ فريق التحقيق التابع لها أنهى التقرير الثالث له عن سوريا، وأكد بالاستناد إلى أسباب معقولة، مسؤولية نظام الأسد عن استهداف مدينة دوما بريف دمشق بالسلاح الكيماوي في 7 نيسان/أبريل 2018.
وقال المدير العام لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية، السفير فرناندو أرياس في التقرير: “إنَّ استخدام الأسلحة الكيميائية في دوما – وفي أي مكان – غير مقبول وخرق للقانون الدولي”.
وأضاف أرياس: “إنَّ العالم يعرف الآن الحقائق – الأمر متروك للمجتمع الدولي لاتخاذ الإجراءات، في منظمة حظر الأسلحة الكيميائية وخارجها”.
إدانة قوية للنظام
وفي هذا السياق، أكد مدير “الشبكة السورية لحقوق الإنسان”، فضل عبد الغني، أنَّ هذا التقرير المكون من 136 صفحة يعتبر “وثيقة تاريخية تشكل إدانة قوية للنظام الأسدي المتوحش ولحليفه الروسي الذي بذل جهوداً جبارة لعرقلة التحقيق وترهيب الشهود”.
ويقول عبد الغني في تصريح لشبكة “آرام”: إنَّ التقرير يستند إلى منهجية مركبة وصارمة، وإلى كم ضخم من الأدلة وإمكانيات مخبرية لا تمتلكها سوى قلة من الدول، ورسمت المنهجية سيناريوهات متعددة خلصت من خلالها إلى النتيجة التي وصل إليها التقرير.
ويشير إلى أنَّ الشبكة السورية ساهمت في هذا التقرير عبر التزويد بكم كبير وحساس من الأدلة والبيانات والشهود، ومن خلال اجتماعات ثنائية مع المحققين في فريق التحقيق وتحديد المسؤولية في منظمة حظر الأسلحة الكيميائية.
ويرى عبد الغني، أنَّ صدور التقرير تأخر، لأسباب لوجستية ولتحقيق أعلى مستوى من الدقة، مضيفاً: “يجب أن نبني على هذا التقرير والتقارير السابقة للمطالبة باستحالة قبول التطبيع أو بقاء نظام الأسدي البربري”.
أهمية تقارير المنظمة
وبدوره، المحامي عبد الناصر حوشان، يؤكد لـ”آرام” أنَّ أهمية التقارير الثلاثة الصادرة عن منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، تأتي بإثبات مسؤوليّة النظام وعلى رأسه بشار أسد باستهداف المدنيين بالسلاح الكيماوي، كما أنّه يسقط المهلة الممنوحة للنظام للإجابة عن المسألة العالقة الخاصّة ببيان مصير الأسطوانتين المستخدمتين في استهداف دوما والتي ادّعى النظام تلفهما نتيجة استهداف اسرائيل موقع تخزينهما.
ويضيف المحامي، أنَّ مجلس الأمن الدولي يتوجّب عليه تفعيل المادة 21 من القرار 2118 لعام 2013 والمادة 7 من القرار 2209 لعام 2015، واتخاذ اجراءات بحقّ النظام تحت الفصل السابع، وذلك بعد هذا التقرير الذي سبقه تقرير استخدام السارين في استهداف مستشفى اللطامنة الجراحي شمال حماة، وتقرير استخدام السلاح الكيماوي في مدينة سراقب شرق إدلب.
من جانبها، منظمة الدفاع المدني السوري، أكدت في صفحتها على فيسبوك، أنَّها استجابت حينها لهجوم دوما، وأسعفت المصابين، ووثقت فرقها المختصة الأدلة وجمعت العينات وفق أعلى درجات المهنية وقدمتها لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية.
ويؤكد مدير “الخوذ البيضاء” رائد الصالح، على مواصلة فرق المنظمة العمل لتقديم جميع الأدلة حول الهجمات الكيميائية التي تعرّض لها المدنيون في سوريا، والسعي حتى تتحقق العدالة لجميع الضحايا، وضمان عدم استخدام السلاح الكيميائي مستقبلاً.
يشار إلى أنَّ تقرير المنظمة الكيميائية، أكد أنَّ طائرة هليكوبتر تابعة لميليشيا “قوات النمر” التابعة للنظام، أسقطت أسطوانتين صفراء اللون تحتويان على غاز الكلور السام على بنائين سكنيين في منطقة مأهولة بمدينة دوما، ما أسفر عن مقتل 43 شخصاً وإصابة العشرات بحالات اختناق.
وقام الفريق العامل الدولي بتقييم الأدلة المادية التي تم جمعها وتقديمها من قبل خبراء منظمة حظر الأسلحة الكيميائية والدول الأطراف والكيانات الأخرى، وتضمنت 70 عينة بيئية وطبية حيوية، و66 إفادة شهود وغيرها من البيانات التي تم التحقق منها، مثل تحليل الطب الشرعي، وصور الأقمار الصناعية، ونمذجة تشتت الغاز، ومحاكاة المسار، وتم فحص الأدلة من قبل محققي “IIT” والمحللين والعديد من الخبراء الخارجيين المستقلين.
وحسب التقرير، فإنَّ الفريق المستقل نظر في مجموعة من السيناريوهات المحتملة واختبر صحتها مقابل الأدلة التي جمعوها وحللوها للتوصل إلى استنتاجهم: أنَّ “القوات الجوية العربية السورية هي مرتكبة هذا الهجوم”، على أساس “أسباب معقولة”، وهو معيار الإثبات الذي تعتمده باستمرار هيئات تقصي الحقائق ولجان التحقيق الدولية. فيما أجرى معهد المعلومات والاتصالات تحقيقه بين يناير 2021 وديسمبر 2022.
يذكر أنَّ التوقيع على اتفاقية الأسلحة الكيميائية تم قبل 30 عاماً، وهي تمثل التزاماً ملزماً قانوناً لـ 193 دولة طرفاً بحظر الأسلحة الكيميائية. ومُنحت الأمانة الفنية للمنظمة تفويضاً من قبل مؤتمر الدول الأطراف في يونيو 2018 لتحديد مرتكبي استخدام الأسلحة الكيميائية في سوريا.
وسبق أن أكدت منظمة حظر الأسلحة الكيميائية مطلع مارس/ آذار 2019 استخدام الأسد الأسلحة الكيماوية في دوما، غير أنَّ المحاكم الدولية لا تزال غير قادرة على محاكمة النظام الذي ارتكب جرائم حرب، وذلك لأنَّ سوريا ليست عضواً بالمحكمة الجنائية الدولية وبسبب حماية روسيا والصين لنظام الأسد واستخدامهما حق النقض (الفيتو) لصالح الأسد 16 مرة خلال اجتماعات مجلس الأمن منها 6 مرات في جلسات مخصصة لمناقشة هجمات الأسلحة الكيماوية.
عذراً التعليقات مغلقة